النهار: سليمان يحرّك المسار السياسي بحوار حزيران و14 آذار تشترط حكومة حيادية أولاً

التقط الوضع الداخلي أمس أنفاسه مع انحسار ملحوظ لموجة الفلتان الأمني التي كان آخر فصولها "معركة كاراكس" التي أسفرت فجر امس عن دهم الجيش مجموعة مسلحة.
وتميّزت الساعات الاخيرة بمواقف اعادت النصاب الى "المسار السياسي"، وشكلت الذكرى الرابعة لانتخاب رئيس الجمهورية ميشال سليمان مناسبة لتفعيل هذا المسار عبر المواقف التي اتخذها في مقابلة اجراها معه الزميل مارسيل غانم في برنامج "كلام الناس" من "المؤسسة اللبنانية للارسال"، علماً ان مواقف بارزة أخرى سبقت هذه المقابلة أطلقتها قوى 14 آذار وتمثل أبرزها في دعوتها الى اسقاط الحكومة وتأليف "حكومة انقاذية حيادية" شرطاً لحوار بادر الرئيس سليمان لاحقاً الى الدعوة اليه. اما الركن الثالث لهذه المواقف فينتظر ان يصدر اليوم في كلمة يلقيها بعد الظهر الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في مهرجان يقيمه الحزب في بنت جبيل في الذكرى الثانية عشرة للتحرير.

ولعل أبرز المواقف التي اتخذها الرئيس سليمان جاء في تحديده المفاجئ لموعد احياء الحوار الوطني في قصر بعبدا في الاسبوع الثاني من حزيران المقبل. واذ حرص على ان يطمئن الى ان "لا أفق سياسياً للارتدادات التي تحصل على لبنان" وان "لنبان لن يكون ساحة لصراع الآخرين"، أعلن أنه وضع برنامجاً واضحاً للحوار لمعالجة الاستراتيجية الدفاعية "ومعالجة مسألة السلاح من ثلاثة جوانب سلاح المقاومة للافادة منه ايجاباً وتنفيذ قرارات الحوار السابقة لجهة نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها ونزع السلاح المنتشر في المدن والبلدات". وكشف انه سيوجه رسائل خطية في اليومين المقبلين "لتلبية الدعوة الى الحوار في الاسبوع الثاني من حزيران ومن له اعتراض فليقدمه في الجلسة الاولى". وتعليقاً على اشتراط قوى 14 آذار رحيل الحكومة وتأليف حكومة حيادية قبل الحوار أمل من هذه القوى تلبية الدعوة "من دون شروط" وقال ان "على المعنيين ان يسرعوا في تلبية دعوتي لئلا يجدوا أنفسهم لا سمح الله مضطرين الى الحضور قسراً"، معتبراً انه "لا يمكن الربط بين موضوع الحكومة والحوار". وشدد سليمان على ان "لبنان ليس مقراً لتهريب الاموال وتصديرها الى سوريا وليس مقراً للقاعدة"، ورأى ان "المستقبل الآتي في لبنان آمن وواعد ولكن على الجميع ان يحصّنوا الأمن"، منوهاً بدور الجيش "الذي لا تؤثر الاضطرابات على هيبته". وتمنى على الرئيس سعد الحريري ان يعود الى لبنان "ليلعب دوره الفاعل من داخل لبنان"، وقال: "على المسؤولين التعاون في وجه الاضطرابات والآن هو الوقت المناسب للاجتماع والتحاور".

وتناول سليمان مجموعة ملفات داخلية من التعيينات الى الملف المالي الى قانون الانتخاب وقال رداً على سؤال: "من يعتقد ان انتخابي كان غير دستوري أتمنى عليه ان يقدم اقتراحاً لتقصير ولايتي وأنا شخصياً حين اجد ان وجودي مؤذ للبلد سأتقدم بمشروع اقتراح لتقصير ولايتي". وأكد انه لن يتخلى عن النسبية في قانون الانتخاب ولا عن اجراء الانتخابات في موعدها.
14 آذار
ومع ان وفداً من قوى 14 آذار سيقوم بزيارة قريبة لقصر بعبدا لتسليم الرئيس سليمان نص المبادرة التي تمخض عنها اجتماع هذه القوى امس، قالت مصادر بارزة في هذه القوى لـ"النهار" ان موقفها من الدعوة الرئاسية الى الحوار لن يتغير ومن غير الوارد الدخول في حوار في ظل بقاء الحكومة الحالية. علماً ان لهذه القوى مآخذ أساسية على طريقة توسيع طاولة الحوار الذي توقف بعد الانقلاب على الحكومة السابقة. واوضحت ان قوى 14 آذار اشترطت اسقاط الحكومة وتأليف حكومة حيادية من أجل العبور الى الحوار.
وكانت قوى 14 آذار وجهت عقب اجتماع قياداتها بعد ظهر أمس في بيت الوسط "نداء الى اللبنانيين" دعت فيه الى رحيل الحكومة وتأليف "حكومة انقاذية محايدة تواكب رئيس الجمهورية في استكمال الحوار في شأن السلاح كل السلاح وتستكمل تنفيذ ما اتفق عليه سابقا على طاولة الحوار الوطني وتشرف على انتخابات نيابية نزيهة وشفافة" كما حضت على "تشكيل شبكة أمان وطنية من كل المخلصين في كل المناطق والبيئات الطائفية والمذهبية عنوانها منع تجديد الحرب الاهلية وبناء سلام لبنان الدائم". واعتبرت ان "النظام السوري قرر في مرحلة انهياره ان يهدم الهيكل على رؤوس الجميع فيصدّر أزمته الى لبنان بمشروع حرب أهلية".
واتهمت الحكومة القائمة "بتغطية المؤامرة والتواطؤ وعدم القدرة على تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية". وشددت على "أننا لن نسمح بانزلاق لبنان الى حرب أهلية"، موضحة أنها ستتوجه في القريب العاجل الى رئيس الجمهورية "بمبادرة للتصدي للمؤامرة على لبنان" حددت أسسا لها أبرزها "التمسك بمشروع الدولة والمؤسسات الرسمية وبميثاق الطائف، وحكومة انقاذية حيادية، واستكمال الحوار في شأن السلاح، كل السلاح الخارج عن القوى الشرعية النظامية، وتأكيد دور الجيش وابعاد لبنان عن سياسة المحاور".
وأوضحت مصادر بارزة في قوى 14 آذار لـ"النهار" ان التحضير للاجتماع بدأ منذ نحو ثلاثة أسايبع "عندما تبين ان النظام السوري قرر أن سياسة النأي بالنفس في لبنان قد انتهت وأن هذا النظام يحضر شيئا للبنان. ثم جاء انفجار طرابلس وطرح رئيس مجلس النواب نبيه بري موضوع الحوار على أساس الوضع في طرابلس ليبين ان ثمة مخططا لتصوير الشمال كأنه في أيدي الارهابيين وتنظيم القاعدة ودفع اللبنانيين الى حوار مجتزأ". وأضافت ان رسالة المندوب السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري الى الامم المتحدة "جاءت بمثابة النقطة الحاسمة التي أكدت ضرورة التوجه الى اسقاط الحكومة بعدما تبين أنها تابعة تماما للنظام السوري بسبب عجزها عن صوغ رد رسمي على هذه الرسالة".
وأفادت المصادر نفسها ان قوى 14 آذار كانت تزمع سابقا طرح رحيل الحكومة في الخريف المقبل والاتيان بحكومة تشرف على اجراء الانتخابات، لكن رسالة الجعفري "أطلقت صفارة الانطلاق للعمل على اسقاطها وجرى التحضير لاجتماع بيت الوسط أمس تباعا ببيان لكتلة نواب بيروت ثم باقتراحات للرئيس فؤاد السنيورة أدرجت في بيان دار الفتوى وأخيرا ببيان لكتلة المستقبل". وعلم ان لجنة لصياغة البيان ضمت النواب مروان حماده وجورج عدوان ونهاد المشنوق ونائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي ومستشاري الرئيس سعد الحريري محمد شطح وهاني حمود أجرت مشاورات واسعة مع قادة قوى 14 آذار.

معركة كاراكاس
على الصعيد الامني، أسفرت عملية الدهم التي نفذها الجيش صباح امس لمجموعة مسلحة في محلة كاراكاس بعد معركة استمرت زهاء ثماني ساعات عن قتل مسلح سوري وتوقيف آخر تبين أنه الفلسطيني هاني الشنطي الذي سجن مع أفراد المجموعة المسماة "مجموعة الـ13" في ملف متصل باغتيال الرئيس رفيق الحريري. وإذ تبين ان خلافات واطلاق نار حصلت بين أفراد المجموعة قبل اشتباكها مع الجيش كشف مصدر عسكري لـ"النهار" ان مسلحين من المجموعة عمدا الى اطلاق النار في اتجاه مركز للحزب السوري القومي الاجتماعي وفي الوقت نفسه في اتجاه مركز لـ"تيار المستقبل" بقصد افتعال صدام بين الفريقين. وأوضح ان المجموعة كانت تمتلك مخزونا وفيرا من الاسلحة وأحصى الجيش اكثر من 400 طلقة أطلقت في اتجاهه عدا القنابل اليدوية. وعملت وحدة الجيش التي دهمت الشقة التي كان يتحصن فيها المسلحون على تضييق الخناق على هؤلاء الى ان تمكنت من الاطباق عليهم. وتردد ان بين المضبوطات هاتفا خليويا وجرى تفريغ بعض الرسائل القصيرة التي بينت معلومات عن تحويل أموال بالعملة الاميركية وصور لأنواع من البنادق الآلية وغيرها.  

السابق
حَمَلَة الكلاشينكوف هل يترحّمون على حمَلَة الأراكيل؟
التالي
لماذا ضَرْب الجيش بالسُنّة؟