عنف وغباء أمام عين الكاميرا

نائب قائد لواء الغور، المقدم شالوم أيزنر، الذي التقطت له صورا وهو يضرب ببندقيته نشيطا يساريا في وجهه، سينحى من منصبه. فقد أعلن الجيش الاسرائيلي أمس (الاول) عن تجميد الضابط وشجب رئيس الاركان العنف. نهاية القصة معروفة لكل من يتابع تطور فضائح من هذا النوع. آيزنر سيعاقب على جريمتين: على عنف مبالغ فيه وبقدر لا يقل عن ذلك – على غباء ظاهر.

تصوير الفيديو الذي بدا فيه آيزنر يضرب ببندقية ام 16 وجه النشيط الاجنبي نشر أمس (الاول) في توقيت حرج على نحو خاص من ناحية اسرائيل، بعد لحظة من تضخيم الرحلة الجوية التضامنية مع الفلسطينيين الى حجوم دراماتيكية من قبل وزير الامن الداخلي، والتي انتهت كما كان متوقعا بصوت هزيل. مئات من أفراد الشرطة ممن احتشدوا لغير حاجة في مطار بن غوريون، امتنعوا عن استخدام العنف ولم يوفروا لمنظمي الاحتجاج الصور التي كانت كفيلة بأن تخدم مصلحتهم. وعندها جاء المقدم آيزنر وأنقذ للمنظمات المؤيدة للفلسطينيين يومهم. اذا كانت قنوات التلفاز الاسرائيلية قد بثت أمس (الاول) صور الحدث في بداية نشراتها الاخبارية وهي تبث المرة تلو الاخرى لحظة الخبطة، يمكن ان نفترض كيف سترد على ذلك قنوات اجنبية (على فرض، بالطبع، انها تفرغت للحظة من تغطية المذبحة اليومية في حمص). ولا غرو ان حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سارع أمس (الاول) الى نشر بيان شجب لعنف نائب قائد اللواء.

عنف، بهذا المستوى أو ذاك، هو موضوع شبه عادي في اثناء تفريق التظاهرات في المناطق – احيانا تجاه رجال اليمين وبالتأكيد تجاه الفلسطينيين ومؤيديهم. المفاجئ قليلا هو كيف يتورط في ذلك المرة تلو الاخرى ضباط كبار جدا، خلافا للسياسة المعلنة للجيش الاسرائيلي. ليس واضحا ايضا كيف ان أكثر من 11 سنة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، لا يأخذ هؤلاء الضباط بالحسبان حقيقة أنه يكاد يكون في كل حدث كهذا يتواجد لا يقل عن نشيط واحد مع كاميرا فيديو. قبل بضع سنوات التقطت صور لمقدم في المدرعات ينطح بخوذته متظاهرا قرب جدار الفصل. الضابط جمد بل ومنذئذ رفع في رتبته بالذات.

بعد ذلك وقع الحدث الذي في أعقابه نحي (وحوكم في اجراء قضائي جنائي) قائد كتيبة المدرعات الذي التقطت له صور وهو يأمر جندي تحت إمرته بأن يطلق عيارا مطاطيا على متظاهر كان ملقى به مكبلا. آيزنر يتواجد في صحبة طيبة.
فضلا عن الامر الاخلاقي والآثار الدعائية، تنكشف هنا البطن الطرية للجيش الاسرائيلي في غور الاردن. مكان الحدث، بين أريحا وقرية العوجا، البعيدة نسبيا عن نقاط شرطة، في معاليه افرايم وفي معاليه ادوميم. قبل نحو سنتين، بعد حادثة التقطت فيها الصور (مرة اخرى) لجنود احتياط يضربون صحفيين سعوا الى تغطية تظاهرة اليمين، جرى تحقيق داخلي في الجيش. وتقرر في التحقيق بأنه في ظل غياب أفراد الشرطة، على القوات في الميدان ممن يملكون صلاحيات أقل وتجربة أقل في معالجة شؤون المدنيين «ان يجمدوا الوضع» الى ان تصل الشرطة فيمنعوا مزيدا من التدهور. الدروس لم تطبق هذه المرة. وحتى لو حصلنا على تفسيرات من الجيش بموجبها أراد النشطاء ان يغلقوا حركة السير الاسرائيلية على طريق الغور، من الصعب ان نفهم لماذا تعتبر القوة الميدانية 200 راكب دراجة خطرا يبرر مثل هذه العربدة.

في هذه الدراما الصغيرة، التي وقعت الكثير مثلها في الماضي، كل طرف يؤدي دوره. المذيعون يعربون عن الصدمة، الجيش الاسرائيلي يشجب ويحقق، تلاميذ كهانا في الكنيست (الذين لم يتردد رفاقهم في خبط الضباط في مناسبات اخرى) يسندون نائب قائد اللواء موجه الضربة. لشدة الأسف، المرحلة التالية معروفة مسبقا: في اليمين سيسارعون الى مهاجمة قائد المنطقة الوسطى، نتسان الون، حين سيقرر هذا تنحية نائب قائد اللواء وسيذكرون الادعاءات «بيسارية» اللواء المزعومة. ولكن ليس لالون هنا أي مفر. مثله بالضبط كان سيتصرف على ما يبدو كل قائد منطقة آخر.

السابق
الفشل الكوري الشمالي
التالي
رئيس فريق المراقبين في سوريا: المهمة صعبة