تركيا في المأزق السوري

رفعت تركيا وتيرة استعداداتها العسكرية على الحدود مع سوريا مع أمر اليوم العسكري الذي يدعو الجنود الأتراك الى وضع اليد على الزناد من دون إطلاق النار ما لم يتعرضوا مباشرة الى النيران.
وقد نقلت صحيفة «راديكال» إبلاغ العسكريين أمر التأهب الأقصى بعد جرح العديد من اللاجئين السوريين واثنين من الأتراك داخل مخيم كيليس من البيوت الجاهزة. وقالت الصحيفة إن أمراً صدر بمنع دخول أي مسلح سوري هارب من الأراضي السورية الى داخل تركيا بسلاحه على أن يؤخذ منه فور دخوله. كما أن وصول النيران الى المخيم دفع بأعداد كبيرة من لاجئيه الى الفرار منه رغم تطمينات السلطات التركية.

وقال نائب رئيس الوزراء التركي بشير أطالاي إنه وفقاً لتقارير استخبارية فقد بلغ عدد القتلى في الحادث الذي وقع أول أمس على الحدود مع سوريا 130 شخصاً. وتابع قائلا «إن المواطنين السوريين الذين يحتمون في تركيا يتمتعون بالحماية والأمن، ولن نسمح بأن يطلق النار عليهم بعدما عبروا إلى داخل تركيا». وأضاف أطالاي إن بلاده سترد على أي تطور مثل هذا خاصة أن تركيا تواجه مثل هذا الحادث لأول مرة على حدودها. وأكد أن «التدخل المسلح عبر الحدود هو مؤشر خطير للغاية»، مشيراً إلى أن «تركيا لا تريد أن تتصرف بصورة منفردة، ولكن من خلال عمل مشترك مع المجتمع الدولي»، لافتاً إلى أن «الإدارة السورية لم تلتزم تماماً بخطة أنان».

وأشار إلى أنه في حال عدم تطبيق الخطة، فإن «مجلس الأمن الدولي لن يكون له أي عذر بعد ذلك، ويكون من الصعب عندها استخدام حق النقض ضد أي قرار يصدر».
وأوضح نائب رئيس الوزراء التركي أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا وصل إلى 24 ألفا و500 مواطن سوري حتى الآن، مشدداً على أن «تركيا لن تتركهم يواجهون مصيرهم بمفردهم».
في هذا الوقت ذكرت صحيفة «ميللييت» أن وزير الخارجية احمد داود اوغلو أبلغ نظيره الروسي تطمينات بأن تركيا لن تتخذ خطوات من جانب واحد تجاه سوريا. وهذا يتعارض مع كلام رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان عن ان تركيا ستقوم بما يلزم رداً على انتهاكات سوريا للحدود مع سوريا واطلاق النار في اتجاه مخيم كيليس. وقال «ان الشعب السوري ينظر الينا كمحرر. وهو لا يهرب بإرادته ولو أغلقنا الحدود أمام الهاربين لتحولوا الى خبز محمّص (توست)».
بموازاة ذلك تتسع اجتهادات الأتراك حول امكانية التحرك العسكري المنفرد من دون قرار دولي.

وفي هذا الاطار تحدثت صحيفة «ميللييت» عن احتمالين. الأول امكانية استفادة تركيا مما سمته وجود مادة سرية في اتفاقية أضنة مع سوريا تسمح للقوات التركية بالتوغل مسافة 5 كيلومترات داخل الأراضي السورية لتعقب أي نشاط لمسلحي حزب العمال الكردستاني. والثاني تفعيل المادة الخامسة من نظام حلف شمال الأطلسي التي تعتبر الاعتداء على أي عضو في الحلف اعتداء على كل الأعضاء وتتوجب مساندته. لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند قالت ردا على سؤال «ان مثل هذا الموضوع ليس مطروحاً بعد، لكن لن يكون مفاجئاً ان يطرح اذا ما تطلب الأمر ذلك».

وتحاملت الصحف المؤيدة للحكومة على مهمة كوفي انان وقالت إنه وحده (أي انان) المتفائل بتنفيذ الخطة.
لكن تحذيرات الكتّاب المنتقدين لسياسات الحكومة تتواصل، وفي هذا السياق كتب سميح ايديز في صحيفة «ميللييت» ان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو قد عاد الى تركيا من الصين بسبب الوضع على الحدود السورية، وأيضا ليواجه انتقادات المعارضة بأن الدم يسيل على الحدود فيما هو يتنزه في الصين. لكن السبب الأساس لقطع زيارته الى الصين هو العمل لدى اعضاء مجلس الأمن على بدء عملية جديدة من الضغوط الدبلوماسية على سوريا. لكن الكاتب يقول إن فرص نجاح ذلك ضعيفة جداً بسبب الموقف الروسي.

ويقول الكاتب إن إحساس روسيا بالخديعة في ليبيا واتهام واشنطن بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الروسية يجعل من روسيا ثابتة ومعها الصين في منع صدور أي قرار ضد سوريا. كما ان روسيا منزعجة من التحالف الأميركي السعودي القطري الذي يغذي تركيا ويحرّضها. وكما تستخدم الولايات المتحدة والغرب «المحور السني» المؤلف من تركيا وقطر والسعودية، فإن روسيا تقف وراء المحور الشيعي الذي تتزعمه ايران.

ويقول الكاتب إن استمرار تأييد روسيا وسوريا لخطة كوفي أنان وعدم اعلان اميركا والغرب موتها يجعل سعي تركيا لإعلان موت الخطة والدفع نحو تدخل دولي في سوريا غير ممكن.
ومع ذلك يقول الكاتب ان تركيا تصر على ان تتحرك مع قطر والسعودية للتدخل، وهو لا يعني سوى الدخول الى عش الدبابير. وحذّر ايديز الكتّاب القريبين من حزب العدالة والتنمية الذين يدعون الحكومة الى الحرب على سوريا، وقال إن على الحكومة «ان تكون دقيقة جداً في خطواتها، خصوصا ان الشرق الأوسط يشكل لتركيا حقل ألغام سياسياً خطيراً وأنه من غير الممكن دخوله حتى لو كان من أجل انقاذ أحد علق في وسطه».

واعتبر الكاتب محمد تزكان في الصحيفة نفسها ان كلام اردوغان «ان الشعب السوري يتطلع الينا كمنقذ وان الأسد قد وصل الى نقطة لم نرد له أن يصل اليها»، انما يشجع الأصوات التي تريد الحرب على سوريا وينفث في نارها.

السابق
من يسعى إلى وقف لقاءات بكركي؟
التالي
بييتون: فرنسا باقية عضواً فاعلاً في اليونيفيل