فرصة جديدة للحل العسكري؟!

فور صدور "البيان الرئاسي" الذي عكس اجماعاً دولياً في مجلس الامن لم يكن متوافرا من قبل، وجه كوفي انان رسالة سريعة الى الرئيس الاسد فيها: "اوقف النزف، اوقف القتال، اسحب القوات وتفاوض مع المعارضة".
لا ندري ما اذا كانت هذه الكلمات قد وجدت طريقها الى اسماع الاسد وسط دوي المدافع، وخصوصاً بعدما وصل عدد الضحايا اول من امس الى 70 قتيلاً، لكن من المعروف ان بعثة الخبراء الدوليين الخمسة التي تفاوض الاسد منذ خمسة ايام حول مطالب لا تختلف عن رسالة انان بشيء، لم تحصل على اي جواب رغم انقضاء المهلة المحددة ودخول الوقت الضائع على ما اعلن المتحدث باسم انان!

والآن بعد دعم مهمة انان بـ "بيان رئاسي" غير ملزم ولا يرتبط بأي مهلة للتنفيذ، وبعدما نجح سيرغي لافروف في اسقاط مهلة الاسبوع المقترحة لتجاوب الاسد، وفي استبدال كلمة "اجراءات جديدة" بـ "تدابير اخرى" لأنه لا يريد اي تهديدات او انذارات، وكذلك مع اصراره على ان من السذاجة المطالبة بسحب الجيش من دون ضبط المعارضة، هل من المبالغة الافتراض ان البيان الرئاسي سيتحول مهلة جديدة اشتراها الروس للاسد ليواصل الحل العسكري الذي ثبت حتى الآن انه لن ينجح؟!
ان الارتياح الى قيام اجماع دولي على البيان الرئاسي امر مفهوم، لكن القراءة في محتواه الذي لا يرقى الى "المبادرة العربية" التي دعت الى تنحي الاسد لا تبرر هذا الارتياح، وخصوصاً عندما يضع البيان عملية "تسهيل الانتقال السياسي نحو نظام ديموقراطي تعددي" في يد "القيادة السورية"، بما يتيح لهذه القيادة ان تقول غداً ان هذا الانتقال يحتاج الى الهدوء وان الهدوء يستلزم القضاء على الارهابيين وان القضاء على الارهابيين يفترض الحسم العسكري، وليس هناك من يشك الآن في ان الحسم يعني الانزلاق النهائي الى الحرب الاهلية.

صحيح ان البيان دعا الى الوقف الفوري لتحركات الجيش نحو المراكز السكنية وانهاء استعمال الاسلحة فيها والمباشرة بالانسحاب منها، لكن الامر يبقى منوطاً بتشكيل "آلية المراقبة" التي يبحثها موفدو انان مع النظام. صحيح ايضاً ان البيان دعا الاسد الى التعاون مع انان لمعالجة التطلعات المشروعة للشعب السوري عبر تعيين محاور تخوّل له كل الصلاحيات وهو ما يقترب من الحل اليمني، لكن تبقى دون ذلك صعوبات وقف النار في ظل اصرار النظام على الحسم وتمسك المعارضة برحيل الاسد.
ليس واضحاً كيف سيقبل النظام باطلاق المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي كما يطلب البيان، وهو يعرف ان الملايين سيخرجون مطالبين برحيل الاسد الذي لم يتحمل خربشات الاطفال في درعا، لذا من الافراط في التفاؤل والافتراض ان البيان سيفتح باباً خلفياً لخروج متتابع من الازمة ينتهي بقيام نظام جديد!

السابق
الحل السياسي أو كل المخاطر
التالي
قانصو: ضغوط أميركية ناعمة علينا