اللواء: فيلتمان لإزالة البقايا السورية في البرلمان .. وباراك يهدّد الحكومة اللبنانية وكوهين يطلب وقف التعامل مع صادرات إيران والمصرف التجاري السوري

وُضعت كل الترتيبات لعقد جلسة نيابية استكمالية خالية من "النتعات الصدامية"، لكن الاجتماعات على مستوى اللجان الحكومية أو اللقاءات الثنائية كشفت عن جدية التباعد بين فريق الرئيس نجيب ميقاتي والفريق الوزاري العوني الذي يعتمد الضغط الإعلامي والنفسي وسيلة لانتزاع المكاسب ذات البُعد الانتخابي، على طريقة "خذ وطالب"، فيما كانت سياسة النأي عن النفس تلقى آذاناً أميركية صاغية في مسائل العقوبات المفروضة على بنك "صادرات إيران" والمصرف التجاري السوري، فضلاً عن تفهّم الوضعية القانونية والنقدية التي يُبنى عليها الاستقرار النقدي والمالي اللبناني كدعامة للإستقرار السياسي والأمني.
وسمع ديفيد كوهين مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون الاستخبارات المالية، والفريق المرافق له جواباً على طروحاته من المسؤولين اللبنانيين في الحكومة أو مصرف لبنان، أو جمعية المصارف من شقّين:
1- الشق المتعلق بالدولة اللبنانية، وملخصه أن الحكومة ملتزمة باحترام القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، أو الجمعية العامة، أو التي يسير المجتمع الدولي بموجبها، بما في ذلك الدول الصديقة للبنان.
2- الشق المتعلق بالقطاع الخاص، وهو شأن يخص المصارف اللبنانية، فهي التي تحدد كيف تتصرّف مع مصارف أخرى محظورة في المنطقة، وهي التي تقرر ما إذا كانت ستُقفل فروعها في سوريا أو لا، إلا أنها ملتزمة بالقوانين والتشريعات النقدية والمصرفية التي يمتاز بها لبنان عن سائر دول المنطقة، سواء السرية المصرفية أو اللوائح التنظيمية لمصرف لبنان، أو الخط العام للحكومة اللبنانية.

وقال عضو بارز في جمعية المصارف لـنا إن الجانب الأميركي أبدى تفهماً للتوضيحات اللبنانية، وأن الاستفسارات التي طرحها سمع إجابات واضحة وغير مبهمة حولها، ولا سيما حيال القوانين التي أقرّت مؤخراً في مجلس الوزراء، بخصوص تبييض الأموال وانتقالها والصيرفة.
وبحسب المعلومات، فإن زيارة كوهين إلى لبنان، وهي الثانية خلال الأشهر الأخيرة بعد فرض العقوبات على سوريا، تتصل بمسألتين:
الأولى: الاطلاع على مدى نسبة التزام لبنان بالعقوبات المفروضة على كل من إيران وسوريا، في ضوء معلومات عن تسهيل أموال تصل من إيران إلى لبنان وتساعد على دعم النظام في سوريا.
الثانية: الاستماع من الحكومة عن شرحها لطبيعة القوانين التي أقرّت مؤخراً في ما يتصل بالأموال وانتقالها وتبييضها.
وعلمت "اللواء" أن كوهين سئل، خلال محادثاته عن أسباب تشديده على بيروت فقط دون غيرها من عواصم المنطقة، فأجاب: "نحن نواكب ما يجري في بلدان المنطقة، وخاصة في عمان ودبي وسيتم اتخاذ الاجراءات المناسبة في الوقت المناسب".
وبطبيعة الحال، فإن المسؤول الأميركي لم يُدلِ بتصريحات، لكن السفارة الأميركية في بيروت أوضحت أن "كوهين بحث في الخطوات التي على لبنان اتخاذها لضمان وجود قطاع مالي شفاف وجيّد التنظيم من أجل ازدهار لبنان المستمر"، مشدداً على "حاجة السلطات إلى حماية القطاع المالي اللبناني من محاولات محتملة للتهرّب من العقوبات المالية الأميركية والدولية"، مكرراً وجهة النظر الأميركية من أنه "من الأهمية بمكان ضمان ألا يعوّض عدم الاستقرار الحالي في سوريا القطاع المالي في لبنان".

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول رسمي قوله إن كوهين بحث مع المسؤولين اللبنانيين في مدى التزام لبنان بالعقوبات المالية المفروضة من واشنطن ودول أخرى على سوريا، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة أبلغ المسؤول الأميركي "حرص لبنان على الالتزام بالقرارات الدولية والتنسيق مع السلطات المالية الدولية"، مضيفاً بأن القطاع المصرفي لا يمكن أن يتعاطى بأي أمر يعرضه للخطر أو لضغوط خارجية.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت في وقت سابق أن كوهين موجود في الشرق الأوسط لبحث عقوبات دولية ضد إيران وسوريا، وانه زار بغداد وسيتوقف في بيروت وابوظبي، في جولة يفترض أن تتيح له أيضاً بحث الجهود الهادفة إلى مكافحة تمويل الإرهاب.

فيلتمان وباراك
وبالتزامن مع زيارة كوهين، كان لافتاً للانتباه حض مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان اللبنانيين على دعم المعارضة السورية، معتبراً انه "واجب أخلاقي وسياسي"، ودعاهم إلى الاستفادة من الانتخابات التشريعية المقبلة "لإزالة بقايا" النفوذ السوري في بلادهم.
ولفت فيلتمان، خلال لقاء أميركي – لبناني عقد في واشنطن إلى انه "لا يوجد أخذ خارج سوريا يستطيع أن يُدرك أكثر من اللبنانيين ما وصفه بـ?"وحشية بشار الاسد".
وعلى خط آخر، حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الحكومة اللبنانية مسؤولية تهريب أسلحة وصواريخ من سوريا إلى "حزب الله"، وحذر في كلمة امام لجنة الخارجية والأمن الإسرائيلية أن الضربات العسكرية في حرب تموز 2006 لم تستهدف الحكومة اللبنانية ومؤسساتها، لكن في حال استمرار تهريب الأسلحة ووقوع مواجهات، ستكون الضربات العسكرية ضد الدولة اللبنانية.

الجامعة الأنطونية
وسط هذا الانشغال والمواقف المحمومة، برز تطوّر غير مسبوق في الحياة الجامعية اللبنانية، لا سيما في الجامعات الخاصة، وكان من نتائجه الأوّلية تكوين أزمة ثقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، على خلفية الصلاة التي نظمها 37 طالباً مسلماً من عداد طلاب الجامعة الأنطونية في بعبدا، في باحة قريبة من مبنى إدارة الجامعة، بعدما تعذر عليهم انتزاع موافقة من إدارة الجامعة بالصلاة، أو تخصيص حرم لهم داخل الجامعة لأداء فريضة الصلاة، باعتبار انهم يمضون يوماً كاملاً في الجامعة ولا يغادرونها.
ومع أن إدارة الجامعة أبلغت سائر الطلاب عبر رسائل SMS ارسلت بواسطة الهاتف الخليوي أن صلاة الطلاب تعد مخالفة صريحة للانظمة والقوانين الجامعية، وان عقوبات اتخذت بحق المصلين المخالفين، مع تهديد بالفصل النهائي من الجاعة، بان طلاب "التيار الوطني الحر" الذين وفر لهم تحالفهم مع الكتلة الطلابية المؤلفة من عناصر "حزب الله" وحركة أمل وقوى في 8 آذار النجاح تباعاً في انتخابات الهيئة الطلابية، اصدروا بياناً طالبوا فيه زملاءهم المنتمين إلى الطائفة الاسلامية تفهم خصوصية الجامعة، وما وصفوه بـ?"كيانها المسيحي" واحترام قراراتها في ضرب من المزايدة مع طلاب "القوات اللبنانية" الذين طالبوا زملاءهم المسلمين بالخضوع لقوانين الجامعة، باعتبارهم اختاروا برضائهم التسجيل فيها، مع علمهم انها جامعة مسيحية.

خلاف ميقاتي – باسيل
إلى ذلك، أظهر الخلاف الذي برز إلى العلن، بين الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الطاقة جبران باسيل، أن الآمال باستئجار بواخر لتوليد الكهرباء تبخرت ما "يبشّر" بصيف مظلم، وأن الباخرتين الأميركية "وولير مارين" والتركية "كارادينيز" لن تأتيا إلى الشواطئ اللبنانية، نتيجة تعثر رحلة التلزيم، وبسبب اعتراض رئيس الحكومة على المشروع بشكل عام.
ولفتت مصادر مطلعة إلى أن للرئيس ميقاتي ملاحظتان:
الاولى: أن الوقت لم يداهم اللبنانيين، وانه بالإمكان التوافق على خطة بديلة.
الثانية: أن مشروع باسيل يستحق إعادة دراسة من زاوية الشركات التي دخلت في المناقصة، واعلنت وزارة الطاقة قبولها بهما في مجلس الوزراء، ولجهة دراسة الكلفة، ان النتيجة، بحسب مصدر وزاري، ان المناقصة لا يمكن الاخذ بها، الا انها غير مرفوضة بالكامل، ويمكن ان تكون هناك شروط افضل مما قدمه باسيل.
وكان الرئيس ميقاتي، استغرب امام زواره كلام باسيل من انه لم يفهم على رئيس الحكومة ماذا يريد، وقال: "إنهم عادة يقرأون الممحي فكيف لم يفهم باسيل امراً بهذه الشفافية"، لكنه اكد المضي قدما في المشروع رغم ما أعتقد مسار المناقصة من شوائب كثيرة، كما اكد ان "لا تسوية سياسية في مسألة ستكلف الخزينة مبلغاً يفوق المليار دولار، مشيرا الى انه اعد تقريراً سيشرح فيه لمجلس الوزراء ما يراه من شوائب واقتراحات لتتحمل الحكومة المسؤولية عن مشروع لم يجد فيه شفافية ولا جدوى، وهو يدرك ان قطع الكهرباء سيبلغ في الصيف 12 ساعة في اليوم.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان يثار هذا الخلاف في مجلس الوزراء الذي سيجتمع في السراي اليوم، رغم ان موضوع الكهرباء سيطرح امام اللجنة الوزارية غدا لاستكمال البحث في شأنه، إلا إذا أراد باسيل تظهير الخلاف مجددا، في سياق مناقشة هيئة ادارة قطاع النفط المطروح على المجلس.

الجلسة التشريعية
وعلى جبهة المجلس النيابي، تلتئم الجلسة التشريعية اليوم لاستكمال ما تبقى من جدول الاعمال، وسط توقعات بأن تنعكس "الدوزنة المسبقة" للايقاع التشريعي على التخاطب النيابي داخل الجلسة، بعد ان تم الاتفاق على تمرير بدل النقل الذي كان السبب في تطيير نصاب الجلسة الماضية، بالاضافة الى انه لا وجود للأوراق الواردة في بداية الجلسة، طالما انها استكمالية من جهة، وان الاتفاق تم خلال اجتماع هيئة مكتب المجلس على التحضير لجلسة لمناقشة الحكومة، يفترض ان يمتص تداعيات حدة الاحتقان السياسي الذي ظهرت معالمه مؤخرا في السجالات المتنقلة داخل البرلمان بين المعارضة والموالاة.
واكدت مصادر المعارضة ان لا امكانية لحصول جلسة ساخنة، لان الملفات الخلافية تم التوافق عليها، خصوصا بدل النقل، وتعديل اقتراح السنة السجنية، فيما الخلاف على الانفاق المالي يؤجل إلى حين انتهاء الحكومة من وضع قطع الحساب.
إلا ان النائب بطرس حرب اكد لـ"اللواء" ان اقتراح السنة السجنية طرح في الجلسة الماضية وتم تأجيله إلى جلسة لاحقة، بعدما تعهد رئيس لجنة الادارة والعدل روبير غانم بتقديم تعديلات عليه وابلاغها إلى النواب، لكننا حتى الآن لم نتبلغ اية تعديلات.
واوضح حرب "أنا شخصياً مع مبدأ تخفيض السنة السجنية، ومع التوجهات العامة في مجلس النواب، غير ان لي عدّة ملاحظات على المشروع المعروض علينا، سأدلي بها عند طرحه على النقاش لكي يأتي المشروع شاملاً وعادلاً ومنصفاً"، مشيرا، في هذا السياق، إلى بعض التعديلات التي يفكر بها، ومنها على سبيل المثال: هل يشمل خفض السنة السجنية عند تكرار الجرائم؟ وهل يشمل السجين الذي يحكم عليه بأقل من سنة؟

السابق
الاخبار: كوهين يسأل عن حسابات مشكوك فيها والتزام العقوبات على سوريا
التالي
الشرق: الجيش الحر ينسحب من دير الزور حقنا للدماء روسيا تقبل الاعلان الرئاسي