هذا ما قصده وليد جنبلاط

«نم قرير العين يا كمال، فالنظام الذي قتلك قد اقترب أجله، والثورة التي ستقلعه عن وجه الأرض، ها هو علمها يزيّن ضريحك اليوم»…، هذه هي العبارة التي أسرّ بها رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الى بعض المقرّبين منه في طريق العودة من ضريح والده عقب وضعه علم الثورة السورية عليه.

هو العلم الخامس الذي يضعه جنبلاط على ضريح "المعلّم"، فبعدما سبق له ووضع على مدار سنوات خمس علم الحزب التقدمي الاشتراكي واللبناني والفرنسي والفلسطيني، وضع في الذكرى الخامسة والثلاثين لاغتيال الشهيد كمال جنبلاط على أيدي النظام السوري وملحقاته في لبنان علم الثورة السورية تعبيراً عن إيمانه العميق بأنّ القاتل قد اقترب أجله، وأن سقوطه لم يعد سوى مسألة وقت لا اكثر.

أوساط جنبلاط اكدت لـ"الجمهورية" أنّ خطوة وضع علم الثورة السورية على ضريح كمال جنبلاط، كان لها وقع أقوى بكثير من اي خطاب كان سيلقى في المناسبة، مع العلم أنّ هذه الأمر قد فاجأنا اكثر ممّا تفاجأ به الخصوم او حتى "الأعداء"، خصوصاً أنّ كثيرين كانوا يراهنون أو ينتظرون من جنبلاط هجوماً صاروخياً ضد النظام في سوريا، ليتذرّعوا به للهجوم على توجهاته السياسية المُعلنة تجاه ما يُرتكب تجاه الشعب السوري الأعزل"، لافتة الى أنّ "هؤلاء في الأصل ليسوا في حاجة الى مبررات، ولكن كان لخطوته وقع وصدى أقوى مما كان ينتظره هذا البعض".

ولفتت الأوساط الى أنّ "موقف جنبلاط فوّت على المتربصين بسلم البلد فرصة كانوا ينتظرونها او بالأحرى يتمنونها لإشعال فتيل فتنة من خلال المنابر المتنقلة، فإذا بهم يحتارون في أمرهم أو في درسهم للخطوات التي ينوون اتخاذها أقلّه في المرحلة الآنية"، جازمة بأنّ "جنبلاط لم يسبق له أن آمن بثورة محلية أو عربية كما يؤمن اليوم بنجاح وطهارة الثورة القائمة في سوريا، فهو يعتبر أنّ ما من نظام عربي سبق أن ارتكب جرائم ومجازر كتلك التي ارتكبها ولا يزال النظام في سوريا منذ عهد الأب حتى اليوم".

وتضيف الأوساط: "ما سبق ونصح به جنبلاط النظام السوري بضرورة تنفيذ الإصلاحات كان هدفه تحصين الساحة العربية، لكن لم يُسمع له حتى وصلنا الى حالة متأخرة جداً يصعب فيها تصحيح المسار الخاطئ الذي سلكه هذا النظام"، مشيرة الى أنّ "الانتقاد الذي أطلقه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أخيراً حول تأخر عملية الإصلاح يؤكد صوابية نظرة جنبلاط القائلة إنه لا يمكن العودة الى الوراء وان وقت الإصلاحات قد فات ولم يعد يجدي الأمر نفعاً".

ترى بعض القوى في 14 آذار ازدواجية في مواقف جنبلاط، إذ كيف له أن يشنّ هذا الهجوم الواسع ضد النظام السوري بينما هو حليف "حزب الله" ضمن حكومة واحدة، هنا تسأل أوساط جنبلاط: "هل يمنع خلافنا حول الموضوع السوري من تطبيق بعض الإصلاحات، وهل يمنع أيضاً أن نتفق على تجنيب البلد خلافات وخضّات نحن في غنى عنها، أم لأننا مختلفين مع سوريا على رغم انه خلاف جوهري، يجب علينا ان نقيم المتاريس ونتسلّح لقتال هذا الطرف الداخلي؟"

وتضيف: "حتى لو انتصر النظام في سوريا فلا يمكن للطرف الحليف تحت اي من الظروف أن يقول لنا ارحلوا عن هذا البلد ولم يعد لكم مكان فيه لأن ما كنتم تراهنون عليه قد فشل، كما انه لا يمكننا ان نُخرج أو نُرّحل خصومنا السياسيين في حال انتصرت الثورات التي نؤيدها"، جازمة بأن "هذا البلد لجميع أبنائه ولا يمكن لفئة مهما علا شأنها ان تستفرد بحكمه أو بضمّه الى أي محور تريده".

وتنفي أوساط جنبلاط ان تكون تصريحاته ضد النظام السوري بمثابة جواز دخول الى المملكة العربية السعودية، "فلا السعودية طلبت منه ذلك، ولا هو يرى في قناعاته مكاناً للبازارات التي يتخيلها البعض من أصحاب العقول المريضة"، كاشفة انه "عندما تُقرر الزيارة الى السعودية، فإن الامر سيعلن في حينه لأنه ليس لدينا ما نستحي به في علاقتنا مع جميع الأخوة العرب".

وتؤكد الأوساط أنّ "جنبلاط يصرّ وبأيّ ثمن على حماية السلم الأهلي والانفتاح على الجميع وتجنيب لبنان الارتدادات والتوترات الخارجية حتى لو أرادت بعض الأطراف في الداخل العمل ضد هذا التوجه، وهذه ليست شعارات بل هي ممارسة الحزب التقدمي الإشتراكي في السنتين السابقتين"، وترى أنّ "العلاقة بين "حزب الله" والزعيم الإشتراكي لم تصل الى حد القطيعة التي يتكلم عنها البعض، إذ إنّ هناك لقاءات ثنائية على مستوى القيادة لا تزال تعقد بين الطرفين بهدف تحصين الساحة وخصوصاً المناطق التي يتواجد فيها هذان الحزبان".

وتختم أوساط جنبلاط بالقول "تستطيع بعض الفئات السيطرة على البلد او ان تتحرك في البلد كيفما تشاء وان تفعل ما تشاء، ولكن في النهاية يبقى سؤال وحيد وهو الأهم… إلى أين؟".

السابق
سمير النشّار: لسنا مرتهنين للخليج
التالي
فضل شاكر تائب تحت التهديد!