بعدما حذّر أنان من عواقب فشل مساعيه

عندما يقول الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان إن عواقب عدم التوصل الى حل للوضع في سوريا ستكون وخيمة على المنطقة وعلى دول الجوار، فما هي مسؤولية الزعماء اللبنانيين لتدارك ذلك بحيث يتّفقون على سياسة النأي بلبنان عما يجري حوله فعلا لا قولا وليرتفعوا عندئذ الى مستوى الخطر؟
لكن ويا للاسف، ما زال هؤلاء الزعماء يراهنون على نتائج ما يحدث في سوريا كي يبنوا على الشيء مقتضاه… ففريق 8 آذار يراهن على انتصار النظام في سوريا على خصومه كي يحقق الانتصار على فريق 14 آذار في لبنان خصوصا في انتخابات 2013 بحيث يفوز بأكثرية المقاعد النيابية ويكون له الحكم والاقلية تكون لفريق 14 آذار وتمارس دور المعارضة تطبيقا للنظام الديموقراطي الذي ينبغي العودة اليه. اما اذا سقط النظام السوري وانتصر عليه خصومه، فإن فريق 8 آذار يحذر اللبنانيين من احتمال سقوط الامن والاستقرار في لبنان، اي بعودة الحرب الداخلية اليه، وكأنه لم يتعلم شيئا من الماضي وما قاساه الشعب من جراء الحروب العبثية.

اما فريق 14 آذار فيراهن على سقوط النظام في سوريا وانتصار خصومه عليه، وهذا يشكل انتصارا له في لبنان وان لم يكن باعتماد سياسة الانتقام والكيدية فباعتماد سياسة مد اليد التي كرر الدعوة اليها منذ الآن ولم تلق تجاوبا من الفريق الآخر بعدما اعلن الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله رفضه ذلك بدعوى انه لا يعرف ماذا تخفي اليد الممدودة، وقال متحديا: "ان من يستطيع نزع سلاح المقاومة فليتفضل"… مع ان فريق 14 آذار مستعدّ لأن يثبت حسن نيته اذا سقط النظام في سوريا بالدعوة الى المصالحة والمسامحة بين اللبنانيين على اساس ان يقابل تسليم سلاح "حزب الله" للدولة، العفو العام عن مرتكبي كل الجرائم التي وقعت في لبنان واستهدفت خيرة رجاله من سياسيين بارزين واعلاميين معروفين ورجال دين، فيتحقق عندئذ الوفاق الوطني الشامل والحقيقي، وتقوم الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها، فلا تكون دولة سواها ولا سلطة غير سلطتها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها. وعندها يكون لبنان قد نفذ قرار مجلس الامن الرقم 1701 بتنسيق وتعاون مع النظام السوري الجديد الذي يقيم افضل العلاقات مع النظام في لبنان على اسس ثابتة وواضحة وعلى احترام متبادل لسيادة كل من البلدين، لأن النظامين يصبحان متشابهين وليسا متناقضين كما هما حاليا.

والسؤال المطروح هو: هل يعود فريقا 8 و14 آذار الى طاولة الحوار للاتفاق على ما يحصّن لبنان حيال ما يجري في المنطقة ولا سيما في سوريا، ويضمن استمرار الامن والاستقرار والحفاظ على السلم الاهلي كي يستمر النمو الاقتصادي ويتحول لبنان مركزا رئيسيا لاستقطاب الاموال كملاذ آمن لها من اجل توظيفها في شتى المشاريع التي تخلق فرص عمل جديدة للبنانيين؟ ولا مانع في ان تكون الاستراتيجية الدفاعية عنوان هذا الحوار اذا كان "حزب الله" يصر على ذلك، ولكن لا استراتيجية من دون البحث في دور السلاح خارج الدولة وهو دور ينبغي ان يكون موحدا خصوصا في زمن الحرب. فإذا كانت نيات "حزب الله" صافية وسليمة وتقدم مصلحة لبنان على كل ما عداها، فإن اقتراحات الرئيس سليمان لدور هذا السلاح هي اساس صالح للبحث مثل: كيف يستعمل السلاح ومتى واين ولماذا؟ والا فإن فريق 8 آذار يكون مصمما على مواجهة فريق 14 آذار سواء انتصر النظام في سوريا على خصومه فيكون هذا الانتصار انتصارا له في لبنان على خصومه ايضا، او سقط هذا النظام، وفي سقوطه سقوط الامن والاستقرار في لبنان وهو ما اعلنه العماد ميشال عون بوضوح وصراحة بقوله ان البديل من نظام الاسد حرب في لبنان، لذا على 14 آذار أن يختار بين احتمال فشل رهانه او تحمل نتائج نجاح رهانه اذا كان اغراق لبنان في حرب داخلية… وعلى الزعماء اللبنانيين ان يقرروا بمسؤولية كاملة العودة الى الحوار للاتفاق على تحصين الجبهة الداخلية بالوفاق الوطني وعدم انتظار نتائج الاحداث في سوريا ونتائج مساعي كوفي انان حتى اذا ما فشلت يكون انتظار آخر لنتائج مؤتمر اسطنبول في 2 نيسان المقبل، او رفض العودة الى هذا الحوار بسبب الخلاف على جدول اعماله بسبب عدم جهوزية "حزب الله" للحل في انتظار معرفة من سيكون الرابح في سوريا.

السابق
فوضى الجوازات الخاصة الى متى؟
التالي
الاخبار: العرض الثالث على طاولة لجنة البواخر اليوم