الخط لفاصل بين القمة…والموت

لم تكن ويتني هيوستون الضحية الأولى لإدمان المخدرات. ولم يتأكد بعد ما اذا كانت هي التي أدت الى وفاتها، لكن صديقتها سيلين ديون كانت حاسمة في إبداء الأسف لأن "المخدرات استولت عليها". تضرعت المغنية الكندية لتبقى هذه الكأس بعيدة منها، مدركة انه سبق للمخدرات ان أنزلت مشاهير عن عروشهم، وجعلتهم رفاتاً في قبر.

لم تكن ويتني هيوستون أولى المشاهير التي تربط وفاتها بالمخدرات في شكل أو آخر. فنجمة البوب التي عرفت نجاحاً واسعاً عالمياً منذ بداياتها الغنائية منتصف الثمانينات من القرن الماضي وزادت اليها شهرة سينمائية بعد فيلم "الحارس الشخصي" ("ذي بادي غارد") مطلع التسعينات، أقرت وقتذاك بأن المخدرات بالنسبة اليها "روتين يومي"، وأعلنت عام 2009 "شفاءها كلياً" منها، ليتردد في العام نفسه انها دخلت مجدداً مركزاً لإعادة التأهيل.
كتبت المعالجة النفسية جانيت تينتر بعد وفاة هيوستون الأحد الماضي ان "النجاح، حينما يحملنا أحياناً بعيداً من العالم الذي ربينا فيه، يجعل من العيش في جلدنا أمراً صعباً. يمكن الانسلاخ (عن الماضي) ان يبعدنا عما هو معروف ومألوف، حتى لو كان مؤلماً. لربما خصوصاً لأنه مؤلم. هل كان هذا بعض مما حدث لويتني؟ الأرجح اننا لن نعرف أبداً". وفي مقالتها التي نشرها الموقع الالكتروني "علم النفس اليوم"، سألت المتخصصة في علاج الآثار النفسية لمختلف أنواع الادمان، عما اذا كانت "الأرواح المبدعة" تستمد بعضاً من طاقتها من الألم، رابطة بين هيوستون وأغنية "إعادة تأهيل" للمغنية البريطانية الراحلة آيمي واينهاوس "يا لها من مفارقة ان وهجاً كهذا، من مزيج السحر والنجاح، مستمد من صراع مماثل. ما هي الضغوط التي وجدت مدة كافية لتولّد هذا الانسجام بين الوفاة والمخدرات والسحر؟".
بعضٌ من هذه الضغوط كان شخصاً اسمه بوبي براون، أحد نجوم موسيقى الـ R&B الذي تزوجت به عام 1992 بعد علاقة دامت ثلاث سنوات، ولهما ابنة اسمها بوبي – كريستينا هيوستون براون، ولدت عام 1994. لم تخفِ هيوستون اضطراب العلاقة التي جمعتها ببراون، صاحب الطبع الحاد والذي دخل السجن مراراً خلال مدة زواجهما الذي انتهى عام 2006 ولم يحمل خاتمة للمشكلات التي استمرت على شكل دعاوى قضائية حتى بعد الطلاق. حاولت بداية انكار تعاطيها المخدرات ولاسيما خلال المدة التي كانت فيها "مدمنة يومية" وفق قولها عام 2009 للإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري، بيد ان المقربين منها أقروا بأنها أنفقت خلال فترات إدمانها "الحاد" ما معدله 6 آلاف دولار يومياً على المخدرات، ولاسيما الكوكايين الذي تحول لاحقاً عقاقير تتناولها بموجب وصفات طبية، وخصوصاً الـ "كزاناكس" والـ "فاليوم"، التي وجدت قوارير منها في جناحها بفندق "بيفرلي هيلتون" حيث عثر على جثتها في 11 شباط.
وحتى صدور التقرير الرسمي للطبيب الشرعي الذي تولى تشريح الجثة، يبقى السبب المرجح للوفاة مزج هذه العقاقير بكميات الكحول التي أكد من التقى المغنية قبيل وفاتها، انها شربت كميات كبيرة منها في الأيام الأخيرة، ولاسيما مع نفي الشائعات التي تحدثت عن وفاتها غرقاً في مغطس غرفة الفندق، واكتشاف كميات من المياه في رئتيها. كما أكد عارفوها ان استهلاكها للمخدرات ولاسيما منها الكوكايين، زاد على نحو مطرد في المدة الأخيرة، منهم أحد منظمي الحفلات الذي رجح قبل نحو شهرين ان "تخسر ويتني معركتها مع الادمان في غضون أشهر قليلة"، رغم تأكيدها ان انفصالها عن براون يمثّل حافزاً بالنسبة اليها لإعادة إطلاق مسيرتها الغنائية والتخلي عن "سنوات السوء".  تحوم كل الشبهات حول دور المخدرات في رحيل هيوستون، وإن كان تراكمياً بدل ان يكون السبب المباشر. ويرجح المعنيون ان يبقى سر الوفاة غامضاً الى حين، ولاسيما مع طلب المحققين التدقيق في تاريخ السجلات الطبية لهيوستون، ولاسيما الوصفات الطبية التي تناولتها. ولذلك، طلب مكتب الطبيب الشرعي في لوس أنجلس من "عدد من الأطباء"، تزويده معلومات عن الحال الصحية لهيوستون مدى الأعوام الماضية، علماً ان المعنيين أنفسهم أقروا بـ "تحدي تكوين لائحة كاملة" بالوصفات الطبية والأدوية التي كانت هيوستون تتناولها، لاسيما مع لجوء عدد كبير من المشاهير الى شراء وصفات مماثلة باستخدام مساعديهم او أصدقائهم للتغطية.

واينهاوس
أعاد رحيل هيوستون الى الأذهان غياب المغنية البريطانية آيمي واينهاوس (27 سنة) في 23 تموز 2011، والتي عثر عليها جثة هامدة في شقتها في العاصمة البريطانية لندن، في ظل نجاحها الفني الذي توقع له النقاد ان يقودها الى القمة. لكن الحائزة خمس جوائز "غرامي" عن ألبومها Back to Black (2006) وجائزة أفضل مغنية بريطانية، أمضت الأعوام الستة الأخيرة في ظل ضوء إعلامي غاص في كل تفاصيل حياتها وإدمانها المخدرات والوصفات الطبية.
بدأت القصة عام 2005 مع إفراط واينهاوس في شرب الكحول واستخدام المخدرات، وعرفت تقلبات مزاجية حادة وخسارة في الوزن. واعتقد محبوها ان نجاح ألبومها في 2006 سيشكل مدخلاً لعودتها "سليمة" الى الساحة الغنائية، بيد ان رحيل جدتها في العام نفسه (وهي التي قال أفراد في عائلتها انها مثّلت عامل استقرار ودعم للمغنية الشابة)، أدى الى "رمي" واينهاوس مجدداً في دائرة المخدرات والوهن الصحي الدائم، مما دفعها الى إلغاء جولات موسيقية في بريطانيا وأوروبا، وهي المدة التي أدخلت فيها المستشفى مراراً، إحداها لما تردد انه جرعة زائدة من الهيرويين والكوكايين وحبوب الهلوسة والكحول.
لم تخف واينهاوس إدمانها المخدرات وأقرت بأنها كانت سبب إدخالها المستشفى، وحاول والدها مراراً تسليط الضوء الاعلامي على مشكلاتها "لأنه الأمر الوحيد الذي قد يساعدها في حلها". في 2 كانون الأول 2007، انتشرت صور لها على الانترنت وفي صحف الفضائح البريطانية، وهي في حال يرثى لها خارج منزلها، مرتدية سروالاً من الجينز وحمالة صدر فقط، مما دفع الناطق باسمها الى التأكيد انها "تخضع لاشراف طبي وتعمل على حل صعوباتها بكتابة الكثير من الموسيقى". وبعد التحقيق معها عام 2007 بشأن فيديو يفترض انه يظهرها تتعاطى الكوكايين، أعاد الناطق باسمها التأكيد في 2008 ان واينهاوس "في صحة جيدة"، نافياً الشائعات عن إدخالها مركزاً لإعادة التأهيل، قبل ان تقر هي بنفسها عام 2010 بأنها استيقظت ذات يوم قبل عامين "وقررت وقف تعاطي المخدرات"، لكنها ارتمت في أحضان الكحول، التي يعتقد انها تسببت بوفاتها، اذ كانت نسبتها في الدم لدى العثور عليها جثة في شقتها، خمسة أضعاف الحد المسموح به للقيادة.
جاكسون
لم يكن "ملك البوب" مايكل جاكسون بعيداً من المشكلات المرتبطة بالكحول والمخدرات. كان غريباً ان المغني الأسود الذي بدّل لونه لم يرحل عن هذه الدنيا قبل 25 حزيران 2009، حينما عثر عليه في قصره المستأجر في إحدى مقاطعات لوس أنجلس.
رغم محاولات طبيبه الخاص كونراد موراي إنعاشه، توفي جاكسون متأثراً بالجرعات الزائدة من مخدر "البروبوفول"، ودين موراي بتهمة القتل غير العمد لتوفيره هذا المخدر القوي لجاكسون.
عرف "ملك البوب" بإدمانه المخدرات الموصوفة طبياً، والتي زادت حدتها مع تطوير جسمه مناعة ضد "الأقل درجة" منها، والتفسير الطبي لهذا النوع من الادمان ان الدماغ يطوّر نوعاً من الطلب الدائم عليها حتى وإن انتفت الحاجة الجسدية اليها، والمدفوعة غالباً بالألم. وفي حال جاكسون، بات دماغه يطلب "البروبوفول" للنوم، وهو ما قاله موراي بنفسه خلال المحاكمة، اذ برّر تقديم المخدر الى جاكسون بطلب الأخير النوم لأنه كان متعباً من التحضير لجولة موسيقية بريطانية كانت مقررة في حزيران 2009، مع الاشارة الى انه تردد ان جاكسون أدمن في وقت سابق مخدر "ديميرول". 

السابق
أوباما يغني البلوز..
التالي
الهالة السوداء تحت عينيكِ .. كيف تتخلصين منها ؟