سوريا لن تستفيد.. لكن روسيا إلى أين..؟

«الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبداً.. أبداً.. بل يحكم العالم العقل.. يحكم العالم الإنصاف.. يحكم العالم الأخلاق.. يحكم العالم أيضاً الإنصاف من المعتدي».. رؤية عقل مذهل عند الملك عبدالله..

وقد تعوّدنا في العالم الثالث أن تصطدم مفاهيمنا بعبارات قسوة من زعماء يريدون تعميق مفهوم أنهم إرادة شعبهم، وبالتالي فهم منطلق القرارات حتى لو كانت ضد ذلك الشعب، وما يرد أحياناً من إيحاءات مفاهيم بأنهم أصحاب زمالة نفوذ في العالم.. كل ذلك ليس إلا هاجس مجموعات خيال كاذب يغري بالتوهّم أو يهدّد بالادعاء، لكنه لا يصل في النهايات إلا إلى هزائم.. ولدينا نموذجيات أمثلة من معظم دولنا العربية، كما رافقنا بالمتابعة مصير الانهيارات في دول آسيوية وأفريقية عديدة.. لأن الكل اتجه إلى الإيهام بقداسة مَنْ يحكم وحق انفراديته بقسوة مصير المجتمعات..

«العقل والإنصاف والأخلاق» هي المسارات التي انطلق منها خادم الحرمين الملك عبدالله في كل أبعاد مشاريعه التطويرية التي لم تكن جزءاً من اجتهادات ولا حلاً طارئاً لتخدير أزمة، مثلما يحدث في عالمنا العربي وفي العالم الثالث، لكن الرجل التاريخي الذي لا نعتبره نموذجاً عربياً فقط، ولكنه واحد من قلائل في كل تاريخ التطورات البشرية التي صنعت علمانية أوروبا الصناعية وتقدمها الحضاري، واكتسبته أمريكا بفعل التداخل السكاني، وعرفت اليابان كيف تخرج من هزيمة قاسية إلى مجد علمي مرموق..

الملك عبدالله بإقرار المفاهيم الحضارية الجديدة ورفع نسب التطوير العلمي بما يفوق كل وجود العالم العربي مئات المرات وتألق كفاءته باستمرارية تجدّد فرص التقدم كما لو كان يدير أجهزة اقتراب من يده.. نقل مجتمعه إلى أوج الاستعداد للدخول في تعدّد التميزات العلمية والاقتصادية والحضارية..

وعلى مستوى المواقف العالمية فإن «الإنصاف والعقل والأخلاق» كان يفترض أن تنقذ هذه الروادع شعوباً عربية – وبالذات الشعب السوري – من تعطّل موضوعية افتقدتها الأمم المتحدة بما أرادته روسيا والصين من استمرار لباطل ما يحدث بين مواطنين وسلطة في سوريا.. هل في القوانين الدولية وفي مقدمتها الروسية والصينية أن يدفع آلاف من المواطنين دماء حياتهم لأن رئيساً يريد فرض وجوده في كل سنوات العمر؟.. إن الشك في قدرة الأمم المتحدة بأن تكون حامية إيجابية للعدالة ومنصفة موضوعية تجاه حقوق الشعوب.. هذا الشك من شأنه أن يدفع بالعضوية الدولية فيها إلى الخروج نحو عضوية مصالح ليس إلا، وهذا أمر غريب الوضوح في مثل هذا العصر، خصوصاً وأن روسيا قد خرجت من ديكتاتورية مظلمة فكيف تقبل بها داخل سوريا؟..

روعة التميّز التاريخي في شخصية الملك عبدالله بانفراد شخصي لا ينافسه فيه أحد عالمياً أنه لم يبنِ مجدَ مجتمعه من تضارب صدامات دولية، ولكنه أوجد لمجتمعه قدرات التحرك حضارياً والكفاءة اقتصادياً والجزالة علمياً.. وهذه أبرز معطيات العقل لرجل تاريخ ميّز مجتمعه بخصائص تفوّقاته لا بتحايل خصوماته.. ولا أعتقد أن الموقف الروسي سيكون مفيداً لسوريا بقدر ما هو وسيلة منافسة مع الغرب، ومحاولة إعاقة لعالمية الأمم المتحدة.. لأن روسيا أساساً ليست دولة نفوذ في الشرق الأوسط..  

السابق
الجيش في مرمى “14 آذار”… خدمة للمؤامرة؟
التالي
الجيش الإسرائيلي يوسّع المنطقة العازلة في مزرعة بسطرة!