أيها الغرب.. كفاك كذباً!

الإحاطة بأي قضية من مختلف جوانبها هي واحدة من أصعب المهمات التي يواجهها الصحافي، فكيف إذا كانت القضية هي إيران، إيران.. الخطر الإسلامي المتجسّد، راعية الإرهاب في المنطقة والمسؤولة عنه حول العالم. عرابة «حزب الله» و«حماس» الإرهابيتين. إيران التي يديرها رئيس مجنون، يتحكّم ببرنامج نووي سيستخدمه لتدمير إسرائيل، ومستعدّ لإغلاق مضيق هُرمز في أي لحظة يهدّده الغرب.
هذه هي الرواية الغربيّة.. لكن مهلاً، لنعالج الموضوع من الزاوية الإسرائيلية. واضح أن إسرائيل لا تريد أن يغيب عن بال الغرب أبداً المساعي الإيرانية لامتلاك السلاح النووي، فالمسؤولون الإسرائيليون، منذ عشرين عاماً، وهم يحذّرون من أن إيران ستصبح دولة نووية خلال سنوات قليلة.

لا يملّ الرئيس الإسرائيلي اليوم من التحذير أن إيران على وشك إنتاج «النووي».. احفظنا يا ربّ السماوات.. لم ننسَ، نحن الصحافيين، أن شمعون بيريز قال الأمر نفسه أثناء توليه رئاسة الحكومة عام 1996، كما أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو حذّر عام 1992 من أن إيران ستمتلك سلاحاً نووياً عام 1999، أي قبل 13 عاماً. القصة القديمة نفسها تتكرّر.
وفي الواقع لا نعرف إن كانت إيران تطوّر السلاح النووي فعلاً. فبعد ما حدث في العراق، من المدهش أن يستخدم الغرب التفاصيل القديمة حول أسلحة الدمار الشامل بالهراء نفسه الذي تحدّث به عن ترسانة صدام حسين المرعبة. السؤال الحقيقي متى بدأت هذه المسألة برمتها؟ خلال حكم الشاه. ذلك الرجل أراد امتلاك الطاقة النووية، بل إنه قال إنه يريدها لأن كلاً من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة تملكان قنابل نووية. المضحك أن أحداً لم يعترض حينها. على العكس، سارع الأوروبيون لتحقيق رغبة الديكتاتور، في وقت بنت شركة «سيمنز»، وليس روسيا، مفاعل «بوشهر» النووي.وعندما تولى آية الله الخميني زمام الأمور بعد الثورة الإسلامية عام 1979، أمر بإغلاق المشروع لأنه «رجس من عمل الشيطان»، ولكن عندما شنّ صدام حسين حربه على إيران، بتشجيع من الغرب، وبدأ باستخدام الغازات السامة، حينها فقط اقتنع الخميني بضرورة إعادة افتتاح المشروع النووي.
اللافت في الأمر، أن كل هذا تمّ محوه من ذاكرة التاريخ، وتمّ التركيز على أن «الملالي» هم من بدأوا المشروع النووي، بمساعدة «المتخلّف» نجاد، والأهم أن إسرائيل ستقوم بتدمير هذا السلاح الإرهابي لتحافظ على وجودها وعلى وجود الغرب والديموقراطية، إلخ.

…المشكلة هي أن إيران فازت تقريباً بجميع الحروب التي خاضتها في المرحلة الأخيرة، من دون طلقة واحدة، بينما قام كل من جورج بوش وطوني بلير بتدمير العراق، وقاموا بقتل الآلاف من الجيش السني الذي لطالما اعتبرته إيران نفسها «طالبان الأسود».
أما بخصوص أصدقائنا «المعتدلين» في دول الخليج، فبينما هم يرتجفون في مساجدهم المذهّبة، يتركون للغرب مهمّة تحديد مصيرهم في حال اندلاع الثورة الشيعية المرتقبة. وعليه، لا عجب أن ما يعقده كاميرون من صفقات أسلحة متطورة مع هؤلاء السخفاء، وجيوشهم التي تتقن في أحسن الأحوال إعداد وجبة حساء، غايته تحقيق مكاسب بمليارات الدولارات تحت شعار «الخوف من طهران».
فلتفرضوا العقوبات…ولتتركوا لأصدقائكم «المهرّجين» قيادة المعركة.  

السابق
حاجز محبة لطلاب مدرسة العاملية في العباسية
التالي
بري نحو موقف متمايز عن «حزب الله» رغم التحالف معه