منجِّمو ليلة رأس السنة صوراً غير متشابهة

تسمّر اللبنانيون الذين قرروا تضمية ليلة رأس السنة في بيوتهم أمام شاشات التلفزيون، للوقوف على توقعات السنة الجديدة، مع "نخبة" من المنجمين الذين تزينت بهم غالبية المحطات، واستمعوا الى أقوال متناقضة لـ "منجّمين" يزعمون انهم يرون "صوراً وليس أكثر".
بينما "استهلكت" شاشة "أم تي في" أكثر من نصف ساعة لعرض الحوادث التي جرت في 2011 "وفق توقعات ميشال حايك"، وبالتفاصيل المملة، متعمدة تأجيل توقعاته الجديدة لوقت لاحق بهدف المزيد من التشويق، بدأت "المؤسسة اللبنانية للارسال" السهرة بالتوقعات مباشرة مع الوجه الجديد على شاشتها، ليلى عبد اللطيف، فصُبغت "توقعاتها" بالتشاؤم الى درجة انها آثرت عدم كشفها بأكملها "لأنها خطيرة" على حد زعمها، وكأنها حتمية الحصول لا محالة! كذلك كان للـ "ان بي ان" منجمها السنوي سمير طنب، في حين ظل مايك فغالي من نصيب محطة الـ "أو تي في".
وفيما كانت كل تلك المحطات تبذل الجهد الشاق تسويقاً لصدق نبوءة منجمها، كاد طوني خليفة في برنامجه "للنشر" عبر "الجديد"، ان يغرد خارج السرب. ففي الحلقة الخاصة بليلة رأس السنة، فنّد خليفة توقعات المنجمين "الكاذبة" للعام الفائت، فلم يسلم فغالي وحايك وعبد اللطيف من"النشر" والنقد اللاذع، لكننا فوجئنا باستضافة خليفة لمنجمة أجنبية للتوقع في الشؤون اللبنانية والعربية، وجلها توقعات سياسية أقرب الى تحليلات "ضليعة" بتفاصيل الأوضاع الداخلية للبنان والدول العربية، مما وضعه أمام تناقض حاول "نهار الشباب" عبثاً الاستفسار عنه، لكن خليفة لم يبدِ تجاوباً.
المدقق في توقعات كل من حايك وعبد اللطيف وفغالي، يلاحظ انها تحمل الكثير من التناقضات، حتى ضمن الإطار الواحد، أو كما اعتادوا تسميته بـ "المحلي والعربي والدولي".

 لبنان السياسي
هل سيعود رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى لبنان؟ سؤال يطرحه كثر، أما جوابه عند حايك فهو: "سيعود، ولكن ليس كما غادر" (؟)، وعند عبد اللطيف: "يزور لبنان ثم يغادر للاهتمام بأعماله" (مما يعني زيارة وليس عودة)، فيما تمنى عليه فغالي العودة "الى العرين والى الوطن" متنبئاً بعودة شعبيته اليه بعد التحالفات "لأن المعارضة الآن ستكون ضمن الحكم الحالي، وسيكون في الحكومة، ولكن ليس في تلك التي ستستقيل بعد فترة".
وعلى سيرة الاستقالات، توقعت عبد اللطيف تغييراً في مجلس الوزراء، واعادة توزير الوزير السابق زياد بارود، والوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة (سبق ان توقعت توزيرها في حكومة عام 2011). أما فغالي فقال جازماً: "الحكومة اللبنانية لن تستمر"، متوقعاً استقالة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الأمر الذي تناقض مع ما توقعه له حايك بأن "يفتح الرئيس سليمان شخصياً ولايته على كل الاحتمالات بعملية استباقية معكوسة في وجه مخططات قضم الولاية أو الاعتداء عليها وحتى تشويهها"!
فيما توقع حايك "فصلاً ثانياً من مسلسل التفجير والاغتيال، المختلف فيه نوعية المُستهدفين وأدوات التنفيذ"، اكتفى فغالي بالاشارة الى دور لتنظيم "القاعدة" في الاغتيالات في لبنان "على صعيد مدني وسياسي وعسكري"، متوقعاً محاولة اغتيال (تمنى ان تكون فاشلة) قد تطاول رمزاً مسيحياً كبيراً، واضعاً رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، والرئيس أمين الجميل، آل جعجع وآل تويني في دائرة "الخطر الصحي أو التصفية"! أما رؤية عبد اللطيف في هذا الشأن فبدت غير واضحة، وغير مكتملة، إذ "بشّرتنا" بعودة "زمن الاغتيالات"، وفي موقع آخر بمغادرة بعض الأجانب الأراضي اللبنانية بسبب "سوء الوضع الأمني في أوائل السنة"، واصفة أشهر شباط، آذار، نيسان، وأيار بـ "القنابل الموقوتة"!
رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي سيُلقي "خطاباً تاريخياً" (وما الجديد في الموضوع؟) وفق عبد اللطيف، رآه حايك "شخصية برسم الثأر الذي يلبس أكثر من ثوب"، ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي "سيدخل المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية، ويقرر متى يعتكف" وفق تنبؤات عبد اللطيف، رآه حايك "يخطط لمفاجآت في الوقت الذي يسعى الآخرون الى مفاجأته". أما فغالي فتوقع "وعكة صحية خطيرة لأحد الرؤساء الثلاثة"، متنبئاً بسنة خير على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي توقع له حايك "وعكة صحية طارئة"!

العملة والفن، الصحة والإعلام
"نعم، عملتنا اللبنانية ستحكي، وهذه المرة ستقول: مهما تحاولون سأبقى صامدة وقوية". الكلام لحايك الذي طمأن الى سلامة الوضع المالي والمصرفي في لبنان. أما عبد اللطيف فرأت الوجه الآخر: "مصرف لبنان يكشف تورط رجل أعمال لبناني في فساد مصرفي، وخلفه وجوه بارزة يسقط القناع عنها"، وفغالي كان أكثر تشاؤماً إذ رأى "انهياراً في العملات العالمية، وظهور عملات جديدة في التداول مع نهاية سنة 2012"!
فنياً، أجمع فغالي وعبد اللطيف على "نقلة نوعية" للفنانة إليسا. وفيما أكد الأول ان هيفاء وهبي "لن تُطلق"، توقعت لها الثانية "أغنية على خُطى شاكيرا". وإذ رأت عبد اللطيف "شخصيتين من آل الرحباني في سيارة اسعاف معاً"، توقع حايك "جدلاً جديداً في موضوع جديد لعائلة الرحابنة"، مؤكداً ان "الفن اللبناني سيكون أقوى من كل التهديدات، ومن قلب الدخان سيُغنَّى لبنان".
على الصعيد الصحي، تنبأت عبد اللطيف بـ "أمراض جلدية تظهر من تداعيات الاشعاعات النووية، و بفيروس جديد يصيب الدماغ"، وأضافت ضمن توقعاتها الطبية "ان فحص "الماموغرافي" لثدي المرأة مؤذ، وسيتم تطويره"!
أما فغالي فتوقع "عودة ظهور أمراض قديمة مثل الملاريا والسل والطاعون"، فيما ظل حايك أكثر تفاؤلاً في هذا الصدد، إذ اكتفى بالتنبؤ بأن لبنان "سيشهد نشاطات تعزز اليوغا والعلوم البارابسيكولوجية".
اعلامياً، توقعت عبد اللطيف "اقفال بعض الصحف اللبنانية"، وفغالي "اقفال محطة تلفزيونية". أما حايك فاحتلفت توقعاته، إذ رأى ان "ملف قانون الاعلام لن يبقى ملفاً مطوياً، وان رجال إعلام وأعمال سيجدون حلولاً بديلة من بعض وسائل الاعلام التي ستكون برسم التعثر والانهيار".

الوضع في سوريا
"الرئيس السوري بشار الأسد سيحظى بتأييد 85 في المئة من الشعب السوري في حال قرر ترشيح نفسه للإنتخابات الرئاسية السورية"، هذا ما تنبأ به مايك فغالي الذي استبعد سقوط النظام السوري، متوقعاً "امتداد الارهاب في سوريا الى لبنان والسعودية وقطر ثم فرنسا". أما عبد اللطيف فكانت مقلّة في ما خص الوضع السوري، مكتفية بالقول: "فجأة تنتهي الأمور!".
الحصة الكبرى من توقعات الشأن السوري كانت لميشال حايك الذي تنبأ بعدم ازدهار الربيع العربي في سوريا قريباً، وبانشقاق في النظام السوري، واستفاض بقوله: "سيسأل الاعلاميون عن (وزير الخارجية السوري) وليد المعلم و(المستشارة الاعلامية) بثينة شعبان"، متوقعاً ان يُنعت الأسد بكلمة "ولد" من أحد أركانه. "ورغم ما يجري، سيشهد مطار دمشق حركة لطائرات تحمل شخصيات عربية وعالمية من أرفع المستويات"، ودائماً الكلام لحايك الذي قال قبل سرد توقعاته: "كل ما سأقوله هو مجرد توقعات ليس أكثر"!  

السابق
غزل أميركي – إخواني
التالي
تصرف جنوني تكلفته 10 ملايين دولار!