الجمهورية: الجدل يتجدد حول الأجور ونحاس لم يسلّم رد الشورى الى مجلس الوزراء

في انتظارجلسة مجلس الأمن الخاصة بسوريا الثلثاء المقبل، واجتماع اللجنة الوزارية العربية الذي أُرجىء من بعد غد السبت الى الأحد، يبقى الترقب سيد الموقف رصدا للاتجاه الذي ستسلكه الأزمة السورية، في ظل الكباش الاميركي ـ السوري من جهة، والكباش الاميركي ـ الايراني من جهة أُخرى، في حين بدأ وزير الخارجية التركية احمد داود أوغلو زيارة رسمية لطهران أمس سبقتها دعوة ايرانية لإنقرة الى تغيير موقفها من الأوضاع السورية.

داخليا، وعلى وقع عودة الجدل حول موضوع تصحيح الاجور، انعقدت مساء امس في السراي الحكومي اولى جلسات مجلس الوزراء في السنة الجديدة، وأقرت البند المتعلق بالمراسيم التطبيقية لقانون النفط والبند المتعلق بالهيئة الناظمة لهذا القطاع .

وتجنب المجلس الملفات الخلافية خوفا على التضامن الحكومي حسبما قالت مصادر وزارية بارزة لـ"الجمهورية" كاشفة عن اتصالات سبقت الجلسة وشارك فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أثمرت إصرار الأخير على البحث في بنود جدول الأعمال دون سواها. وبرر ميقاتي هذا الاضرار بعدم وجود رئيس الجمهورية الذي يمكنه ان يستنسب بالتفاهم معه طرح اي بند من خارج جدول الأعمال".

واضافت المصادر: على هذه الخلفيات تم إرجاء البحث في الملفات الخلافية التي يمكن ان تنعكس سلبا على التركيبة الحكومية الهشة ولا سيما منها ما يتصل بملفي الأجور وتنظيم "القاعدة". وكشفت ان ميقاتي تبلغ بطريقة ما من بري و قيادة "حزب الله" مهلة معينة لإستيعاب أجواء الرفض والصدمة التي يعيشها فريق وزيرالعمل شربل نحاس من جراء قرار مجلس الشورى، على ان يُبحث في هذا الملف في الجلسة المقررة الأربعاء المقبل في القصر الجمهوري.

وقالت المصادر نفسها لـنا ان ارجاء ملف الأجور جاء شكلا بسبب عدم إحالة وزير العمل رد مجلس الشورى الى مجلس الوزراء قبل أن يناقشه تكتل "التغيير والاصلاح" في الشكل والمضمون، لأنه يجد فيه "مخالفات".

خبير قانوني

وقال احد الخبراء في القانون الدستوري لـنا ان عدم رفع وزير العمل جواب مجلس الشورى فور وروده اليه الى مجلس الوزراء عبر الأمانة العامة للمجلس، يشكل مخالفة دستورية كبيرة في اعتبار المجلس هو صاحب القرار النهائي فيه، فهو الذي قرر بالتصويت على مضمون المرسوم في "جلسة الإنقلاب" على رئيس الحكومة ولم يكن ما أحاله بقرار فردي منه.

وانتقد الخبير بشدة آداء رئيس الحكومة معتبراً انه "كان عليه الطلب فورا من أحد وزرائه – وهو وزير العمل في الحالة القائمة – رفع رد مجلس الشورى رسميا الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ليس لأمر سوى أن مثل هذا الطلب هو من صلاحيات واختصاص رئيس الحكومة المؤتمن على سير العمل الإداري في المؤسسات". واضاف: "لا شيء يمنع كتلة نيابية أو وزارية من ان تشكل لجنة لدرس رد مجلس الشورى، لكن هذه الخطوة لا يمكن ان تحصل على حساب الآلية الدستورية، ولا يمكن ان تسبقها، من دون وجود ما يمنع ان تواكبها بالبحث في دستوريتها، على أن يكون أي رأي، مهما كان مجرد موقف لا صفة دستورية له ما لم يشاركه مجلس الوزراء في الموافقة عليه، سواء كان ايجابا ام سلبا".

وردا على القائلين بأن رأي مجلس الشورى استشاري وليس ملزما قال الخبير الدستوري: "حتى ولو كانت الإستشارة استشارة، فإن لجوء الحكومة الى مجلس الشورى للأخذ برأيه يفرض عليها إلتزام مضمون رده، لأنه من الهيئات الإستشارية للحكومة اللبنانية ولذلك فان رأي الشورى ملزم في هذه الحال والقرار النهائي لمجلس الوزراء مجتمعا وليس لوزير، أيا كان موقعه او إختصاصه.

مواقف جنبلاط

وفي غضون ذلك، توقفت اوساط سياسية بكثير من الاهتمام امام الموقف الاخير لرئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط المؤيد للثورة السورية. واعتبر عضو الجبهة النائب أكرم شهيب أن في كلام جنبلاط " ثقافةٌ تاريخيةٌ عالية وإرثٌ وطنيٌ أصيلٌ لا تمحوه التكتيكات ولا السياسة اليومية".

وفي هذا السياق قالت مصادر بارزة في قوى 14 أذار لـ"الجمهورية" ان جنبلاط "حسم موقفه في اتجاه التأييد الواضح لحركات الثورة العربية، وهو يسعى بكل امكاناته لإعادة بناء الدولة اللبنانية ومن دون اي تردد". وأكدت "ان ليس من الأهمية بمكان توصيف موقع جنبلاط في اللعبة السياسية، فخياراته هي الأهم وتتلاقى وتتقاطع مع خيارات كثير من قوى 14 أذار".

وإذ اعتبرت المصادر "ان التحولات الكبرى في سوريا ستحسم كثيرا من الامور في لبنان"، قالت: "صحيح ان سلوك الجامعة العربية لا ينمّ عن مسؤولية ونزاهة، ولكن الشعب السوري حسم خياره ولا بد للجامعة من أن تطوّر من دورها الملتبس آنيا لتحفظ لها دورا فاعلا في المستقبل".

اندراوس

من جهته، قال نائب رئيس تيار "المستقبل" انطوان اندراوس لـ" الجمهورية": "ان جنبلاط لم يعد يتحمل إراقة الدماء في سوريا، وإدخال الطائفة الدرزية نفسها مع الشبيحة في معارك مذهبية، واذا كان تقاربه مع حزب الله لتلافي حصول معارك بين الحزب الاشتراكي والطائفة الشيعية، فالموقف نفسه سورياً لا يريد الدخول في معارك مذهبية ضد السُنّة".

لكن اندراوس دعا الى عدم تفسير مواقف جنبلاط على "انها انقلاب لمصلحة 14 اذار، بل اعتبارها صحوة ضمير لديه".

ورأى اندراوس في مواقف جنبلاط ايضا "رسالة الى النائب طلال ارسلان الذي قدم اوراق اعتماده للنظام السوري، ورسالة الى حزب الله مفادها أنه لا يستطيع البقاء على الحياد في الموضوع السوري".

واعتبر "ان حزب الله بات محرجاً امام الوضع السوري وهو يراه ينهار امام عينيه، فيما حليفته إيران محشورة في الزاوية وسيف العقوبات مسلط عليها، كما أن سوريا ستختنق بالعقوبات المصرفية، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الحزب ان يدافع عن النظام السوري امام الدم الذي يسيل، وهو لا ينسى أن الطائفة الشيعية تعيش في محيط سني، فالى اين سيذهب؟ فامام ضعف ايران وسوريا على الحزب ان يراجع حساباته، واذا كانت قيادته عاقلة ولديها ما يكفي من الذكاء، عليها ان تبدل استراتيجيتها في لبنان. لكن هل صمت الحزب ينمّ عن عقلانية ام تحضيرا لعمل ما؟ لا نعرف، والوقت كفيل بكشف ما يجري، لكن اعتقد ان صمته هو لأن الحكومة اولوية لديه. ولا يعتقدن احد ان الحزب وامام انهيار النظام السوري سيضعف بسرعة ويسلم سلاحه، بل سيمر في مرحلة يشد فيها ليحمي نفسه من خلال القيام بعمل أمني ما. وفي النهاية سنصل الى وقت لن نجد فيه سوى النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية يدافعان عن النظام السوري، فإذا كان النظام يهمّهما الى هذا الحد، فليذهبا الى دمشق وليدافعا عنه من داخل الاراضي السورية.

بيان المطارنة

وفي سياق آخر، أبدت أوساط مارونية ارتياحها الى بيان مجلس المطارنة الموارنة الذي جاء تتويجا لمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في موضوع السلاح وحصريته بيد الدولة اللبنانية، ما يؤشر إلى الانسجام القائم بين أعضاء هذا المجلس والبطريرك، كما في تأكيد توجهات بكركي التاريخية، متوقفة عند النقاط الآتية:

أولا ـ انتقاد الحكومة التي تقف عاجزة، إن عن وضع حد للأحداث الأمنية "شبه اليومية"، أو عن تقديم أجوبة للمواطنين عن الخلفيات الكامنة وراء هذه الأحداث. كما انتقاد المطارنة المقاربة الاقتصادية-الاجتماعية للحكومة في ملف الأجور وإخضاعه للتجاذبات السياسية، وإعطاء إشارة دعم لرئيس الحكومة بالقول أن هذه التجاذبات "لا تراعي الطرفين المعنيين بها العمال وأرباب العمل"، في إشارة إلى الاتفاق الذي رعاه ميقاتي بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية. ولا شك في أن هذه الانتقادات تتقاطع في شكل كامل مع المعارضة التي تأخذ على السلطة التنفيذية تقصيرها، لا بل فشلها في كل الملفات وعلى مختلف المستويات.

ثانيا ـ إن الدعوة إلى "حصرالتعاطي بالقضايا الامنية بالسلطة السياسية والقوى الأمنية المختصة"، لا تحتمل الالتباس، وهذه الدعوة جاءت لتؤكد ثبات بكركي على نهجها وموقفها من السلاح، وبالتالي بمعزل عن رغبة "حزب الله" بتجاهل هذا الموقف للحؤول دون العودة إلى لغة الاصطدام مع هذه المرجعية في لحظة تحولات كبرى، إلا أن هذا الواقع لا ينفي حقيقة الأمور وهي أن بكركي استعادت دورها الريادي في الدفاع عن الدولة ومؤسساتها.

ثالثا ـ من الواضح أن اهتمامات بكركي الوطنية بالأمن والاستقرار والسلاح لا تعني تغييب الأجندة المسيحية، خصوصا في ظل التكامل بين البعدين المسيحي والوطني، ومن هنا جاء الترحيب "بقرار مجلس الوزراء الموافقة على مشروع قانون استعادة الجنسية"، مع الحرص على عدم الخلط "بين استعادة الجنسية والمشاركة في الانتخابات"، إذ مع حرص بكركي على مشاركة المغتربين في الانتخابات، إلا أنها تعتبر استعادة الجنسية قضية قائمة بذاتها ولا يفترض تسيسها من قريب أو من بعيد.

ولكن الأوساط المارونية تمنت "لو أن مجلس المطارنة أخذ في الاعتبار لناحية "دعوته إلى الإسراع في بت موضوع التعيينات"، واقع أن هذه الحكومة جاءت بطريقة انقلابية ولم تفرزها انتخابات ديموقراطية، وبالتالي إن اتمام التعيينات من دون الوقوف عند رأي المعارضة ولا سيما المسيحية منها يعني المساهمة، وعن غير قصد، في تهميش أكثر من نصف المسيحيين، وهذا ما يفترض ببكركي إعادة تصحيحه، على رغم الإقرار بحرصها الصادق على ملء الشواغر "لأن ارجاء ذلك يعطل العمل في الادارة العامة والقضاء واجهزة الرقابة والسلك الديبلوماسي ".

وجوه جديدة في حي التعمير

وفي سياق آخر تحدثت جهات في الاكثرية ليل امس عن ان وجوهاً جديدة رصدت منذ أسبوع في حيّ التعمير المحاذي لعين الحلوة وأن المعطيات التي توافرت للأجهزة الأمنية الفلسطينية المعنية بأمن المخيم تؤكد أنهم ينتمون إلى "كتائب عبدالله عزام" التابع لتنظيم "القاعدة" ويحضّرون لعمليات أمنية في الجنوب والداخل وهم يجتمعون في البيوت التي هجرها لبنانيون من حي التعمير بسبب الوضع الأمني المتردي فيه وقد دخلوا الى لبنان بجوازات سفر مزورة. علما أن لا وجود أمنيا داخل حي التعمير – الطوارئ وأن معظم العناصر التي ترتكب خروقا أمنية وجرائم متنوعة تتخذه مخبأ لها وهو محاصر لجهة صيدا بمخابرات الجيش ولجهة مخيم عين الحلوة بالكفاح المسلح.

غير أن مصادر بارزة في مخيم «عين الحلوة» نفت في اتصال مع «الجمهورية» هذه الرواية جملة وتفصيلاً مؤكدة بأن الهدف من ورائها هو استهداف المخيم بتلبيسه رواية القاعدة التي نفتها كل المراجع الرسمية وفي طليعتها رئيسي الجمهورية والحكومة.

عبوة في صيدا ليلا

وفي السياق الأمني نفسه، عُثر ليل أمس على عبوة في مرآب أحد الأبنية في ساحة القدس في صيدا، بعدما اشتبه أحد المواطنين بجسم غريب موجود داخل كرتونة وضعت قرب المبنى الذي يقطنه إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود. وقد أبلغ القوى الأمنية التي حضرت إلى المكان على الفور برفقة خبير متفجّرات كما طوّق الجيش اللبناني المنطقة.

وفي إطار متصل دعا محافظ الجنوب إلى اجتماع لمجلس الأمن الفرعي في سراي صيدا اليوم لتدارس الأوضاع الأمنية التي تشهدها المنطقة أخيرا، خصوصا صيدا القديمة، على أن تتخذ قرارات بتكثيف الإجراءات الأمنية وإنشاء مخفر لقوى الأمن الداخلي فيها.  

السابق
هل فجرت اسرائيل الطائرة الاثيوبية في بيروت؟ أو…
التالي
هل تم تمرير الماء تحت قدمَي الجنرال؟