نحو النزاع الاقتصادي الأخير

معظم باحثي التطور الإنساني يشخصون «محركين» اثنين رفعا مستوى معيشة سكان القرى الأرضية من مستوى قاطفي الثمار وصيادي الحيوانات مع مدى عمر لثلاثين سنة إلى ما نحن نعيشه اليوم: الديمغرافيا والرأسمال البشري. القدرة على إشعال النار، طبخ الغذاء، اختراع الكتابة وتطوير المنتجات، إلى جانب حراك ملايين الأشخاص من مكان إلى مكان، تشرح تقريبا كل شيء.

البروفيسور تسفي اكشتاين شرح في بحوثه المكانة الخاصة لليهود من ناحية اقتصادية. في الوقت الذي ساد فيه الجهل في العالم المسيحي في أوروبا، اجتهدت الغيتوات اليهودية للحفاظ على جمرة عارفي القراءة والكتابة والتفكير العقلاني. لم يكن هؤلاء كافين. الديمغرافيا اليهودية، وللدقة جغرافيا توزيعهم، سمحت باستغلال بدء التجارة الدولية لتحقيق ازدهار اقتصادي. فقد كان لليهود من أمستردام قدرة حوار مع اليهودي من البندقية لم تكن للمسيحي العادي.
الآن، مع نهاية العام 2011، يمكن أن نرى بيقين نهاية القصة. سحابة ديمغرافية حامت فوق الصين قبل ثلاثة عقود: سياسة الطفل الواحد لكل عائلة. بعد 30 سنة ستكون الصين قزما اقتصاديا إذ بمعدل ثلاثة عاملين للمعال الواحد ستنتقل إلى عامل واحد لثلاثة معالين. حكومة الصين تستثمر منذ عقدين مالا كثيرا في الخارج لخلق مصدر دخل للمستقبل. وهي ستحتاج إلى مئات ملايين المهاجرين كي تمنع النزاع الاقتصادي الأخير. النزاع الاقتصادي الأخير لاوروبا منع فقط لأنها سمحت لملايين المهاجرين من تركيا، من افريقيا ومن شرقي اوروبا بإعالة عجائزها المتكاثرين.
 في إسرائيل يمكن أن نرى النهاية، وهي أقرب مما نميل إلى التفكير. ولكن ليس العرب هم الذين سيأتون للقضاء علينا. فإذا كان لديهم صبر فان الموضوع سيلتقي هنا من تلقاء نفسه. بسبب الديمغرافيا والرأسمال البشري.
في نهاية الصيف شكلت الحكومة لجنة تريختنبرغ. وكما هو متوقع من مثل هذه اللجنة، فقد فعلت ما توقعه منها بنيامين نتنياهو. أي «لا شيء هام». كان في توصياتها بندان صغيران يعنيان بالرأسمال البشري وبالديمغرافيا. وعلى رأسها تمت التوصية بالتوسيع الكبير للتعليم منذ الجيل الأول. وفي الثانية أعطي تفضيل في السكن لمن يعمل أو من يبحث عن عمل. ومع أن هذه توصيات ناقصة – فحتى هذا ألغاه نتنياهو.

هذا عارض لسياسة بعيدة المدى لحكومات إسرائيل. في الساحة الأكاديمية تقاس قدرة تنمية الرأسمال البشري بقدر ما تقتبس به مقالات الباحثين من إسرائيل. يوجد الكثير، ولكن معظمهم باحثون أبناء 70 فما فوق أو ممن لم يعودوا أحياء. صحيح أن كل الإسرائيليين يعرفون القراءة ولكن معدل أولئك الذين يفهمون ما يقرأون منخفض بالقياس إلى ما يلزم في مستوى التنمية الاقتصادية (ناهيك عن التنمية الثقافية). منذ خمس سنوات ونصف الأطفال في القدس يتعلمون في مدارس لا يجري فيها تعليم أي شيء هام. في إسرائيل كلها هذا سيكون بعد 30 سنة. وهذا يضمن، عودة إلى الديمغرافيا، أن نصل إلى وضع الصين في تلك الفترة. لن يكون هنا من يعمل أو ينتج أو يفكر أو يعطي قيمة تتيح العيش هنا بشكل كريم.

هذا الأسبوع كانت هنا عاصفة كبيرة لأنه في بيت شيمش بصقوا على النساء اللواتي سرن في الرصيف غير الصحيح (من ناحية الرجال الأصوليين) ولأنهم صرخوا على امرأة جلست في المكان غير الصحيح في الباص. بقدر ما هي الادعاءات محقة، فان البصقة في بيت شيمش صغيرة مقابل البصقة على التعليم، ولا سيما التعليم في المدارس الأصولية. المقعد في الباص يحتل حجما هامشيا بالقياس إلى غياب الرجال عن سوق العمل والتمويل العام للمخصصات بحجم أنهم يتعلمون أوامر الحاخام الطفيلي. التسليم بالتخلف الماضي هو الذي يشرح بصقة الحاضر والموت المؤكد لهذا المجتمع بعد قدر غير بعيد من السنين.  

السابق
كبارة: الحكومة متآمرة مع نظام الأسد على لبنان
التالي
حل الظلام