حل الظلام

بعد أقل من شهر، إذا لم ننهض ونفعل شيئا ما فإن هذا سيحصل. رئيس الوزراء في إسرائيل، من خلال أصدقاء ومتزلفين من معسكره سيؤدي إلى إحلال الظلام على قناة تلفزيونية فقط لان صحفييها قاموا بعملهم كما ينبغي وكشفوا لنا عن حملات الاستمتاع التي يخوضها هو وزوجته في أرجاء العالم؛ بعضها على حساب الجمهور، بعضها على حساب متبرعين أسخياء سيدفع الجمهور بالطبع فاتورة الحساب التي سيبعثونها لنا. الكثير من الصحفيين كانوا يرغبون في أن يكونوا ذبابة على الحائط في منزل عائلة نتنياهو كي يروا ردود الفعل على التحقيق الصحفي إياه.

بعد أقل من شهر، إذا لم ينطلق الصحفيون في حملة لإنقاذ الكرامة الضائعة لمهنتهم، فستكتمل حملة الانتقام لتلك المكتشفات، فيما يكون نتنياهو هو المنتصر فيها بالضربة القاضية. انتقام لا هوادة فيه، لا يتوقف في أي مكان. القناة التي بث فيها التحقيق ببساطة ستغلق. آلاف عمالها، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، سيذهبون إلى بيوتهم، والصحافة بكل أنواعها ستنزف على الأرضية – إلى أن تستوعب جيدا الرسالة، ويستوعب محرروها الرئيسيون جيدا بان هذا لن يمر. إذا كنتم لا تريدون أن يحصل لكم أيضا ما حصل للقناة 10 فتفضلوا انشغلوا فقط بالتحقيقات عن استبعاد النساء. هذا هو الحد الأقصى. هنا لا توجد أي مخاطرة على رئيس الوزراء. العكس هو الصحيح. من هذا المكان يمكنه أن يبني نفسه بصفته الفارس الذي يحمي النساء في إسرائيل. شيء لن يحصل له. لا يهدوت هتوراة ولا شاس ستحلم حتى بان تترك ائتلافه، والذي هما فيه الحليفان الرئيسان. بالطبع خدم أصحاب القناة 10 نتنياهو ورؤساء ائتلافه خدمة جيدة. واضح أن الدين هو دين، والدين يجب أن يدفع. وواضح ومفهوم جدا كيف أن 40 في المائة من الجمهور فقط – المثقفين، العلمانيين، الليبراليين – يعارضون إغلاق القناة 10. إذ على هذا بالضبط يعول نتنياهو وأصدقاؤه في لجنة الاقتصاد في الكنيست، بما في ذلك رئيسها، كرمل شاما هكوهن، الذي يحاول كيفما اتفق الخروج جافا من كل هذه القصة بل وربما سينجح في ذلك. أجزاء واسعة من الجمهور يمقتون وسائل الإعلام بقدر لا يقل عن السياسيين. هم أيضا لا يريدون السماع عن الحياة الطيبة لرئيس الوزراء وعقيلته. فما لهم وهذا؟ إذ لن يكون لهم رئيس وزراء أفضل يحسن إليهم أكثر منه إذا كانوا يمينيين، أصوليين أو مستوطنين.

منذ أسابيع وأنا أتلقى عشرات الرسائل الالكترونية من ذات الجمهور الذي يثبت لي ولأمثالي اننا لا نفهم بان الدين يجب أن يدفع. هم محقون مبدئيا، ولكنهم مخطئون بحق الإعلام. اذا كانوا لا يفهمون كم هي وسائل الإعلام، المكتوبة والالكترونية على حد سواء، هي بئر بلا قاع للأموال، وانه لا يمكن حتى استرداد قسم صغير منها للمستثمرين. الصحفيون يعرفون هذا. وهم يعرفون الوضع على حاله. ومع ذلك، رغم ان مؤتمرا احتجاجيا واحدا لا يضر حقا، فإننا نختار ترك القناة 10 وحدها في المعركة. نعم، نتحدث في هذا، «نطرح الموضوع» ولكن عمليا لا نفعل شيئا. نسمح لرؤساء القناة بان يهينوا أنفسهم أمام السياسيين وان يستجدوا ليعودوا من هذه المعركة وحيدين أكثر من أي وقت مضى.

مظاهرة واحدة كبيرة، يدعى فيها «الشعب يريد حرية التعبير» يمكن أن ترتب الكثير من الأموال. الجماهير ستنضم إليها رغم ما يخيل. الصحفيون الهامون يلقون فيها كلمات وبعدها قد يتردد السياسيون في العناق العلني والفرح على إغلاق قناة تلفزيونية. إذا لم تنهض وسائل الإعلام وتخرج إلى الشوارع فإننا نستحق ما يفعلونه بنا. لعل اتحاد الصحفيين يمكنه أن ينظم هذا، بدلا من مؤتمر آخر في ايلات لا يغير حقا أي شيء في الواقع؟  

السابق
نحو النزاع الاقتصادي الأخير
التالي
ارحموا البلد قليلاً