قطر…والبصمات الأميركية

يعتبر مصدر دبلوماسي عربي انه بعد مرور حوالى عشرة أشهر على الاحداث في سورية، بدأت جميع القوى الدولية والاقليمية والعربية تلمس مدى قوة النظام في سورية، وهذه القوة ظهرت بوضوح من خلال تماسك وصلابة الجيش العربي السوري، بالاضافة طبعا الى الدعم الشعبي اللافت للنظام وللرئيس بشار الأسد وللمشروع الإصلاحي الذي يقوده.

بداية الاقتناع لدى هذه القوى تركت انطباعا اوليا، يقوم على قبول الهزيمة التي مني بها المشروع التآمري الذي يستهدف سورية، وان كان هذا القبول بدأ يظهر على الصعيد الدولي اولا، ومن ثم على مستوى تحرك مجلس الجامعة العربية، والى الصمت التركي والذي كان مرسوماً له دور لوجستي وعسكري في الأزمة السورية، مع الاشارة هنا الى ان قبول الفريق التآمري بالهزيمة مع إدخال بعض "الروتوش" عليها، يأتي في مرحلة التصدي للمجموعات الإرهابية والإجرامية التي تحاول عبثا جعل سورية تعيش باستمرار تحت هاجس وكابوس الانفلات الأمني ولو من خلال تنقل وتنوع العمليات الاجرامية بين منطقة وأخرى، وعلى وجه الخصوص في حمص وريفها وإدلب وريفها وحماه وريفها، مع معرفة من يقف وراء هذه المجموعة تمويلاً وتسليحاً. ان مثل هكذا عمليات تخريبية وإرهابية غير قادرة على إسقاط نظام أو دولة خصوصا اذا كانت سورية، ولكن يبقى الهدف الجوهري من مشغلي هذه المجموعات هو إنهاك وإرباك الدولة السورية. وكشفت المصادر الدبلوماسية العربية مدى تورط دولة قطر في هذه المؤامرة على سورية، وقد ظهرت خيوطها تباعا منذ اللحظة الأولى لتسلم قطر رئاسة مجلس الجامعة العربية بالتواطؤ مع محمود عباس، وقمة هذا التواطؤ تأتي في ضوء تحريك قطر للجنة الوزارية ساعة تأتيها الاوامر والاملاءات الأميركية، والسؤال المطروح في هذا السياق هو ان امين عام جامعة الدول العربية زار بغداد وطلب توسطها لدى القيادة السورية لتوقيع البروتوكول الذي اقترحته اللجنة الوزارية وقبلت الحكومة العراقية طلب أمين عام الجامعة، وبدأت فعلا بإجراء الاتصالات مع المعارضين السوريين، وكذلك مع المسؤولين السوريين والتي توجت بلقاء وفد عراقي يمثل رئيس الوزراء نوري المالكي، مع الرئيس بشار الأسد حيث رشحت عن اللقاء أجواء ايجابية جدا اشار اليها احد اعضاء الوفد العراقي، ومن ثم اعلن ان الوفد سيزور القاهرة للقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية واطلاعه على نتائج التحرك العراقي، والمفارقة الغريبة انه في هذه الأثناء دعت قطر اللجنة الوزارية للقاء في الدوحة، كان على إثره كلام واضح لوزير خارجية قطر حمد بن جاسم يفهم منه، انه موجّه في الدرجة الاولى ضد التوسط العراقي، والذي جاء بناء لطلب الجامعة العربية كما ان اقتراحه رفع الملف السوري الى مجلس الأمن الدولي لتبني المبادرة العربية، موّجه ضد مشروع القرار الروسي، والتحرك القطري هذا لم يأتِ من فراغ ولا بذكاء وزير خارجية قطر بل بتوجيه اميركي واضح، لأن قطر ومعها بعض الدول العربية لم تكن يوما صاحبة مبادرة او قرار حر ومستقل، وهم لذلك يعملون تحت أمرة الاميركي ودخولهم على خط الازمة في سورية منذ الأساس كان بأمر أميركي وليس تمنّ او رغبة، لان مثل هذه الدول اعتادت ان تكون مَطِية ورأس حربة في التآمر على الشعوب العربية. والآن يظهر دورها الحقيقي المعادي للعروبة وللمقاومة عبر مشاركتها في تمويل وتسليح الارهابيين والمجرمين والقتلة في بعض المحافظات السورية.

وتشير المصادر الدبلوماسية العربية، الى ان المشروع الروسي بخصوص الأزمة في سورية كان متوازنا الى ابعد الحدود، وجاء بمثابة ايجاد مخرج للقوى المتآمرة على سورية لحفظ ماء الوجه، ولتقبل الهزيمة السياسية والعسكرية والاقتصادية بكل أبعادها، خصوصا بعد الهزيمة الأميركية من خلال انسحابها من العراق، وهذه المرحلة هي مرحلة البحث عن المخارج والحلول، لان سورية انتصرت بكل معنى الكلمة وبالمفهوم الاستراتيجي، وان بقيت بعض البؤر الأمنية ولكنها ستعالج بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب.  

السابق
فتفت: المستقبل بصدد موقف رسمي من الاقتراح الارثوذكسي
التالي
اطلاق ورشة لمكافحة المخدرات وآلية لانهاء التعويضات