ماراثون بيروت وأهدافه الإنسانية

زحمة بيروت المعتادة حتى في أيام العطل، استعاضت عنها أمس بزحمة ماراثونها السنوي «الجامع». «أمواج» بشرية طافت شوارع العاصمة اللبنانية وضواحيها ملبية دعوة «انزلوا عالشارع اركضوا». دعوة على عكس التيار السائد في المنطقة، إذ تخالف الأجواء السياسية وتشنجاتها، داعية إلى التآلف والتعاضد من أجل أهداف اجتماعية، مكرسة رسالة الرياضة من أجل الخير.

وساهم الطقس المشمس على رغم درجات الحرارة المتدنية، في حضور وفود المشاركين من مختلف المناطق، فأموا وسط بيروت وتقاطروا إلى واجهتها البحرية للتنافس بمرح.

حوالى 32 ألف مشارك من 84 جنسية شكلوا مزيجاً من مختلف الأطياف والاتجاهات، حمل كثيرون منهم أهدافهم وقضاياهم وركضوا لأجلها. وفود من جمعيات ومؤسسات وشركات ومدارس وجامعات قالت هيا بنا للفرح والمرح «كاسرين» نمطية الأزمة السائدة، بينهم زميلات وزملاء من «دار الحياة» ركضوا أو ساروا وأفراد من أسرهم تحت شعار «العائلة السعيدة»، فضلاً عن 600 من عدائي النخبة الذين خاضوا السباق الأم ومسافته 42.195 كلم.

كما حضر وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي الذي أعطى إشارة انطلاق سباق الـ10 كلم، ورسميون وسياسيون ونجوم ووجوه اجتماعية وضيوف من الخارج كالأميركي أدوين موزس رئيس أكاديمية لوريوس، والكينية تيغلا لاروب سفيرة الـ «يونيسيف» للرياضة والسلام. وكان ضمن المتنافسين، خصوصاً في سباق الكيلومتر المخصص للسياسيين والضيوف، وزير الإعلام وليد الداعوق ووزير الاتصالات نقولا صحناوي ونواب لجنة الشباب والرياضة البرلمانية والوزير السابق زياد بارود، وسفراء، وقائد قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب «يونيفيل» الجنرال الإسباني البرتو أسارتا الذي خاض سباق الماراثون للبدل، اضافة إلى رؤساء ومدراء وكالات المنظمات الدولية العاملة في لبنان.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 قراراً يدعو حكومات الدول والأمم المتحدة إلى تمويل برامج وتنظيمها مستخدمة الرياضة كأداة لتعزيز التنمية والسلام والتربية والصحة. ولأنه «يوم الأسرة» في نظر كثر، قصدت مكان الحدث عائلات أرادت الاحتفال على طريقتها، مثل عائلة سليمان المؤلفة من خمسة أشخاص التي أتت من البقاع، وانطلقت في رحلتها في ساعات الفجر الأولى لتكون مستعدة قبل الموعد المحدد للسباق للمشاركة فيه. ودعت الأم نائلة سليمان الجميع «الاقتداء بنا لأن الغاية من هذه المناسبة نبيلة، والرياضة تبعد عن المتاهات والخلافات التي نعيشها. ماراثون بيروت عابر للطوائف والاصطفافات السياسية التي أرهقتنا»، مثنية على لفتة المنظمين وتخصيصهم سباقاً للأمهات والأطفال.

والاستقطاب الكبير الذي شهده الماراثون معززاً صورته دولياً، ترافق مع نتائج فنية مميزة أبرزها تكريس السيطرة الأثيوبية مع تحطيم كل من تاريكو جوفار (2.11.14 ساعة) وسيادا كدير (2.31.38 ساعة) الرقمين القياسيين للسباق، واستعادة اللبناني «البارالمبي» إدوار معلوف لقب فئة ذوي الإعاقة، مسجلاً فوزه للمرة الرابعة في السباق منهياً موسماً حافلاً، وهو على أبواب الاستعداد لدورة «لندن 2012» سعياً إلى تتويج ذهبي، بعدما حصد ميداليتين برونزيتين قبل أربعة أعوام في بكين.  

السابق
SMS قبل النوم… مرض
التالي
الطب الصيني لحلّ مشاكل الإنجاب؟