تمثـال غسـان توينـي في حديقـة :AUST

وقف تمثال غسان تويني شامخاً في «حديقة المبدعين» في «الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا»، إلى جانب تماثيل جبران خليل جبران، ومايكل دبغي، وسعيد عقل، لكن غسان تويني لم يستطع أن ينضم شخصياً إلى محبيه الذين حضروا لمشاهدته، وهو يرفع الستار عن تمثاله، فغاب ولم يتمكن من المشاركة للوهن الذي أصاب صحته، فكان حاضراً بصوره التي ملأت الحديقة، وبصوته الذي كان يصدح في الفضاء، مذكراً بمواقفه في الأمم المتحدة.

تجمع محبو غسان تويني عصر أمس في حرم الجامعة، فكان بينهم من عايشه ورافقه مثل المتروبوليت جورج خضر، ونقيب الصحافة محمد بعلبكي، ومن عمل معه في عائلته الكبيرة «النهار»، ومن أحبه وأحب جرأته وحريته وقلمه، ومواقف الصحافي والوزير، ونائب رئيس مجلس النواب، ونائب رئيس مجلس الوزراء، وسفير لبنان في الأمم المتحدة، وصاحب المؤلفات.

غصت «حديقة المبدعين» بالشخصيات السياسية والرسمية من نواب ووزراء وإعلاميين، وشارك وزير الاعلام ممثلا رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والنائب عبد الطيف الزين ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري.
بعد تقديم من الزميلة ماجدة داغر، رحبت رئيسة الجامعة هيام صقر بالحضور، وسألت: «كيف نقارب أو نختصر عملاقا مثل غسان تويني بالكلمات وهو الذي كان سيد الكلمة؟». وقالت: «هو غسان الكلمة الجريئة والقوية… خلق كي يكون صحافياً، فأشعل شعلة الحرية في الصحافة اللبنانية والعربية.. وكأنه خلق ليجابه فواجه الأحداث التي هزته ولم تكسره بل زادته هيبة وشموخا». وبعد وثائقي من إعداد طلاب قسم المرئي والمسموع في الجامعة بعنوان «غسان تويني شاهد على الذاكرة»، ألقى المتروبوليت خضر كلمة عاد فيها بالذاكرة الى أيام الصبا، وقال: «آمن غسان بأن اللبنانيين المختلفين يستطيعون أن يؤلفوا لبنانا واحدا له رسالته في كل الأطياف ومن كل الأطياف، وأنه لم يبق كما كان عند استقلاله وطنا مصنوعا». وتابع: «كشف غسان لبنانية صحيحة غير متشنجة وهو يحمل مسيحية ليبرالية غير مسيطرة، مسيحية مبثوثة من الإنجيل. هذه اللبنانية إن لم تأت من الرحمانية ومن نكهة الإسلام ومن تراث الشرق كلمة تكون هجينة في هذه المنطقة». وختم: «بهذه المشاعر والأفكار عمد كل ما كتبه غسان تويني في «النهار» وفي كتبه وفي كل ما عاشه من صداقات».
ثم قدم خضر الكتاب المقدس الى غسان، تسلمته حفيدته نايلة.

وبخطى متثاقلة، صعد النقيب البعلبكي الى المنصة ليعود بذاكرته الى يوم كان أستاذا للمكرم في «الجامعة الأميركية في بيروت»، وقال: «إنه رفيق العمر والحياة والدرب، والزميل الكبير الذي يرمز الى جبل بأكمله.. والصادق والباحث عن الحقيقة مهما تعالى صوت الطغيان، أو استعلت حواجز التعصب، انطلاقا من التشبث بالحرية والتسليم بحق الاختلاف ضمن إطار الولاء للوطن الواحد».
وبعدما تطرق الى ذكريات الماضي، قال البعلبكي: «إنه المتمرد بامتياز على كل واقع، لا سيما على واقع الجهل والتخلف والفساد، وهو المتمرد على ذاته أيضا. إنه في كل ما كتب في حضرة الحرية، ما اقبل يوما على سكب مداد إلا وانطلقت له قريحة في إبداء رأي أو موقف».
ثم ألبس البعلبكي عباءة قسم الصحافة في الجامعة لميشيل، حفيدة غسان تويني.

وألقت كلمة العائلة النائبة نايلة تويني، فشكرت الحضور والجامعة على التكريم، وقالت: «غسان تويني الإنسان هو غيره السياسي والدبلوماسي والصحافي، رغم أنه مارس أبوة في كل المراكز التي تبوأها وخصوصا في «النهار» المكان الأحب الى قلبه، وقلب جبران وقلبي وقلب كل لبناني حر».
ولفتت الى أن «صمت غسان تويني اليوم يتكلم، لأن في صمته ما هو أقوى من الكلمات، وفي كل دمعة يذرفها معان لا توصف في قصائد الشعراء، فألالم يحفر عميقا فيه إذ يرى لبنان مشتتا، وغير مستقر رغم كل الأثمان الباهظة التي دفعت، وهو يأمل اليوم ألا تذهب دماء الشهداء هدرا، بل أن يمضي في بناء لبنان الذي حلم به وكثيرون معه».
وأخيراً، تجمعت عائلة تويني الصغيرة حول تمثال غسان الذي حفر بأزاميل الأخوة غسان ومنصور وعارف عساف، وتجمع حوله الوزير الداعوق والنائب الزين والبعلبكي وخضر وعدد من الحضور لرفع الستار، ليجاور من سبقه الى حديقة المبدعين. 

السابق
اعادة هيكلة التنظيم
التالي
أبناء الهادي يحتفلـون باليـوم العالمـي للمعوقيـن