العربية لغة صعبة

 انتقدت مؤخرا لجنة رؤساء الجامعات قرارا خطيرا وهداما لا مثيل له ملص من تحت ناظر رادار الجمهور. فبتوصية وزارة التعليم تقرر اخراج عدد كبير من المواضيع من قائمة مواضيع التعليم التي تمنح المتقدمين لامتحان الثانوية العامة القصوى بمقدار 25 نقطة بعملية القبول في الجامعات، ففي المواضيع التي ستتضرر توجد اللغة العربية وكذا "دراسات العالم العربي والاسلامي". اذا ما أُقر القرار فان التلاميذ الذين يمتحنون في هذه المواضيع سيحظون في عملية القبول في الجامعات بعلامة دنيا من 5 حتى 20 نقطة وحتى هذا ابتداءا من علامة معينة فقط. من أصل 300 الف تلميذ يتقدمون الى امتحانات الثانوية العامة كل سنة، نحو 2.100 تلميذ ثانوية في القطاع الرسمي يمتحنون بحجم 5 وحدات عربية ونحو 700 يتقدمون الى الامتحان في دراسات العالم العربي والاسلامي. في بلاد محوطة بدول تنطق العربية وفي سكانها أقلية عربية واسعة فان هذه كمية طفيفة هي على أي حال لا تكفي كي تؤهل جيل المستقبل من رجال الاستخبارات، الدبلوماسيين، المحللين والمستشرقين الذين تحتاجهم اسرائيل.
من أجل التصرف بشكل ذكي وواع في الشرق الاوسط وليس كغرس غريب، فان اسرائيل تحتاج على نحو ميئوس منه الى ناطقين بالعربية. وها هو بجرة قرار واحد، توشك الدولة على أن تقطع هذا الفرع الحيوي. في ضوء المنافسة على أماكن التعليم بالجامعات، فانه لا يمكن لاي تلميذ واع ان يختار التوجه الى امتحانات تضعه في تخلف بعشرين نقطة في مواضيع التعليم الاساسية.
القلائل الذين سيواصلون التقدم الى الامتحانات بالعربية والثقافة العربية سيكونون اولئك الذين سيفشلون في محاولاتهم لتسجيل انفسهم في مواضيع اكثر جاذبية. هزال عدد التلاميذ سيؤدي الى اغلاق مساقات ووقف التأهيل لمعلمي العربية. ولن يكون مبالغا فيه التوقع انه في غضون بضع سنوات فقط، ستختفي العربية كلغة مهنية اساسية في امتحانات الثانوية العامة. التأثير على وحدات الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي وعلى معاهد البحث في الجامعات يمكن لنا فقط ان نخمنه. هذا الضرر ينضم الى الحرب التي قرر اعضاء معينون في الكنيست اعلانها على اللغة العربية. مبادرة التشريع للنائب آفي ديختر من كديما، مثلا، الذي يسعى الى الغاء مكانة العربية كلغة رسمية في دولة اسرائيل هو الهدية الاكبر التي يمكن لكنيست اسرائيل أن تمنحها لعزمي بشارة وحنين الزعبي اللذين مثل زملائهما من الحركة الاسلامية يتطلعون الى بناء هوية عرب اسرائيل من خلال كفاح انعزالي عن الهوية الاسرائيلية. لو لم يصب في اللحظة الاخيرة في كتلة كديما، لكان قانون ديختر يثبت بالاغلبية الصامتة من عرب اسرائيل ممن لا يزالون يسعون الى الاستيعاب في الدولة والمجتمع بأن الهوية الاسرائيلية غير قادرة على أن تحتوي في داخلها الاقلية العربية. حتى هنا، تيار متطرف في اوساط عرب اسرائيل فشل: معظم السكان العرب معنيون بالانخراط في الحياة الاقتصادية والتجارية للمجتمع الاسرائيلي، ويوجد حتى ارتفاع في استعداد الشباب للتطوع في الخدمة الوطنية.
ان قدرة دولة اسرائيل على ان تفهم الشرق الاوسط وتنخرط فيه ليست موضوعا للجدال بين اليمين واليسار. بل حاجة استراتيجية وأمنية أساسية. من سنيها لم تتمكن اسرائيل من ان تطور جيدا الثقافة العربية، وحتى القليل الذي تحقق يوجد الآن تحت تهديد وجودي من النواب الذين يتزلفون للشعب وموظفين قصيري النظر. على الاكاديميين ورجال الاستخبارات ان يستيقظوا وان يطلقوا صوتهم قبل ان يقع الضرر. على الكنيست ان تمنع مبادرات خطيرة من نوع مبادرات قانون ديختر، وعلى وزير التعليم ان يصحو وان يمنح تعليم العربية والعالم العربي المكانة الحيوية المناسبة لهما. 

السابق
بين عنتيبة وطهران
التالي
غوغائية ديختر