مجنون عبدالحليم يُطرِب أرصفة مصر

لا يبدو العثور على ذلك المهووس، الذي يعلن عن بضاعته من أغاني المطرب عبدالحليم حافظ بطريقة غير مألوفة، أمراً صعباً. فبمجرد السؤال عنه تتزاحم الأصابع للإشارة إلى مكانه. الصوت المرتفع، المنبعث من زاوية تتوسط الطريق إلى مجمّع ألعاب للأطفال، يشدّ الباحث عن المكان، حيث يجلس «مجنون عبدالحليم».

مضت 17 سنة منذ اختار هشام (49 سنة) العمل مروجـاً لأغـاني «الـعـندليـب الأسـمـر»، يـبيعها للمارة الـذين اعـتادوا وجوده فـي مصيف سـرجنار بمدينة السليمانية، منذ الصباح وحتى ساعة متأخرة من الليل.

هشام، الذي يضع إلى جانبه مسجّلة تبث «أهواك» و «زي الهوا» و «قارئة الفنجان»، يردد الأغاني مع التسجيل، وهو يحفظ أسماء مؤلفيها وملحنيها عن ظهر قلب. يرتب أمامه عشرات الأقراص المدمجة، المحصورة في طرب عبدالحليم، فيشتري منه المارة الذين يجذب انتباهم إلى المكان علو الصوت وشجن البائع.

حرارة الصيف وبرودة الشتاء لم تكسرا إرادة الرجل المجنون بأغاني «حليم». يواظب على الجلوس في المكان ذاته، يومياً، منذ سنوات، حتى أن مرتادي مصيف سرجنار اعتادوا أن يقصدوه لسماع الأغاني وشراء الأقراص المدمجة وربما العلكة.

يقول هشام: «أستمع إلى عبدالحليم منذ كنت طفلاً، وأحفظ كل ما غنّى، وأبيع موسيقاه منذ أكثر من 17 سنة». ومنذ غادر «عاشق العندليب» بغداد، إلى السليمانية، العام 1994، اعتاد الجلوس على أرصفة المدينة لبيع أشرطة الكاسيت، قبل أن ينتقل إلى مصيف سرجنار ويستبدل الأشرطة بالاقراص المدمجة.

يقول مازن رفيق، أحد مرتادي سرجنار: «لم نعد نتخيل المصيف من دون عاشق عبد الحليم، يعرفه زائرو المكان كلهم».

الأطفال أيضاً يعرفون هشام، ويشيرون إليه بأصابعهم كلما مروا به، على رغم أن غالبيتهم لا تجيد اللغة العربية ولا كلمات عبدالحليم ولا إشارات هشام المتفاعلة مع العزف إذ يردد كلمات «العندليب» الذي فتنه منذ الصغر.  

السابق
الرجال ضحية لفيروسات الإنترنت
التالي
زهرا: عودة الحريري قريبة ونهائية خيارنا الأول في الانتخابات الدائرة الفردية