كتبت "الجمهورية" تقول ، في خضمّ الرصد الدوليّ والإقليمي لمجريات عملية صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس" والتي من المقرّر ان تبدأ في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، تعيش المنطقة مرحلة "حبس أنفاس" مع دخول المواجهة السعوديّة ـ الإيرانية منعطفا خطيرا، بعدما شهدت فصلا جديدا من فصول المواجهة الدبلوماسية تمثّل بإعلان الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون انّه سلّم إلى مجلس الأمن الدولي مكاتبات بشأن اشتباه واشنطن في ضلوع طهران في مؤامرة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير في واشنطن، في حين أبدت إيران استعدادها للنظر في الاتّهامات الأميركية، وطلبت من واشنطن تزويدها تفاصيل القضيّة، لكي تتيح لها دراستها.
في لبنان، تقف الحكومة أمام جملة تحدّيات وسط ارتفاع حدّة المواجهة الداخلية على خلفيّة تمويل المحكمة الدوليّة الخاصة في لبنان وتردّداتها على وحدة الجسم الحكومي.
وفي خطوة لافتة بدا أنّ العدّ العكسي لمحاكمة الدفعة الأولى من المتّهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري انطلق أمس مع طلب قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين إلى غرفة الدرجة الأولى، الفصل في جواز الشروع في إجراءات المحاكمة غيابيّا في قضيّة الاغتيال.
وعلمت "الجمهوريّة" من مصادر وزاريّة أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تبلّغ في الساعات الأخيرة عبر "وسطاء" موقفاً حازماً ونهائيّاً من الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله "شخصيّاً" بأنّ تمويل المحكمة الدوليّة "لن يمرّ بأيّ شكل من الأشكال".
وهذا الموقف من جانب "حزب الله"، تمّت دراسته في أوساط ميقاتي التي توصّلت إلى نتيجة أنّ التصويت في مجلس الوزراء سيُسقط التمويل.
وتقول المصادر الوزاريّة إنّ الكرة وقد باتت في ملعب ميقاتي، من شأنها أن تجعله أمام خيارَين: الأوّل أن يقبل بفشل تمرير التمويل عبر "مخرج" التصويت في مجلس الوزراء. والثاني أن يستقيل وتستقيل معه الحكومة.
غير أنّ المصادر نفسها التي تعتبر أنّ منع مرور التمويل في مجلس الوزراء يُعَدّ فشلاّ لميقاتي ومحرجاً له سنّياً في الداخل، وكذلك على النطاقين العربي والدولي، ترى أنّ ميقاتي "ليس حرّاً" في الاستقالة، خصوصاً في الظرف الراهن، بالنظر إلى ما تقتضيه حاجات النظام السوريّ في هذه المرحلة بالتحديد.
وتختم بالقول "إنّ الاستقالة تبقى واردة، خاصة إذا كان إدخال لبنان في الفراغ الدستوري مشروعاً سياسيّاً لمحور النظام السوريّ ــ حزب الله". لكنّها تشدّد على أنّ قرار "حزب الله" بمنع التمويل على أساس أنّ المحكمة إسرائيليّة – أميركيّة ، كما يقول، يجعل من الأيّام القليلة المقبلة مفصليّة على صعيد الوضع الحكومي كما على صعيد الوضع اللبنانيّ عموماً.
وعشيّة جلسة مجلس الوزراء المقرّر عقدها بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، قالت مصادر وزارية إنّ البحث في مشروع قانون الموازنة سيفتح النقاش حول ملفّ تمويل المحكمة فور تقديم وزير المال محمد الصفدي فذلكة مشروع قانون البرنامج الخاص بها، والذي نصّ على ما يلي: "إعادة لحظ قانون برنامج جديد لتأمين مساهمة لبنان في نفقات المحكمة الدوليّة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الحريري بمبلغ 108 مليارات ليرة موزّع على سنتين، حدّد فيه اعتماد الدفع للعام 2012 بمبلغ 61 مليار ليرة، والوارد أصلاً في مشروع موازنة 2010".
واكتفت مصادر ميقاتي بالإشارة عبر "الجمهورية "الى أنّ الموازنة تحتوي على كلّ شيء، وليست مخصّصة للمحكمة وملفّ تمويلها فحسب، والبحث سيتناول مشروع الموازنة بكامله، وقد نصل غدا (اليوم) الى ملفّ المحكمة أو لا نصل، فالامر لا يحتاج الى الربط بين جلسة اليوم وتمويل المحكمة.
الى ذلك، وبعدما كشفت "الجمهورية" أنّ ممثّلين عن عدد من الصناديق العربيّة والأوروبّية المانحة التقوا وزير الطاقة والمياه جبران باسيل في الأيّام الماضيّة، بطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبتشجيع منه، وبحثوا معه في تمويل خطة الكهرباء وتنفيذها وفق الأصول التي تتبعها الصناديق. غير أنّ وزير الطاقة أبدى تحفّظات عن التعاون معها، ذكرت مصادر وزاريّة أنّ باسيل يتّجه نحوَ تلزيم الخطة، في أساساتها الحاليّة، إلى إحدى الشركات على أساس "التراضي" وليس وفقاً لمناقصة عالميّة مستندة إلى دفتر شروط.
وتقاطعت معلومات المصدر الوزاري مع موقف رئيس" جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط عبر جريدة "الأنباء" والذي سأل فيه: "أين هم صفوة القوم الذين يحاضرون فينا يوميّاً بالإصلاح ومكافحة الفساد؟ وهل صحيح أنّ الصناديق العربية قدّمت عروضاً لوزارة الطاقة لتمويل خطة الكهرباء ورفضت هذه العروض"؟
الى ذلك شهد مجلس النواب جلسة للجان النيابية المشتركة راسها رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور ميقاتي تم خلالها تحريك الملف النفطي بقوة في اتجاه البدء يتنفيذ الخطوات الآيلة الى إستخراج النفط والغاز من البحر والبر.
واعلن رئيس لجنة الطاقة النيابية بعد الجلسة ان الحكومة ستنجز المراسيم التطبيقية والتنظيمية لقانون النفط قبل نهاية السنة الجارية"، وسيتم تعيين هيئة قطاع البترول في الموعد نفسه، وأن الفصل الأول من 2012 سيشهد جهوز الملفات من اجل المباشرة باعطاء تراخيص للشركات المهتمة. وأشار إلى أنّ وزير الخارجية عدنان منصور سيتوجه خلال 10 أيام إلى قبرص لاستئناف المحادثات المتعلقة بتصحيح الحدود بالنسبة الى المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر.
في مجال آخر، استهجنت أوساط سياسيّة معارضة لـ"الجمهورية" تعامل السلطة باستخفاف مع ما كشفته زوجة المخطوف جوزف صادر، أمام لجنة حقوق الإنسان النيابية، لجهة "أنّ المركز الوظيفي (المعلوماتية) الذي شغر في "الميدل ايست" بعد اختطاف زوجها أسند الى شخص من آل الساحلي، موحية وكأنّ هذه العملية قد تمّت لهذه الغاية"، متسائلة: ألا يفترض بالسلطة نفي أو تأكيد هذا الخبر، وما إذا كان ثمّة نيّات مبيتة فعليّة لوضع اليد على هذا الموقع نظرا الى خصوصيته وحساسيته وأهمّيته؟ وكيف يتمّ تعيين بديل عن صادر من دون شرح موجبات هذه الخطوة أمام الرأي العام؟ وهل هذا التعيين يعني إقفالا لقضيته؟ ولماذا لم يُصَر إلى تعيين شخص من طائفة المخطوف؟ وما صحّة الكلام عن أنّ البديل هو مقرّب من "حزب الله"؟
وفي الملف الاجتماعيّ، تواصلت الخطوات لترجمة القرار الصادر عن مجلس الوزراء الى مرسوم يحدّد الزيادات على الحدّ الأدنى وسلسلة الرواتب حسب الشطور. تمهيدا لهذه المرحلة، عقد وزير العمل شربل نحّاس أمس اجتماعين مع وفد من الاتّحاد العمّالي العام والهيئات الاقتصادية.
وطالب وفد الاتّحاد نحّاس بتصحيح الثغرات الإدارية والقانونية المرتكبة، ولا سيّما على مستوى القطاع العام، التزاما بقانون سلسلة الرتب والرواتب المعمول بها في الإدارت الرسمية. وقاطع نحّاس هذا المطلب مؤكّدا أنّ الشطر المتّصل بالمليون و800 ألف ليرة سيشطب لتكون الزيادة 300 ألف ليرة على كامل الرواتب في القطاع العام.
وفي ظلّ الفوضى الناجمة عن الخلاف الناشب بين الاتّحاد العمّالي العام ورابطة أساتذة الجامعة اللبنانية والمدارس الرسميّة والخاصّة سادت أجواء البلبلة على مستوى فتح المدارس الرسمية والخاصة غداً الأربعاء لاستضافة مليون و450 ألف طالب.
ففي الوقت الذي اعتبرت فيه الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكية أنّ أبواب المدارس ستكون مفتوحة أمام الطلّاب غدا، أعلنت هيئة التنسيق النقابية في اجتماعها بعد ظهر أمس التوصية بتنفيذ الإضراب العام الشامل في جميع المدارس والثانويّات الرسمية والخاصة ودور المعلّمين والمعلّمات والجامعة اللبنانية والإدارات والمؤسّسات العامّة غدا الأربعاء، والاعتصام الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم عينه أمام السراي الحكومي.
