أبو عبدو شومان: المقعد الذي أنقذ الإمام الصدر من محاولة إغتيال في 1975

هو الحاج أبو عبدو شومان من مواليد 1947، رجل يحلو الجلوس معه ومحادثته نظرا لطريقته في الحديث وثقافته وقصصه القديمة والجديدة التي تجذب المستمع لمسامرته ومبادلته الحديث، فتخاله استاذا للغة العربية بفعل ثقافته العالية وفصاحته في الكلام، ولكن في الواقع وكما يعبر عن نفسه فيقول: "أنا أمّي ولم أدخل المدرسة إلا وقت الإنتخابات".
يعيش الحاج أبو عبدو مع زوجته في بلدته الخرايب مقعدا، وذلك نتيجة للرصاصة التي تلقاها في ظهره عوضا عن صديقه الحميم آنذاك الإمام موسى الصدر.
تلقى الرصاصة التي حاولت إغتيال الإمام الصدر، وهو في الثامنة والعشرين من عمره، فكانت كافية لتفتك بعموده الفقري وتحرمه من المشي بسبب اصابته بشلل نصفي ومنعته من نعمة الابوة. وها هو اليوم يجلس على كرسيه المتحرك داخل دكانه الصغير، او غرفته الصغيرة التابعة لمنزله، الذي يعيش فيه وزوجته.
استطاعت "جنوبية" الوصول إليه وكشف سرّه ولفت النظر إلى هذه الحالة الانسانية التي مضى عليها 36 عاما دون ان تعرف وتنقل إلى العلن، لا سيما وانه قد حان الوقت للوقوف عند هذه القضية ومساعدتها بعد أن امضى صاحبها وزوجته كل تلك السنين بمفردهم ومن دون أن تمد لهم يد المساعدة في العلاج أو حصولهم على أي تعويض نتيجة لما أصاب ربّ المنزل، وفي التفاصيل:

1_ كلمنا عن الامام موسى الصدر وحياتك معه؟
السيد موسى، شخصية متواضعة ونادرة الوجود، ودائما ما كانت خطاباته اصلاحية وقريبة من الناس فهو يحاكي همومهم ويقف بجانبهم. وقد اتعرفت عليه بعد مجيئه الى لبنان وقام باصدار بطاقة سميت آنذاك ببطاقة ذو الفقار يجمع من خلالها إشتراكات وكان لديه موظف إسمه الحاج حسين حجازي كنت أذهب معه لجمع الإشتراكات ومن ثم أصبح الحاج حسين سائق الإمام الخاص فتابعت الأمر مع بديله الحاج فراس همام ومن هنا كانت الإنطلاقة مع الإمام الصدر

2_وما هي بطاقة ذو الفقار؟
هي بطاقة ذو الفقار للدعم تهدف إلى تجميع الطوائف في لبنان وكان الإمام الصدر يجمع من خلالها يجمع إشتراكات عبارة عن ليرة شهرياً إستطاع من خلالها أن يشتري مؤسسة جبل عامل في صور والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والدليل على أنه أراد تجميع الطوائف أنه إشترى المجلس الأسلامي الشيعي الأعلى في عمق المناطق المسيحية في الحازمية في جبل لبنان وأظن أنه مازال موجوداً حتى اليوم.

3_ متى حصلت محاولة الإغتيال؟
في 22 شباط 1975 كان الإمام الصدر في بلدة إرزي يلقي كلمة في أسبوع أبو منير الشرقاوي أو أبو سمير _لا أذكر من هو بالضبط_ ولكن الشخصان كانا موجودان وكان شفيق الوزان رئيس الوزراء آنذاك من أبرز الحضور وطلال فياض مرشح للنيابة في وقتها، إضافةً إلى فعاليات دينية وسياسية وحزبية وشعبية.

4_ كيف وصلت الرصاصة اليك؟
كنت وقتها واقفاً على نافذة الحسينية أستمع للخطاب وإذ برصاصة تصيب ظهري وبعد ذلك لم أع شيئاً ولم أجد نفسي إلا على السرير وكان ذلك في مستشفى وهبي شعيب في صيدا، ومن ثم نقلت إلى الجامعة الأميركية في بيروت لعدم توفر التجهيزات اللازمة لمعالجتي، وبت بعدها مقعداً وكنت حينها في 28.

5_ هل تعلم من كان مطلق النار؟
في الواقع هو حسين قبيسي من زبدين، ولكن لا تجوز على الأموات إلا الرحمة، ولم أعرف حينها الخلافات الحاصلة او الاسباب التي دفعته لمحاولة اغتياله.
 
6_ما هو دليلك على أن الحادثة كانت محاولة إغتيال؟
حينها كان يوجد مسلحين يطلقون النار في الهواء إبتهاجاً بالمناسبة، والنافذة التي كنت أقف عليها هي الوحيدة المواجهة لمكان وقوف الإمام الصدر، ولو أن القضية كانت قضاء وقدر لما وصفه الإمام بالمجرم، وهذا دليل على ان شيئاً كان حاصل بينهما، ونحن نعلم دقة وحكمة الإمام في الكلام وعندما نعته بالمجرم هذا لعلمه بأنه كذلك.

7_ كيف تعامل الامام موسى الصدر معك بعد الاصابة؟
بعد نقلي إلى الجامعة الأميركية جاء شخصٌ لا أود أن أذكرإسمه واخبرني أن الإمام الصدر سيطلق سراح الذي أطلق النار، ولكني لم اقتنع واجبته "اللي بيعرفو الإمام ما منعرفوا نحنا"، وبعدها أتى الإمام الصدر ليطمئن على صحتي فأخبرته عما قاله الرجل فامتعض للموضوع ورفضه رفضاً قاطعاً مؤكدا الاستمرار في محاسبة المجرم.
وجاءت بعدها أحداث 17 نيسان 1975، وبدأت الحرب الاهلية بعد تفجير بوسطة عين الرمانة، وحينها إنشغل الإمام بالعمل على وقف سفك الدماء مع السياسيين اللبنانيين، وكانت حالتي فقيرة وكنت بحاجة الى 200 ليرة في الأسبوع، وأثناء الحرب أتى إليّ سائق الإمام الحاج حسين حجازي وقدّم لي 1000 ليرة لبنانية من الإمام الصدر واعتذر نيابة عنه، حينها أيقنت تواضعه وانسانيته، وبالرغم من الظروف الصعبة التي كان يمر بها الامام وعد بأن ينقلني إلى الخارج للعلاج بأرقى الدول المتقدمة طبياً، ما أن تهدأ الامور في لبنان ولكن لسوء حظي إختفى الإمام في 31 آب 1978 وأصبحت أعيش على أكتاف الأجاويد وضاع حقي نتيجة اصابتي بشلل نصفي.

8_من يشرف اليوم على طبابتك، ومن يجب أن يتحمل المسؤولية بعد غياب السيد موسى؟
لا أحد، كل شيء من حسابي الخاص، ولكن يبقى مجمع نبيه بري في الصرفند الوحيد الذي يقدم العون للمعاقين، فهو يؤمن لنا بعض المعدات اللازمة التي تساعدنا في هذه الحياة، وإليه كل الشكر. ولا أحمّل المسؤولية لأحد، هذا قدري وأنا أرضى به، ولكن يبقى أن أطلب من المسؤولين أن يضعوا أنفسهم مكاننا، حتى يشعروا بما نعاني ويساعدونا لاسيما وأن المعوق في لبنان مهدورة حقوقه فإذا ما احتاج إلى دخول مستشفى أو زيارة طبيب عليه ان ينتظر كالذليل، وهو أيضا محروم من أبسط الحقوق الموجودة في الدول المتطورة كأوروبا واميركا، من شوارع وممرات خاصة بالكرسي المدولب، أو السيارات المجهزة للمعوقين، غيرها من الامور التي نحتاجها لاكمال حياتنا بكرامة. 

السابق
الخوري: الوضع في لبنان متشنج وغير امن اقتصاديا وسياسيا ملف التمويل هو الأخطر بالنسبة للحكومة وحزب الله لن يتهاون به
التالي
بلمار يتلاعب بقواعد الإجراءات والإثبات