إختبار لنضج الديمقراطية التركية

كان مقر الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية مزدحما عن آخره يوم الثلاثاء، حيث ملأ العشرات من أعضاء الحزب والصحافيين والناخبين القاعة، إذ جاءوا لتعزية رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في وفاة تنزيلة أردوغان.
وكان واضحا أن أردوغان متأثرا برحيل أمه، وبسهولة يعرف أي أحد ذلك من وجه رئيس الوزراء. بدأ كلمته بقوله: «كنت إلى جانب قبر في مدفن كاراكاهميت أمس (10 أكتوبر/ تشرين الأول) وأنا هنا الآن معكم وسط نواب. إنه موقف صعب، ولكن كما تعلمون هذه سمة الحياة».

وبعد عودته إلى أنقرة، عاد رئيس الوزراء إلى أجندته وجعل عملية صياغة الدستور في المقدمة، وتلتها الحرب على الإرهاب والاضطرابات في سوريا.
وفيما يتعلق بالدستور، فضل أردوغان نقل رسائل معتدلة في حين يستعد نواب الأحزاب السياسية لأول اجتماع للجنة برلمانية حددها رئيس البرلمان جميل جيجك.
 
وفي معرض الربط بين نصيحة تركيا لدول إقليمية بتعديل دساتيرها في وقت قصير – في إشارة غير مباشرة إلى سوريا – وجهود تركيا لإعادة صياغة دستورها، أعرب أردوغان عن رفضه لانتقادات أحزاب معارضة لوضع موعد نهائي مقدر بعام لهذه العملية. وتساءل قائلا: «كيف لا نستطيع أن ننهي عملنا في عام في حين نقترح على هذه الدول تعديل دساتيرها في ثلاثة أو ستة أشهر؟».

وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن موافقة الأحزاب على بدء العملية من دون أي شروط مسبقة تبعث على الأمل. ولكن يعتقد الكثيرون في أنقرة أن مسار وضع الدستور سيكون محفوفا بصعوبات على ضوء التوترات السياسية الحالية. كما أن ربط رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتش دار أوغلو، نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي بقضية اختلاس المنارة الجارية سيعمل على توتر العلاقات بين الحزب الحاكم وحزب المعارضة الرئيسي. ويأتي إصرار حزب الحركة الوطنية على عملية سريعة عبر الحدود في شمال العراق وانتقاده الحاد لحكومة لعقدها لقاءات سرية مع حزب العمال الكردستاني المحظور كعائق لعلاقات معقولة بين الاثنين.

وأخيرا وليس آخرا، سيكون حزب السلام والديمقراطية الغاضب إزاء عمليات الاعتقال الجماعية لنشطاء وساسة أكراد مفاوضا صعبا على الدستور الجديد.
وقد برهنت الأحزاب على نيتها الصريحة إزاء الدستور الجديد. ويجب أن يكونوا قادرين على جعل اللجنة البرلمانية خالية من الجدل السياسي من أجل هذه العملية. وسيتحمل الأعضاء الـ12 للجنة، ثلاثة نواب من كل حزب من أربعة أحزاب سياسية، مسؤولية تاريخية للوصول إلى هذه النهاية. يجب أن يكونوا حكماء ومسؤولين بألا ينزلقوا إلى مناوشات زملائهم اليومية أو الجهود الرامية لتقويض هذه العملية. وسيكون فشل هذه العملية علامة مؤسفة في سجل الديمقراطية التركية، التي يحاول أردوغان تصديرها إلى الدول المجاورة. كما أن القضاء على هذه العملية سيضر أيضا بطموحات تركيا الرامية إلى أن تصبح زعيما إقليميا 

السابق
الثورة المصرية بين المشكلة الدينية والسياسية
التالي
سوريا بخير !!