ما تزال المعركة أمامنا

تم تقبل خطبة الرئيس باراك اوباما في الجمعية العامة للامم المتحدة وفي اسرائيل بهتاف ابتهاج.

اجل فالحديث عن خطبة صهيونية وشجاعة وحقيقية وصحيحة، بل هناك من يزعمون انها أفضل خطبة لاسرائيل خطبها قط رئيس امريكي في منتدى الامم المتحدة.
ومن المثير ان الحديث عن رئيس يُشهر به منذ سنتين اليمين الاسرائيلي وفيه وزراء واعضاء كنيست من الليكود، ويعرضونه بأنه الرئيس الامريكي الأشد عداء لاسرائيل.
يمكن ان نقدر ان الفلسطينيين ينتظرهم فشل في مجلس الامن لا بسبب النقض الامريكي فقط. اذا لم توجد في مجلس الامن تسعة اصوات تؤيد قبول فلسطين للامم المتحدة فسيكون ذلك ضربة شديدة لهم. ويصعب ان نتذكر حالة لم ينجح فيها العرب بتجنيد أكثرية في مجلس الامن. لكنهم اذا حصلوا على أكثرية تسع دول أو عشر تؤيد الاقتراح، لكن لا تؤيده الى جانب الولايات المتحدة بضع دول اخرى، فسيُعد ذلك هزيمة فلسطينية.

ورغم ذلك فان من يعتقد ان المعركة انتهت وان التسونامي تبين بأنه عاصفة موسمية عابرة ـ يخطئ ويضلل. فالحديث فقط عن الجولة الاولى في معركة طويلة. فالفلسطينيون لن يتخلوا عن دولة والعالم لن يتخلى لاسرائيل عن دولة فلسطينية وسيأخذ الضغط في الازدياد والشدة مع الوقت. ان اعلان الرباعية الذي يشتمل على جداول زمنية ومؤتمر في موسكو هو العلامة الاولى. قال وزير الخارجية انه يوقع بيديه على خطبة اوباما واليمين مبتهج يرقص في الشوارع. يبدو ان لهم سمعا انتقائيا. فأنا سمعت رئيس الولايات المتحدة يؤكد التزامه غير المتحفظ بانشاء دولة فلسطينية ذات سيادة واستقلال على أساس الخطة التي عرضها في أيار (مايو) هذا العام، أي على أساس خطوط 1967. 
خطب رئيس فرنسا، نيكولا ساركوزي في الامم المتحدة. وتحدث في الحقيقة عن دولتين قوميتين وهذا شيء ايجابي عند اسرائيل، لكنه قال بصراحة ايضا ان فرنسا تؤيد قرار الجمعية العامة الذي يعترف بفلسطين دولة مراقبة ليست عضوا في الامم المتحدة باعتبار هذا مرحلة بينية ايضا.
ان حكمة السياسة هي ألا يدور الرأس بنجاح لحظي بل ان تلاحظ مسارات طويلة الأمد. أصبح يمكن الآن ان نشتق من المسار الحالي ولا يهم كيف سيتطور أثرين للمستقبل لا يبشران دولة اسرائيل بالخير. الاول، ان الولايات المتحدة لن تظل الوسيطة الوحيدة في الصراع، فمنذ الآن فصاعدا سيكون لدول اخرى كاوروبا وروسيا تأثير ذو شأن. وثانيا، تبين على رؤوس الأشهاد تعلق اسرائيل المطلق بالولايات المتحدة. فمن الواضح اليوم ان العامل الوحيد الذي يحمي اسرائيل من تسوية مفروضة في غير مصلحتها، هو الولايات المتحدة ورئيسها.

ستنشأ دولة فلسطينية إن عاجلا أو آجلا، والسؤال هو فقط هل تنشأ باتفاق يضمن أشد المصالح حيوية لاسرائيل (الاعتراف بدولة قومية يهودية، والتخلي عن حق العودة وترتيبات امنية) أم تنشأ قسرا. والجواب في أساسه متعلق بالسياسة الاسرائيلية.
لم ينتصر الفلسطينيون في هذه الجولة لانه نُظر اليهم على انهم رافضون للتفاوض. ولا يجوز ان تُرى اسرائيل رافضة للسلام.
تستطيع اسرائيل الانتصار في المعركة اذا برهنت فقط على ان عندها استعدادا صادقا حقيقيا لقبول دولة فلسطينية في أنحاء يهودا والسامرة وغزة بالشروط المذكورة آنفا.
وعليها من اجل ذلك ان تضع على المائدة اقتراحا واقعيا معقولا يشتمل على خريطة ترسم الحدود الدائمة والترتيبات الامنية ويحسن ان يكون ذلك في أسرع وقت ممكن. 

السابق
أفكارنا و أحلامنا ستصبح ملك غيرنا
التالي
تأهيل محطة تكرير الصرف الصحي في الهبارية