طريق الثورة الشائك

عبر كثير من الأصدقاء عن قلقهم مما يجري في الدول العربية التي حدثت بها ثورات، على اعتبار أن هذه الثورات لن تنجح طالما هناك محاولات للالتفاف أو ثورة مضادة أو تآمر غربي وعربي على عدم نجاحها أو قفز القوى الاسلامية عليها، أوالعودة بأوضاع هذه البلدان كما كانت وربما أسوأ.
وبالطبع نحن نتفهم هذا القلق العام عند الشعوب العربية، والذي أصبح شائعاً ومعدياً، ونعم صحيح اننا يجب أن نقلق، فالرأسماليون العرب وفي العالم لن يسلموا بسهولة ولن يفقدوا نفوذهم ومالهم الذي كسبوه باستغلال بشع للشعوب بطواعية، ولن يتخلى الاسلاميون عن فرصة عدم استقرار الأوضاع لكي يحققوا حلمهم بدولة اسلامية، وهناك العديد من لهم مصلحة في عدم نجاح هذه الثورات وخاصة الأنظمة العربية، التي عاشت لعقود في طمأنينة وفساد وعمالة للغرب ولاسرائيل.
ولكن الثورات لا تعتبر ظافرة بمجرد اسقاط رئيس الدولة، بل هي المرحلة الأولية بيد أن طريق الثورة طويل جداً وفيه تضحيات وكفاح مرير حتى يتحقق نظام سياسي واجتماعي واقتصادي جديد، فالثورة الفرنسية استمرت سنوات أريقت فيها دماء كثيرة، وكذا الثورة البلشفية وهما ثورتان غيرتا من التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية وليس مجرد اسقاط رمزي البلدين.
ان الثورة التي تهدف الى التغيير لا تكتفي بتغييرات شكلية أو جزئية، بل يجب أن يكون التغيير جذرياً أي تغيير النظام برمته وتغيير أجهزة النظام القديم مثل النظام السياسي والجيش والشرطة، فمعظم الثورات العربية والانقلابات العسكرية القديمة ان لم يكن كلها، أبقت على الجيش والمخابرات أو أمن الدولة والأجهزة القديمة، وكأنها أبقت على كل أسباب النظام الساقط، بل حيدت موقتاً بعض أركان النظام القديم لتعود حليمة الى سيرتها القديمة.
ان طريق الثورة شائك ووعر، يحتاج الى وعي ثوري كما يقال، ويحتاج الى مثابرة وجلد ويقظة، فالنظام هو ليس الرئيس والوزراء ومجلس الشعب، بل هو كل مكوناته وأجهزته وسياساته وأشخاصه المنتفعين من وجوده.
ولا تعتبر الثورة ناجحة اذا لم تتكون مؤسسات وجمعيات شعبية، تكون ممثلة حقيقية عن الشعب ومصالحه، ولا نقصد أن تكون بديلاً عن المؤسسات السياسية، بل تكون منظمة ومراقبة وضابطة للسلطة، فاستفراد الأنظمة بالشعوب كان دائماً بسبب غياب مؤسسات مجتمع مدني مستقلة.
لم تكتمل أي ثورة عربية حتى الآن، سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن، لكنها وبوعي أحزابها السياسية ووعي شعوبها، ستصل الى الظفر المنشود، وعندها فقط نستطيع ان نقول أن الثورة قد نجحت.
  

السابق
رؤساء العرب: شر البلية ما يضحك!
التالي
الراي: تفسيرات الراعي لمواقفه زادتها التباساً وانتكاسة علنية بين حزب الله وجنبلاط