هل خسرت 14 آذار الراعي وقباني؟!

لم تمض أشهر قليلة على اعتلاء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي سدة البطريركية المارونية حتى أصبح بطريركا مثيرا للجدل ومحط أنظار ومركز جذب واستقطاب خلال فترة وجيزة وحيث انه فعل في ثلاثة أشهر ما لا يقدر سواه على فعله في ثلاث سنوات، نجح في بلورة وصياغة شخصيته البطريركية ودوره السياسي الذي طغى وتقدم على دوره الديني، مختطا لنفسه أسلوبا خاصا متمايزا ومتميزا في دينامية حركة وحضور وموقف يصعب اللحاق بها، وفي نهج يستدل منه انه نهج من يريد ان يقود ويرفض أن يقاد.ومنذ اليوم الاول أرسل الراعي اشارات متلاحقة الى انه بطريرك مختلف عمن سبقوه: بطريرك «شعبي» لا مسافة بينه وبين رعيته التي يذهب إليها بدل ان تأتي إليه. بطريرك «مبادر» لم يتأخر في جمع شمل قادة الموارنة وفي تنفيذ سياسة انفتاح وحوار تحت شعاره المفضل «شراكة ومحبة» في اتجاه كل الطوائف، عاملا على ترسيخ ما كان قائما وساعيا الى إعادة وصل ما انقطع مع بعضها.ومقابل حرصه على ان يكون ممسكا بزمام المبادرة، يتبع أسلوب الصدمات والمفاجآت وأولها كان في دعوته المبكرة الى إجراء تعديلات في اتفاق الطائف لسد وتصحيح ما كشفته ممارسات السنوات الماضية من ثغرات ونواقص وخلل قبل ان تأخذ هذه الدعوة عنوانا آخر هو الدعوة الى عقد اجتماعي جديد في لبنان.وأما آخر هذه المفاجآت فجاء من باريس عندما أدلى الراعي بمواقف اعتبرت «جريئة» في مقاربتها وتصديها لمسائل دقيقة وحساسة، يمكن ان تقال في الاجتماعات المغلقة ولكن إخراجها الى العلن لا يخلو من مخاطرة لأنها من النوع الذي «يصدم». وبالفعل هذا ما حدث، وكانت الصدمة شاملة لدى طرفي الصراع السياسي في لبنان.ففريق 14 آذار صدم سلبا بأن البطريرك الراعي ذهب في تمايزه واختلافه عن البطريرك صفير الى أبعد مما توقعه. هذا الفريق توقع اختلافا في الأسلوب ولكن الاختلاف جاء في المضمون والى حد التعارض.وفريق 8 آذار صدم ايجابا وفوجئ بأن البطريرك الراعي ذهب في مواقفه الى أكثر مما توقع وانتظر في ثلاثة مواضيع أساسية: المحكمة الدولية وسلاح حزب الله والوضع في سورية. ترى مصادر 8 آذار ان مواقف البطريرك بشارة الراعي والمفتي محمد رشيد قباني بدأت تعكس نشوء معادلة سياسية مفادها أن قوى 14 آذار المسيحية «خسرت» البطريركية المارونية كـ «داعم» لها، في مقابل خسارة تيار «المستقبل» دار الفتوى كـ «داعم» له، وهذه المعادلة نشأت بفعل تمايز كل من الراعي وقباني في المواقف والخيارات عن مواقف قوى 14 آذار بكل مكوناتها وخياراتها.

إذ بعدما كانت هاتان المرجعيتان شكلتا، أو أن البعض اعتبر أنهما شكلتا، فيما مضى، رافعتين لهذه القوى، أضحتا اليوم تتخذان مواقف ذات طابع استراتيجي وبدت أقرب الى مواقف وخيارات الأكثرية.
 
ويقول أحد السياسيين ان 14 آذار «خسرت في شهر واحد ما لم تخسره في شهور، أي موقع البطريركية المارونية ودار الفتوى. واذا كان «المستقبل» قادرا على توجيه حملته الى دار الافتاء بما يتناسب مع جمهوره وموقعه الطائفي، فانه رغم عتبه الشديد على بكركي وملاحظاته المتكررة في الصالونات السياسية، وعلى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وكلامه الأخير عن سورية والسنة، لن يدخل في سجال مباشر معه. وهو ترك الأمر للقيادات المسيحية والمارونية من حلفائه، من دون ان يعني ذلك ان التنظيمات السنية لن ترد على الراعي كما فعلت «الجماعة الاسلامية» او غيرها من الشخصيات الدينية السنية.

بدورها، تدارست قوى وقيادات مسيحية في 14 آذار تصريحات ومواقف البطريرك الراعي وطريقة التعاطي معها.

وعلم من مصادر مواكبة للمناقشات الجارية ان هناك توجها الى:

٭ اتباع أسلوب الرد غير المباشر وبألا يصار الى تسمية البطريرك الراعي والاتيان على ذكره وانما الاكتفاء بالمضمون السياسي الذي يشكل في حد ذاته ردا.

٭ الطلب من القيادات السنية في 14 آذار وفي مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة المساعدة في ضبط الردود الاسلامية على الراعي حتى لا يؤثر ذلك سلبا على إنجازات ومكتسبات المرحلة الماضية على صعيد الشراكة الاسلامية ـ المسيحية.

٭ عقد لقاء مسيحي هذا الشهر لإصدار وثيقة سياسية تعيد تركيز الثوابت التاريخية الوطنية للمسيحيين.

إلا أن اللافت كان «اللاموقف» من حزب الكتائب، حيث لم ينخرط في الحملة ضد البطريرك الراعي بخلاف قوى .وشخصيات في 14 آذار، وفضل تحديد موقفه بعد الاجتماع الى الراعي واستيضاحه خلفيات وأسباب هذه التصريحات. ولم يؤيد الرئيس أمين الجميل فكرة تشكيل وفد لزيارة بكركي بعد عودة البطريرك وقال انه لا يجوز ان نظهر وكأننا نزوره لاستجوابه، واذا أراد غبطته فسنزوره بناء على طلبه 

السابق
هل خسرت 14 آذار الراعي وقباني؟!
التالي
اعتصام للمتعهدين اللبنانيين أمام مقر الكتيبة الإيطالية في شمع

هل خسرت 14 آذار الراعي وقباني؟!

لم تمض أشهر قليلة على اعتلاء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي سدة البطريركية المارونية حتى أصبح بطريركا مثيرا للجدل ومحط أنظار ومركز جذب واستقطاب خلال فترة وجيزة وحيث انه فعل في ثلاثة أشهر ما لا يقدر سواه على فعله في ثلاث سنوات، نجح في بلورة وصياغة شخصيته البطريركية ودوره السياسي الذي طغى وتقدم على دوره الديني، مختطا لنفسه أسلوبا خاصا متمايزا ومتميزا في دينامية حركة وحضور وموقف يصعب اللحاق بها، وفي نهج يستدل منه انه نهج من يريد ان يقود ويرفض أن يقاد.ومنذ اليوم الاول أرسل الراعي اشارات متلاحقة الى انه بطريرك مختلف عمن سبقوه: بطريرك «شعبي» لا مسافة بينه وبين رعيته التي يذهب إليها بدل ان تأتي إليه. بطريرك «مبادر» لم يتأخر في جمع شمل قادة الموارنة وفي تنفيذ سياسة انفتاح وحوار تحت شعاره المفضل «شراكة ومحبة» في اتجاه كل الطوائف، عاملا على ترسيخ ما كان قائما وساعيا الى إعادة وصل ما انقطع مع بعضها.ومقابل حرصه على ان يكون ممسكا بزمام المبادرة، يتبع أسلوب الصدمات والمفاجآت وأولها كان في دعوته المبكرة الى إجراء تعديلات في اتفاق الطائف لسد وتصحيح ما كشفته ممارسات السنوات الماضية من ثغرات ونواقص وخلل قبل ان تأخذ هذه الدعوة عنوانا آخر هو الدعوة الى عقد اجتماعي جديد في لبنان.وأما آخر هذه المفاجآت فجاء من باريس عندما أدلى الراعي بمواقف اعتبرت «جريئة» في مقاربتها وتصديها لمسائل دقيقة وحساسة، يمكن ان تقال في الاجتماعات المغلقة ولكن إخراجها الى العلن لا يخلو من مخاطرة لأنها من النوع الذي «يصدم». وبالفعل هذا ما حدث، وكانت الصدمة شاملة لدى طرفي الصراع السياسي في لبنان.ففريق 14 آذار صدم سلبا بأن البطريرك الراعي ذهب في تمايزه واختلافه عن البطريرك صفير الى أبعد مما توقعه. هذا الفريق توقع اختلافا في الأسلوب ولكن الاختلاف جاء في المضمون والى حد التعارض.وفريق 8 آذار صدم ايجابا وفوجئ بأن البطريرك الراعي ذهب في مواقفه الى أكثر مما توقع وانتظر في ثلاثة مواضيع أساسية: المحكمة الدولية وسلاح حزب الله والوضع في سورية. ترى مصادر 8 آذار ان مواقف البطريرك بشارة الراعي والمفتي محمد رشيد قباني بدأت تعكس نشوء معادلة سياسية مفادها أن قوى 14 آذار المسيحية «خسرت» البطريركية المارونية كـ «داعم» لها، في مقابل خسارة تيار «المستقبل» دار الفتوى كـ «داعم» له، وهذه المعادلة نشأت بفعل تمايز كل من الراعي وقباني في المواقف والخيارات عن مواقف قوى 14 آذار بكل مكوناتها وخياراتها.

إذ بعدما كانت هاتان المرجعيتان شكلتا، أو أن البعض اعتبر أنهما شكلتا، فيما مضى، رافعتين لهذه القوى، أضحتا اليوم تتخذان مواقف ذات طابع استراتيجي وبدت أقرب الى مواقف وخيارات الأكثرية.
 
ويقول أحد السياسيين ان 14 آذار «خسرت في شهر واحد ما لم تخسره في شهور، أي موقع البطريركية المارونية ودار الفتوى. واذا كان «المستقبل» قادرا على توجيه حملته الى دار الافتاء بما يتناسب مع جمهوره وموقعه الطائفي، فانه رغم عتبه الشديد على بكركي وملاحظاته المتكررة في الصالونات السياسية، وعلى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وكلامه الأخير عن سورية والسنة، لن يدخل في سجال مباشر معه. وهو ترك الأمر للقيادات المسيحية والمارونية من حلفائه، من دون ان يعني ذلك ان التنظيمات السنية لن ترد على الراعي كما فعلت «الجماعة الاسلامية» او غيرها من الشخصيات الدينية السنية.

بدورها، تدارست قوى وقيادات مسيحية في 14 آذار تصريحات ومواقف البطريرك الراعي وطريقة التعاطي معها.

وعلم من مصادر مواكبة للمناقشات الجارية ان هناك توجها الى:

٭ اتباع أسلوب الرد غير المباشر وبألا يصار الى تسمية البطريرك الراعي والاتيان على ذكره وانما الاكتفاء بالمضمون السياسي الذي يشكل في حد ذاته ردا.

٭ الطلب من القيادات السنية في 14 آذار وفي مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة المساعدة في ضبط الردود الاسلامية على الراعي حتى لا يؤثر ذلك سلبا على إنجازات ومكتسبات المرحلة الماضية على صعيد الشراكة الاسلامية ـ المسيحية.

٭ عقد لقاء مسيحي هذا الشهر لإصدار وثيقة سياسية تعيد تركيز الثوابت التاريخية الوطنية للمسيحيين.

إلا أن اللافت كان «اللاموقف» من حزب الكتائب، حيث لم ينخرط في الحملة ضد البطريرك الراعي بخلاف قوى .وشخصيات في 14 آذار، وفضل تحديد موقفه بعد الاجتماع الى الراعي واستيضاحه خلفيات وأسباب هذه التصريحات. ولم يؤيد الرئيس أمين الجميل فكرة تشكيل وفد لزيارة بكركي بعد عودة البطريرك وقال انه لا يجوز ان نظهر وكأننا نزوره لاستجوابه، واذا أراد غبطته فسنزوره بناء على طلبه 

السابق
النسيان أول الأركان؟
التالي
هل خسرت 14 آذار الراعي وقباني؟!