الفرزلي: سوريا تقسم بين اسرائيل وتركيا

رأى نائب رئيس المجلس النيابي الأسبق إيلي الفرزلي أن توصيف الرئيس الحريري لقرار قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية برفع السرية عن جزء كبير من القرار الاتهامي بالمرحلة المتقدمة هو توصيف صحيح، وذلك لاعتباره أن عندما تصدر مضبطة اتهامية في قضية ما أيا يكن نوع القضية تعتبر مرحلة متقدمة على المستوى القضائي وهو بالتالي أمر طبيعي لا يختلف عليه اثنان، إلا أن ما فات البعض هو أن المضبطة الاتهامية الصادرة عن المحكمة الدولية في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري قامت فقط على نظرية الاقتران المكاني في موضوع الاتصالات، وهو الاقتران الذي يشوبه الكثير من الشوائب والعيوب نتيجة استباحة الموساد الاسرائيلي لشبكات الاتصالات الخليوية في لبنان وسيطرته على رموزها ومفاتيحها، خصوصا أن الدولة اللبنانية والمنظمة الدولية الدولية للاتصالات قد دانتا فيما مضى هذا الخرق الإسرائيلي لشبكات الاتصال اللبنانية.

وأعرب الفرزلي الوثيق الصلة بدمشق في حديث لـ «الأنباء» عن استغرابه تغاضي المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار عن معالجة تلك الشوائب والعيوب أقله عبر توضيح مدى إمكانية العدو الإسرائيلي تنسيق الاتصالات على الاراضي اللبنانية وتوزيعها جغرافيا ضمن الأماكن التي وفرت ظروف الاقتران المكاني، معتبرا بالتالي ان غياب أو تغييب وضوح هذه النقطة المركزية في التحقيقات يعتبر نقصا كبيرا على مستوى الأدلة الدامغة، وتؤكد أن شفافية عمل المحكمة مازالت من الزاويتين السياسية والقانونية تخضع لكثير من التساؤلات والشبهوات.

وعن قراءته للأحداث والتطورات في سورية رأى الفرزلي أن ساحات الدول الاساسية ـ المركزية في المنطقة تتعرض لضغوطات كبيرة نتيجة وجود مفاوضات سرية بينها وبين الولايات المتحدة حول واقع المنطقة والعديد من الملفات الأساسية وفي طليعتها الملف النووي الإيراني وبقاء القوات الاميركية في العراق بشكل آمن اضافة إلى الوجود الاميركي في افغانستان، معتبرا بالتالي ان الهجمة الدولية على سورية هي جزء أساسي من تلك الضغوطات وغايتها تقويض أكبر موقع استراتيجي من مقومات عالم الممانعة والمقاومة.

وأكد الفرزلي ان الدول الغربية المعنية بشؤون المنطقة رفعت مستوى جهوزيتها الى الأعلى عبر رفع سقف الضغوطات الى المستوى المسلح منه، وذلك بالتزامن مع استعمالها للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان كأداة من أدوات الضغط لكسر شوكة الممانعة الممتدة من طهران الى سواحل المتوسط، مشيرا الى ان ما سرب مؤخرا عن المحكمة الدولية إلى مجلة «دير شبيغل» الألمانية عن تورط إيراني في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما سبقها من عقوبات أوروبية على سورية خير دليل على رفع مستوى الجهوزية لدى الغرب في إطار ممارسة الضغوطات على كل من إيران وسورية لتقويضهما على طاولة المفاوضات وتقديمهما سلة من التنازلات لصالح إسرائيل.

وردا على سؤال لفت الفرزلي الى ان الموقف التركي الأخير من الأحداث في سورية أتى ضمن عملية الضغوطات التي تمارس على النظام السوري، وذلك لكون تركيا اضافة إلى أنها جزء أساسي من حلف «الناتو»، تقع جغرافيا في الموقع المتقدم الذي يسمح بتسهيل الأداء الغربي ـ الأميركي في لعبة تطويع المنطقة، بحيث اعتقد الغرب ان بمقدور تركيا لي الذراع العربية المتمثلة في الرئيس الأسد عبر بعض المجموعات الايديولوجية في سورية والمرتبطة مباشرة بأنقرة إلا أن هذه الأخيرة لم توفق في خوض هذه التجربة، لا بل أدركت سقوط هذا الرهان خصوصا اثر انكفاء الدور الأوروبي وفي مقدمتها الدور الفرنسي بعدما أيقنت باريس أن الاهداف المرجوة من افتعال الأزمة في سورية لم تتحقق.

واضاف الفرزلي ان اسرائيل اتخذت قرارا استراتيجيا بتفتيت سورية وذلك لأنه بدخول تركيا الى المنطقة على خلفية الأحداث والتطورات فيها، تدنى الدور الاستراتيجي لاسرائيل الى ما دون المستوى المطلوب منها أوروبيا وأميركيا خصوصا إثر هزيمتها عسكريا في عام 2006، بحيث اصبح دور الكيان الاسرائيلي محصورا فقط داخل المدن والشوارع الفلسطينية، بمعنى آخر يعتبر الفرزلي ان القرار الاسرائيلي بتفتيت سورية بني على خلفية تقاسم الجبنة مع الاتراك بعدما أبدى التركي تقدما على مستوى علاقته مع دول المنطقة.

السابق
عود على بدء..
التالي
الحياة: فرنجية: حق.. الحريري تغلّب على مصلحة الوطن ويشكل ارضاً خصبة اقليمياً ودولياً لضرب المقاومة