قليلاً من التواضع!

بدا رئيس الجمهورية ميشال سليمان مدركاً حجم التحديات التي تنتظر الحكومة عندما قال أمام بعض زواره انه على استعداد لدعم قيام حكومة اتحاد وطني إذا قررت المعارضة المتمثلة بفريق 14 آذار المشاركة في الحكومة. وفي رأيه إن "حكومة تضم الجميع" ستكون قادرة على أن تعمل وتنتج أكثر من حكومة يغيب عن المشاركة فيها فريق سياسي أساسي.
وفي الوقت نفسه، لا يخالف رئيس الجمهورية القائلين إن الأمر الطبيعي في كل نظام ديموقراطي أن تكون هناك حكومة تعمل ومعارضة تراقب وتحاسب، وهذا يستلزم طبعاً أن تكون الحكومة فريق عمل واحداً، خلافاً لما بدأ يتبدى من تناقضات داخل الحكومة، والمفترض أن تكون كذلك لكونها من فريق سياسي واحد. ولا يوافق رئيس الجمهورية القائلين إن الحكومة الحالية هي حكومة "اللون الواحد"، ويلفت الى وجود كتلة من الوزراء الوسطيين لا ينتمون الى أي من فريقي 8 و14 آذار، ويعطي مثلاً كتلة النائب وليد جنبلاط ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي "وأنا كذلك"، مبدياً حرصه على التمسك بموقعه الوسطي على مسافة واحدة من الجميع.
كان ذلك قبل العاصفة الأخيرة التي أثارها رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ووزير الطاقة جبران باسيل على خلفية تأجيل مشروع قانون – برنامج في مجلس النواب قدمه عون، وعدم إقراره، واستتبع بمطالبة باسيل بمبلغ مليار ومئتي ألف دولار اميركي يوضع في تصرفه لتنفيذ هذا البرنامج، ما دفع عون الى تحريض الناس على احتلال مجلس النواب "وأنا معكم" وباسيل الى وضع مصير الحكومة على المحك والتحذير من إسقاطها!
ولم تشأ أوساط رئيس الحكومة التعليق على تصريحات عون وباسيل، لكن مصادر "وسطية" دعت "الجنرال والصهر"، الى القليل من التواضع وعدم محاولة الإيحاء للناس أن من يبدي ملاحظات على المشروع إنما يكون ضد اعطاء الناس التيار الكهربائي!
وتلفت المصادر نفسها الى أن من المفيد لوزير الطاقة أن "ينأي بنفسه" عن مبلغ بهذا الحجم يصرفه دون حسيب أو رقيب "منعاً للتأويلات" وأن يتقبل ملاحظات سواء في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب لعل من شأنها تحصين المشروع والدفع به قدماً الى التنفيذ، وتنصح في كل الحالات بـ"بعض التواضع"…
وترى هذه المصادر أخيراً أن الحكومة أمام فرصة حقيقية وفي استطاعتها إعطاء نموذج عن العمل والانتاج بكل شفافية، شرط أن تعمل كفريق واحد.
هل هذه "الفرصة" ستبقى متاحة أمام الحكومة إذا استمرت تلك "العيّنات" من السجال داخلها؟

السابق
نحو مؤتمر أول لـ “الانتفاضات العربية”
التالي
الشيوعي لتسليم القضاء ملف حاوي