سورية . .الإصلاح في مواجهة الإرهاب

 سجّلت عمليات القتل والإرهاب التي ينفذها المتطرفون والإرهابيون في سورية تصعيداً كبيراً في مدينة حمص، بالإضافة إلى المحاولة التي استهدفت القطار بين حلب ودمشق والتي نجا في حصيلتها الركاب بأعجوبة في وكان مقدراً لها أن تتسبب بمجزرة مروّعة في حق حوالى 500 مواطن سوري معظمهم من النساء والأطفال.
في هذا المناخ ترتفع الأصوات في الشارع السوري، مطالبة القيادة بحسم سريع لمظاهر انتشار المسلحين والسلاح في جميع المحافظات، والقضاء على أي تمرد مسلح يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وبث الفتنة الطائفية في البلاد. وقد لاحظ المتابعون في الداخل السوري، أن هذه الموجة الشعبية تتصاعد بقوة في حين تبدي جماعات التكفير والجناح العسكري في تنظيم "الإخوان" تصميماً واضحاً على توسيع نطاق عملياتها العسكرية، وهو ما يفسره المراقبون بأنه محاولة مستميتة لإنقاذ الرهان على التدخل الخارجي عبر المزيد من الدماء، خصوصاً وقد نجحت الإجراءات التي اتخذتها القيادة في سورية في سد جميع منافذ التدخل الحدودية التي تحرك المسلحون فيها للسيطرة عليها خلال الأشهر الماضية، بدءاً من درعا وانتهاء بـ"أبو كمال" على الحدود العراقية، وهي آخر رقعة شهدت محاولة المسلحين السيطرة عليها وإفراغها من المؤسسات الأمنية الوطنية وفقاً للحظة التي رسمها وموّلها السيناتور الأميركي جون ماكير بالشراكة مع العميل "الإسرائيلي" اللبناني الجنسية وليد فارس.
يتوقع المتابعون، كما يترقب المواطنون تسارع العمل من طريق الاحتواء السياسي، حيث أمكن وعبر الحسم عندما تستدعي الضرورة لإنهاء بؤر الإرهاب والتمرد وفرض الأمن والاستقرار، في حين أن الحكومة تعمل بسرعة لإنجاز مشاريع القوانين الإصلاحية، حيث أقرت يوم الأحد الماضي قانون الأحزاب، بينما تؤكد المعلومات أن كلاً من قانوني الانتخاب والإعلام باتا قيد الإنجاز النهائي، بحيث يمكن اعتبار الأسبوع الأول من شهر آب مناسبة لإطلاق سلة المشاريع الإصلاحية، بينما أفادت المعلومات عن اتصالات يجريها رئيس هيئة الحوار نائب الرئيس فاروق الشرع مع بعض رموز المعارضة، بهدف أن يعقد المؤتمر الوطني للحوار في أجواء سياسية مريحة من جهة، نقابلها ممارسة الضغوط والعراقيل من قبل معارضة الخارج، وهي المنقسمة والمتناحرة، والتي تجمع على الخشية من تجاوب معارضة الداخل مع مبادرة الحوار، والتأسيس لشراكة جديدة قد تجذب إليها لاحقاً مكونات أخرى من المعارضة، سبق أن أعلنت إدانتها لاجتماع باريس، الذي رتبته قيادة "الإخوان" تحت رعاية اللوبي الصهيوني بالشراكة مع جماعة "خدام ـ بيانوني" كما أن هناك أفراداً جاهروا برفضهم للتمرد المسلح وللخطاب الطائفي يحاصرون من قبل معارضة الخارج لكي لا يتجاوبوا مع دعوة الحوار، حيث يلجأ قادة "الإخوان" والجماعات المرتبطة بالمخابرات الغربية إلى سلاح التخوين والترهيب.
في هذا المناخ تفيد المعلومات أن القيادة السورية مصممة على تدشين المرحلة الجديدة في حياة سورية عبر إصدار قوانين إصلاحية والانتقال إلى تحديد مواعيد الانتخابات المحلية والتشريعية، بحيث تكون عملية ترخيص الأحزاب الجديدة والمشاركة في الانتخابات هي الميدان والمعيار الحقيقي لتكوين الواقع السياسي ونقل جميع النقاشات والاختلافات المتصلة بأحوال سورية إلى داخل المؤسسات المنبثقة عن الإرادة الشعبية سواء بالنسبة الى المجالس المحلية والتي سينص القانون الجديد على توسيع صلاحياتها التنفيذية ومضاعفة الإمكانات الموضوعة في تصرفها، أو على مستوى مجلس الشعب الذي سينتخب على أساس تعددي يفتح أبواب التمثيل النيابي أمام جميع المكونات السورية الحية، وبالتالي فإن هذه العملية التي تستعد القيادة السورية لإطلاقها بالتعاون مع القوى المعارضة، التي تبدي استعداداً واضحاً للمشاركة في الحوار، سوف تضع الرأي العام السوري خلال الأشهر المقبلة أمام استحقاق ديمقراطية حقيقية محورها التجمع في أحزاب سياسية والترخيص لها وفقاً للقانون لتباشر عملها وتفاعلها مع الشأن العام، والاستعداد لخوض الانتخابات المحلية والتشريعية على أساس تعددي تكفله القوانين الجديدة.
ويقول مصدر مطلع، يتوهم من يظن أن أحداً يستطيع وضع سورية في حلقة استنزاف مفتوحة من خلال إغلاق أبواب الحوار ومواصلة التشكيك في جدية التوجهات الإصلاحية، فسير القيادة السورية في طريق الإصلاح لن ينتظر طويلاً تجاوب المعارضة الوطنية، التي تراهن هذه القيادة على تعاونها، بينما من يتخلف عن الركب الإصلاحي والحواري ستكون الفرصة متاحة أمامه عند بدء الإعداد للانتخابات. 

السابق
حوار “8 آذار” هو للاستسلام لسلطة وسلاح ونمط حياة الدويلة
التالي
عون يتّجه إلى طرح تعديل الطائف والعنوان: صلاحيات الرئيس!