الاخبار: الحريري يقول بأن السين سين ضمّت المحكمة والسلاح

أعلن الرئيس سعد الحريري أمس أنه عاجز عن عدم التفاعل مع ما يجري في سوريا والظلم الذي يلحق بشعبها. رفض اعتبار هذه المشاعر تصبّ في دعم المعارضة السورية، ودعا الرئيس السوري إلى الاقتداء بعبارة «ما حدا أكبر من بلده»

بدا الرئيس السابق سعد الحريري أمس متماسكاً في كلامه وأسلوب حديثه. لم يتلعثم كما اعتاد عليه الناس، ولم يتأخر في الإجابة عن الأسئلة الموجّهة إليه. ساعده على ذلك أمران: أولاً، الأوراق التي وضعها بين يديه على الطاولة، والتي لم يتردد أحياناً في قراءتها على المشاهدين وكأنه في مؤتمر صحافي أو يتلو عليهم نشرة الأخبار. ثانياً، أداء المحاور، الزميل وليد عبّود، الذي استبعد كل ما من شأنه إحراج ضيفه، أكان في عدم السؤال عن أزمة المعارضة التي يعيشها فريق 14 آذار، أم في عدم الاستفسار عن الأزمة المالية التي يعانيها الرئيس السابق والتي تشكّل أحد الأسباب التي تدفعه إلى البقاء في الاغتراب سعياً إلى حلّها وإدارتها.

هذان العاملان يدفعان إلى الاستخلاص بأنّ المقابلة التلفزيونية أُعدّت قبل وصول عبود إلى فرنسا، وعمل على مضمونها فريق إعداد خاص بالرئيس الحريري. فالأسئلة جاءت «على القياس»، وعبود لم يستغلّ أي جواب لفتح أبواب التساؤل عن وضع الرئيس وتياره وحلفائه.

الإطلالة الأولى للحريري بعد أشهر الاعتكاف لم تأت بالكثير من المواقف الجديدة. وكما كان متوقّعاً، تبنّى عناوين العدالة والمحكمة الدولية والدولة، ورأى أن القرار الاتهامي موجّه ضد أفراد، وفي الوقت نفسه هاجم سلاح حزب الله وانقضاض الأكثرية الجديدة للقضاء على 14 آذار. أبرز ما حملته معها إطلالة أمس، مواقف «صريحة» حول سوريا وحلفائها في لبنان، حزب الله والرئيس نجيب ميقاتي والعماد ميشال عون. أول جديد بوح الحريري بما خبأه في قلبه منذ كانون الثاني الماضي، من أنّ «قرار إطاحة سعد الحريري عن الحكومة هو قرار شخصي، السيد حسن والرئيس بشار الاسد، وغيرها من الأدوات»، واصفاً كلّاً من الرئيس نجيب ميقاتي والوزير الصفدي بالـ«أدوات».

سئل الحريري عن السجال بين عبارتي «التزام» و«احترام» واستخدام كلمة «مبدئياً» في البيان الوزاري للحكومة، فأجاب الرئيس «لا أرى هذه الحكومة الا حكومة حزب الله ومن يقرر فيها هو حزب الله». تابع محللاً أداء خصومه: «رأوا اننا قمنا بتسوية مع سعد الحريري وذهب الى سوريا والى ايران وأتينا بمبادرة سعودية سورية»، مشيراً إلى أن عدم التزام الخصوم بالمبادرة جاء «لاننا كنا واضحين في تضمينها المحكمة والسلاح، وهم لا يريدون ان يقوموا بشيء للدولة ويريدون القيام بكل شيء للدويلة». وأشار إلى أنه جرى تحديد لحظة إسقاطه «في اللحظة التي تكون فيها حلقات 14 آذار ضعيفة». وفي أخذ وردّ سريع مع عبود، رأى الحريري أنّ التشكيلة الحكومية تقاطع سوري ـــــ ايراني وأنّ مصلحة هاتين الدولتين قضت بتشكيلها.

والجديد الآخر تمحور حول تسجيل الحريري موقفاً بخصوص التحركات الجارية في سوريا، فأشار إلى أنه «سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل وابن الشهيد رفيق الحريري ومواطن عربي ايضاً، ارى ما يحصل في سوريا»، وسأل: «أليس من الممكن ان أتفاعل مع ما يجري ومع ما جرى في درعا وحماه وحلب ودمشق وحمص وكل انحاء سوريا؟». وأجاب نفسه: «انا أرى ظلماً في ما يجري في سوريا. نحن في لبنان كقوى 14 آذار ندعو الى الحرية والديموقراطية وان يقول الشعب كلمته. الإصلاحات لم تتحقق حتى الآن، نحن لا نتدخل ولكن نرى من خلال ما يحصل ان هناك جريمة ترتكب على الصعيد الإنساني».

ونفى الحريري أي تدخل لـ«المستقبل» بما يجري في سوريا، مشيراً إلى أنه «في حرب تموز سقط 2000 شهيد، كم شهيداً سقط حتى الآن في سوريا؟ كل هؤلاء إرهابيون؟». وتهرّب الحريري عند سؤاله عما إذا كان يدعم سياسياً المعارضة السورية ضد الرئيس الاسد، وختم إجابته الضبابية بالتأكيد أنّه غير متخوّف من ان تؤدي الانتفاضات الحاصلة إلى تقسيم وتفتيت للمجتمعات العربية. وتوجّه الحريري إلى الأسد بالعبارة المحببة على قبله، «ما حدا أكبر من بلده» داعياً الرئيس السوري إلى الحافظ على الشعب السوري «الذي هو عماد الدولة السورية».

وفي ما يخص المحكمة والقرار الاتهامي، بدا الحريري حاسماً في موقفه، فقال: «لو ظهر السيّد حسن بـ300 مؤتمر صحافي فلن يتغير شيء بالقرار الاتهامي وهذا الموضوع»، مشيراً إلى أنّ «ثمة أناساً متّهمين الآن وعليهم المثول أمام المحكمة». وانتقد كلام نصر الله عن أنّ المتهمين لن يمثلوا أمام المحكمة، فقال: «أنا اقول لو كانت حكومة سعد الحريري، تأكد أننا كنا سنبحث عنهم، ومن المؤكد أننا كنا سلمناهم إلى المحكمة الدولية».

وفي ما يخص موضوع «السين سين»، قال الحريري إن «المبادرة السعودية ـــــ السورية مبنية على اساس أن كل شيء يعطى الى الدولة، وكانت هناك «مصالحة ومسامحة، وكان هناك سلاح موضوع على الطاولة»، مشيراً إلى أنّ الوثيقة التي تحدث عنها السيد حسن نصر الله «فيها نوايا وهذه النوايا يعرفها الاتراك والقطريون». وتابع أنه «كان حملاً اكبر مني ولكن في الوقت ذاته، لم اكن ولا لحظة اعرف أن هذا الحمل سيكسر لي ظهري»، مضيفاً: «كنت أعرف أنني أدفع الثمن لكن ماذا دفع الآخرون؟ لا يريدون أن يدفعوا شيئاً. يريدون التخلص من سعد الحريري».

ماذا تقول للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله؟ أجاب: اقول للسيد حسن نصر الله إن رفيق الحريري قال «ما حدا اكبر من بلده»، وأتمنى عليه أن يقول الشيء نفسه، وأن يرى لبنان كلبنان، وأن يرى لبنان بكل طوائفه وليس كمشروع مقاومة فقط، فكل اللبنانيين مقاومون، وكل اللبنانيين يريدون العيش بكرامة، وكل اللبنانيين سنّة وكل اللبنانيين شيعة وكل اللبنانيين موارنة وكل اللبنانيين ارثوذكس، وكل اللبنانيين دروز، وكل اللبنانيين من كل الطوائف. أنا هكذا أرى لبنان، وأتمنى على السيد حسن أن يتواضع معنا قليلاً وأن يقول إن هناك خروقات تحدث وقد حدثت، فهو قال إنها لا تحدث وقد حدثت لديه أخيراً، واقول ان المقاومة انجزت فلا تضيعوا هذه الانجازات».

وتباين موقف الحريري من إمكانية التحاور مع نصر الله، فقال أولاً: «عندما نعطيهم الحوار يستعمل كلامي أنني أبيع دم ابي أو دم الشهداء»، ليقول بعد دقائق «انا لست ضد الحوار كما انني لم اكن يوماً ضد الحوار، ولكن اقول وبكل صراحة: اذا تحاورت مع السيد حسن أريد ان يكون هناك شهود لأنني لا اريد أن يصدر كلام عني لم أقله، او أن يصدر عن لسانه كلام لم يقله».

وتناول الحريري موضوع التهديدات الموجهة إليه مشيراً إلى أنها «موجودة منذ 2005، ومن اغتال رفيق الحريري يحاول اغتيال سعد الحريري». وسُئل الحريري عن موقفه من مجموعة من الأقطاب، فطالب نصر الله «بالتواضع قليلاً، وأنّ ما حدا اكبر من بلده»، وقال إنه يحترم جمهور العماد عون لكن الأخير «لسوء الحظ ارتضى ان يكون ضابط صف ثان لدى حزب الله». وسأل الرئيس نبيه بري أن يكون «شريكاً في الوطن وليس شريكاً في تخبئة المتهمين»، مشيراً من جهة أخرى إلى احترامه النائب وليد جنبلاط «ولو كان كلامه قاسياً علينا». ولفت إلى أنه على اتصال دائم بالقوات اللبنانية وسمير جعجع، مشيراً إلى أنّ عدم تواصله مع الرئيس ميشال سليمان «هو بسبب غيابه عن لبنان».

السابق
الجمهورية: مجلس الوزراء غداً لتعيينات قد يلحق بها الأمن العام إجتماع متخصّص اليوم لتحديد الموقف النفطي
التالي
النهار: البيت الأبيض يؤكد أن الأسد فَقَد الشرعية ومجلس الأمن يندّد بالهجمات على السفارتين