علي قانصو: ميقاتي لم يتحفظ والبند أقر بالاجماع في الحكومة واتهامه بالتخلي عن المحكمة باطل

 المعارضة قوية وجاهزة لخوض معركة اسقاط حكومة الرئيس ميقاتي وان هي لم تستطع ذلك في جلسة مناقشة البيان الوزاري، فهي لن تعتقها بعد نيلها الثقة، لكن الكتل النيابية المكونة لهذه الحكومة جاهزة للدفاع عنها. الصياد حاورت الوزير في الحكومة الميقاتية علي قانصو فأكد ان ميقاتي وافق على بند المحكمة الدولية بعد نقاشه في اللجنة الوزارية ولم يعترض عليه في جلسة الحكومة. وان حوالى ثمانية وزراء سجلوا تحفظاً على كلمة في البند هي مبدئياً فيما حظي البند بإجماع الحكومة. وقال ان اتهام ميقاتي بأنه تخلى عن المحكمة باطل. وحذر من ان الادارة في الدولة في وضع كارثي، واذا لم تتم تعيينات على أساس آلية تضمن الكفاءة فان الوضع سيزداد سوءاً. والى نص الحوار:

شاركت في عدة حكومات سابقة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومع الرئيس السنيورة كيف تنظر الى هذه الحكومة؟
– بالمقارنة مع الحكومات السابقة، تمتاز حكومة الرئيس ميقاتي بأمرين اساسيين، الأول انها أكثر وضوحاً في الخيارات السياسية، او ما يسمى ثوابت الوفاق الوطني، ان لجهة الموقف من المقاومة او لجهة العلاقة مع سوريا، او لجهة علاقات لبنان العربية والدولية.

ومن جهتي، وبعد تجربتي في الحكومات السابقة ارى نفسي اكثر ثقة بهذه الحكومة عن الحكومات السابقة، وذلك للسبب المتصل بوضوح الرؤية السياسية. والميزة الثانية، ان هذا الوضوح السياسي ينعكس ايجاباً على نية الحكومة، بحيث انه سيؤسس لحالة تضامن وزاري جيد، بمعنى ان حالة التضعضع التي كانت تشوب الحكومات السابقة كان مردها لاختلاف في الرؤية السياسية.

بناء الدولة
لم تأت حكومة الا وسبقها شعار بناء الدولة، فهل مثل هذا التضامن في حكومة ميقاتي سيوفر لها فرصة انجاز على هذا الصعيد؟
– في الشق المتصل ببناء الدولة، لا ادعي ان البيان الوزاري لهذه الحكومة قد اختلف عن سياسات الحكومات السابقة، كما تضمنتها بياناتها الوزارية.
لكن ما قد يميز هذه الحكومة انها اكثر قدرة على الاستفادة من التضامن القائم داخلها، لترجمة السياسات المتعلقة ببناء الدولة.
ولا اشك ان لها القدرة على ترجمة سياسات تلبية حاجات الناس اكثر من اي حكومة أخرى. وفي مقدم هذه الحاجات، تعزيز الأمن والاستقرار، وهذا ما يريده الناس أولوية.
واذا سارت هذه الحكومة بالخطة التي اعدها وزير الطاقة والتي وافقت عليها الحكومة السابقة، فان بدء تنفيذها سيخفف عن عاتق المواطن اكلافا واعباء كبيرة. واذا استطاعت هذه الحكومة تخفيف ساعات التقنين فانها تكون قد قدمت شيئا للمواطن يخفف عنه عبء فاتورتين للكهرباء، واحدة للمؤسسة وأخرى للمولد.
في الحقيقة كيفما اشحنا النظر نصطدم بمشكلة تقض مضاجع الناس. ومن ابرز المشكلات موضوع البطالة، وتدني مدخول الناس. وهذا يرتبط مباشرة بتردي الوضع الاقتصادي وانحسار فرص العمل، هل تملكون رؤية للتصدي لهذا الامر؟
– بحسب الاحصاءات يحتاج لبنان سنويا الى 35 الف فرصة عمل. وما يتوفر من هذه الفرص سنويا لا يتجاوز عشرة الاف او 15 الف فرصة عمل. وهذا الامر يشكل عبئا اجتماعيا كبيرا على الاسر، وتحديدا ذوي الدخل المحدود وما دون. وفي لبنان اليوم قرابة 30% من السكان تحت خط الفقر و 30% على خط الفقر، وهم مرشحون للنزول تحت الخط.
لذلك فان توفير فرص العمل سيكون السلاح الوحيد لمواجهة هذا الواقع وتعزيز اوضاع الناس المعيشية.
وهذه المسألة ترتبط بطاقات الانتاج ودعمها في مجالي الزراعة والصناعة، بدلا من الاكتفاء بالنمط الريعي للاقتصاد، القائم على الخدمات المالية والسياحية.
واذا ما ترجمت الحكومة سياستها الواردة في البيان الوزاري، على هذا الصعيد فان ذلك سيضمن فرص عمل كبيرة للشباب اللبناني. وخصوصا على مستوى دعم قطاعي الزراعة والصناعة.
كل مؤسسات الدولة تشكو من شغور كبير في كادراتها الوظيفية، الى اي مدى تستطيع الدولة وقطاعاتها الرسمية المساهمة في معالجة البطالة المستشرية وخصوصا بين ذوي الاختصاص من خريجي الجامعات؟
– هذا الملف كبير وهو يعكس واقعا كارثيا على مستوى الادارة في لبنان.
اولا لان هذه الادارة تعمل في ظل نسبة شواغر على صعيد وظائف الفئة الاولى تقدر ب 57%.
واذا عرفنا ما معنى وجود مدير عام على رأس الجهاز الاداري للوزارة، وغيرها نعرف مستوى الارتدادات السلبية لحجم هذا الشغور، وكيف ينعكس على تقديم الخدمة الرسمية للناس.
ويمكن القول ان الادارة اللبنانية هي اليوم في اقصى درجات الاهتراء. وهذه الحكومة ركزت في بيانها الوزاري على كيفية معالجة هذا الملف، من خلال ايجاد آلية تعيينات ادارية، تغلب منطق الكفاءة على المحسوبيات التي اعتدنا ان نراها.

بيان البريستول
لا شك انكم تابعتم اجتماع فريق 14 آذار والبيان الذي صدر عن لقاء البريستول، ألم تجد في هذا البيان ما يستحق الاهتمام من قبل الحكومة؟
– هذا البيان بيان حربجي. ظهر وكأن البيان الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شكل عامل انعاش لفريق 14 آذار، وباعتقادي ان من مقاصد اعلان القرار الاتهامي في هذا التوقيت انعاش هذا الفريق، ورفع سقف خطابه السياسي في وجه الحكومة وسلاح المقاومة.
لا تنسى انهم هم اليوم في المعارضة؟
– كمعارضة من حقهم الكامل ممارسة لعبة المعارضة، ولكن من ضمن الاصول الديمقراطية، بحيث تكون معارضة بنّاءة.
ونحن نتمنى ان يقدموا الى الحياة السياسية اداء جديدا من شأنه ان يصوِّب عمل هذه الحكومة او اي حكومة اخرى.
ولكنني احذر من ان ينفلت الاداء من الضوابط السياسية، فيوتر الشارع وحينها لا احد يستطيع ان يعرف الى اين يذهب الوضع في البلد.
بيان البريستول كان واضحا لجهة الاطاحة بحكومتكم من غير أسف، هل لديكم خشية من تحقيق هذا المطلب المعارض؟
– لقد وجه الرئيس السنيورة امرا الى الرئيس ميقاتي، عندما خاطبه بالقول: اما ان تعلن التزامك بالقرار 1757 او ان ترحل! وهذا الكلام يذكرنا بكلام قالته الادارة الاميركية لاكثر من نظام عربي على وقع تحركات الشوارع العربية. قالوا هذا الكلام لحسني مبارك وللقذافي وللرئىس الاسد.
اعتقد ان هذا النمط من الخطاب السياسي اعتاد عليه فريق 14 آذار، وهي لهجة تخاطب اميركية تعممت في لبنان منذ عام 2005. ولكن الظروف تغيرت اليوم. هم لم يصدقوا بعد انهم لم يعودوا اكثرية، ولم يصدقوا انهم خسروا السلطة.
لذلك يتصرفون اليوم على اساس معادلة: اما ان يكون الحكم لنا او ان يخرب البلد. علما ان هذا الفريق لطالما تغنى بالديمقراطية، مع ان تداول السلطة هو من اهم معالم الديمقراطية.
منذ عام 92 الى اليوم جرى تشكيل 12 حكومة، كانت رئاسة ثماني حكومات منها لهذا الفريق، منها خمس حكومات برئاسة الشهيد رفيق الحريري، وحكومتان برئاسة فؤاد السنيورة، وواحدة برئاسة سعد الحريري. واربع حكومات فقط لم تكن برئاستهم. وتبين من ادائهم ان منطقهم هو ان الحكم لنا. وهو منطق اقل ما يقال فيه انه منطق استبدادي لا صلة له بالديمقراطية.
من حقهم ان يسعوا الى السلطة كغيرهم؟
– هذا صحيح، ولكن خلفية خطاب الرئىس السنيورة لم تكن العدالة، ولا الديمقراطية بل هي خلفية سلطة وحسب، وبأي ثمن. والدليل ان هذا الفريق كان جاهزا للتخلي عن العدالة من اجل السلطة.
واذا مارسوا حقهم في المعارضة تحت سقف السلم الاهلي والقوانين فان الحكومة ستكون جاهزة لادارة البلد وتحمل الصعوبات التي هي جزء من تركة هذا الفريق في الحكم.
واذا كانوا ديمقراطيين فاننا سنسأل السنيورة ماذا فعل بمبلغ ال 11 مليار دولار، وما هي مسؤوليته عن الدين العام الذي تجاوز 54 مليار دولار؟

اتهام باطل
شعار رحيل الحكومة يشبه شعارات الانتفاضات العربية ارحل هل تعتقد انكم ستكونون في مواجهة حملة في الشارع تشبه ما يجري في بعض الدول العربية؟
– بداية اود ان ارد الاتهام الباطل الذي وجه الى الرئيس ميقاتي لجهة تخليه عن المحكمة، فالبيان الوزاري واضح، وحق عمل المحكمة مضمون. الا اذا انحرفت عن مسار العدالة. وعندما تنحرف هذه المحكمة سيكون من واجبات الحكومة ان تحمي البلد من آثار مثل هذا الانحراف وخطره على السلم الاهلي.
والجميع يعرف ان الشارع ليس ملك فريق واحد. والاكثرية الشعبية هي مع فريق الحكومة. لذلك فان تجربة الشارع، عدا كونها خطرة على السلم الاهلي، فهي لا تجديهم نفعا. وهي مجربة في لبنان، والرئيس السنيورة يعرفها جيدا!!
ونصيحتي لهذا الفريق ان لا يلعب لعبة الشارع. وهو الفريق الذي عاث فسادا في الدولة.
ان ما يجري في لبنان جعل الناس في حالة التباس بين العدالة والعمالة، كيف تريدون من الناس ان تصنف ما يجري؟
– نحن اليوم في لحظة انقلاب مقاييس، وهي لا تسود الا في حال انحطاط، واليوم هناك من يحاول ان يصور العميل وطنيا، والمقاوم متهما او عميلا. وهذه الصيغة لا تركب في هذه اللحظة السياسية، لانه بات لدى الناس من الثقافة ما يكفي لفهم الحقيقة والواقع. حتى جمهور 14 آذار يعرف انه لولا المقاومة لما كانت عادت السيادة لمعظم الاراضي اللبنانية. جمهورهم يعرف ان هذه المقاومة هي التي هزمت اسرائىل. ولا احد يستطيع ان يزوِّر الواقع، وان يوهم الناس بان المقاومة يمكن ان تكون متورطة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري.
وباعتقادي ان الوقائع التي قدمها السيد حسن نصرالله عن المحكمة، جعلت حتى جمهور 14 آذار، على اقل اعتبار، ان يطرح اسئلة.

المتحفظون على مبدئيا
تحدثت عن بند المحكمة الدولية في البيان الوزاري، ما مدى تأثير اعتراض وزراء الوسطية وتحفظهم على مصطلح مبدئيا في هذا البند؟
– في الحقيقة عندما انهينا البيان الوزاري كان هناك اجماع في اللجنة الوزارية على صيغة المحكمة كما وردت في البيان، من دون تحفظ احد.
في اليوم التالي، وفي جلسة الحكومة ولدى مناقشة البيان، ابدى بعض الوزراء تحفظه على كلمة المبدئية.
من تحفظ؟
– المتحفظون هم وزراء الرئىس نجيب ميقاتي ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي. وهذا التحفظ لا يقلل من قيمة الاجماع. وقد سجلوا تحفظهم فقط على كلمة مبدئيا.
وهذا النص تطلب الوصول اليه جهدا كبيرا من اللجنة الوزارية وخارجها. وفريقنا نحن: القوميون والتيار الوطني الحر وحركة امل وحزب الله، كانت رغبته عدم ذكر المحكمة في البيان الوزاري. وان نحكي فقط عن الحقيقة والعدالة.
حاول هؤلاء الوزراء تعديل النص؟
– فعلا حصل ذلك، وكان الواقع ان اي تعديل او تغيير في النص سيعيدنا الى نقطة الصفر. وفي النهاية كان الرأي ان نمشي بالنص الذي اتفق عليه.
الرئيس ميقاتي كان رئيسا للجنة الصياغة، ألم يوافق على النص كما جاء ومع كلمة مبدئيا؟
– بلى، في اطار اللجنة الوزارية تم التوافق على النص بعد النقاش.
ألم يسجل تحفظه؟
– لا، ابدا.
وماذا عن وزراء رئيس الجمهورية؟
– نائب رئيس الحكومة سجَّل تحفظا.
 

السابق
نقاط انتقادية الجلبة على لا شيء
التالي
تلوث الهواء يضعف الذاكرة