اللواء: بيلمار يكشف عن قرارات إتهامية جديدة … و<المستقبل> تحصر التهم بالأفراد لا بالأحزاب والجماعات

في اليوم الثاني للقرار الاتهامي، بقي الوضع اللبناني الداخلي مشدوداً إلى أسئلة مقلقة من المتعذر أن تتوضح إجاباتها قبل مرور الوقت الكافي لاختبار جملة من التأثيرات المرتبطة بحدث الاغتيال والقرار، وما بعدهما من ترتيبات تتعدى الساحة المحلية اللبنانية إلى <مطابخ> تعيد بناء الأوضاع في عموم المنطقة، ومنها لبنان:

1- مجرى الاجراءات القضائية التي أعلن المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا أنها أخذت طريقها إلى التنفيذ في حق المتهمين الأربعة، من خلال استنابات سطّرت لهذه الغاية، حيث مضى اليوم الأول من مهلة الثلاثين يوماً.

2- ما أعلنه المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بيلمار في بيانه الترحيبي بقرار قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين تصديق القرار الاتهامي، من أنه يمكن للمدعي العام أن يقدم قرارات اتهام إضافية إلى قاضي الاجراءات التمهيدية في أي مرحلة. أما التحقيقات فهي ما زالت مستمرة في مكتب المدعي العام، وكذلك العمل استعداداً للمحاكمة.

والسؤال الذي يفرض نفسه: ماذا تعني قضية إصدار قرارات إتهام إضافية، وهل تشمل أشخاصاً لبنانيين أو غير لبنانيين؟

3- ماذا سيعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته عبر شاشة <المنار> عند الثامنة والنصف مساء اليوم، والمخصصة للرد على القرار الاتهامي، والمدى الذي سيذهب إليه في التعبير عن أنه غير معني بالمحكمة التي لم تأت بجديد لم يكن يتوقعه، والتأكيد على أنها مسيّسة، وأنه لا تغيير في الموقف تجاهها.

ولئن حاولت بعض الجهات، الإيحاء بأن الموقف سيكون صدامياً، استناداً إلى ما أعلنه نصر الله في إحدى إطلالاته العام الماضي، من أن حزب الله سيقطع اليد التي ستمتد لتوقيف أي عنصر من عناصره، فإن مصادر مطلعة لفتت إلى أن الموقف سينطلق من الخلفية التي سبق وأعلنها في مناسبات سابقة، لجهة التأكيد على أن القرار مسيّس، انطلاقاً من رفضه للمحكمة وأي شيء يصدر عنها، وزادت على ذلك بأن الحزب سيتعامل مع القرار بطريقة سياسية ودعائية وغير صدامية، متوقعة بأن تبقى ردة فعل ضمن هذه الحدود، آخذاً بالاعتبار تغيّر الظروف السياسية في البلد، وكذلك الحكومة ومعها الاكثرية النيابية، فضلاً عن أنه ليس من مصلحة الحكومة الطرية العود أن تواجه تداعيات لقرار ليست طرفاً، أو أن تتحمل ردود فعل لقضية يؤكد الحزب بر اءته منها.

4- واستطراداً، هل في إمكان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أن تصمد في حال عجز لبنان أو امتنع أو فشل في طلب المحكمة توقيف الأشخاص الأربعة الذين وردت أسماؤهم في القرار؟ وماذا لو انقضت المهلة من دون إنجاز عملية التوقيف؟ وكيف سيتم التعاطي مع لبنان، على مستوى المحكمة وعلى مستوى مجلس الأمن؟

وقبل ذلك كله ماذا سيكون موقف الحكومة، في جلسات الثقة التي دعا الرئيس نبيه بري إلى عقدها ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل وعلى مدى ثلاثة أيام تنتهي الخميس، في ظل الحشد الذي بدأته قوى 14 آذار، انطلاقاً من مؤتمرها العام الخامس الذي دعت إليه مساء الأحد في <البريستول>، تحت عنوان <المحكمة طريقنا إلى العدالة>، وقرار كتلة <المستقبل> النيابية بحجب الثقة عن الحكومة، استناداً إلى الصيغة الملتبسة لفقرة المحكمة في البيان الوزاري؟.

وإذا كانت هذه التساؤلات المقلقة وغيرها طرحت نفسها بقوة، أمس، وسط حالة الترقب والوجوم التي سادت البلد اثر صدور القرار الاتهامي، فان ظاهرة لافتة برزت بعد مرور 24 ساعة على صدور القرار من خلال تأكيد كل الأطراف المعنية في الأكثرية وفي المعارضة، وخاصة بالنسبة إلى <حزب الله> وتيار <المستقبل> تجنّب اللجوء إلى الشارع في المواجهة السياسية الدائرة حول المحكمة، والاكتفاء بالمبارزة السياسية والإعلامية، وإجماع قوى 14 آذار على اعتبار القرار الاتهامي يقتصر على الاشخاص الأربعة المتداولة اسماؤهم من دون ان يعني ذلك توجيه الاتهام الى الحزب أو الطائفة او إلى اي جماعة ينتمون إليها، وهذا بحد ذاته يساعد على سحب فتيل الفتنة والتخفيف من الاحتقان.

جنبلاط في ظل هذه الأجواء، كان لافتاً للانتباه المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس جبهة <النضال الوطني> النائب وليد جنبلاط والذي وصف بأنه محاولة للتهدئة، وترطيب الأجواء، بقصد تمرير قطوع جلسات الثقة بالحكومة التي يتوقع أن تكون ساخنة في حال حصول صدام نيابي بين الفريقين المنقسمين حول المحكمة.

واستند جنبلاط في محاولته، والتي قرنها باتصالات مع كل من الرئيسين برّي وميقاتي، وحتى مع السيّد نصر الله، عبر موفدين، من خلال التذكير بالعبارة الشهيرة للرئيس الشهيد رفيق الحريري ، بأن <لا أحد أكبر من بلده> طالباً بأن تكون شعار المرحلة، مع التلازم الحتمي بين الاستقرار والعدالة، مكرراً دعوته إلى الحوار لتجنيب البلد مخاطر الانزلاق إلى الاقتتال والفتنة، مؤكداً أن توجيه الاتهام الى أفراد لا يمكن ان يوجه إلى جهة أو حزب او طائفة، لأن ذلك سيكون بمثابة منزلق خطير يضرب ليس السلم الاهلي والوحدة الوطنية فحسب، بل يُهدّد كل أسس الوحدة الإسلامية من لبنان إلى كل المنطقة.

كتلة <المستقبل> اما كتلة <المستقبل>، فقد بدا واضحاً انها اتخذت قراراً بالمواجهة على المستوى السياسي، وإن كانت ميزت في الشق المتعلق بالقرار الاتهامي بين الشخص وبين الحزب الذي ينتمي إليه أو الطائفة، مشيرة إلى ان القرار ادخل لبنان في مرحلة جديدة، بحيث بات ما قبل صدور القرار غير ما بعده، لكنها لفتت إلى ان القرار ليس حكماً بل اتهام، كما أن الاتهام يستهدف الشخص المتهم حصراً ولا يشمل عائلته أو طائفته أو جماعته.

واعتبرت الكتلة أن ما جاء في البيان الوزاري للحكومة بمثابة قرار بالانقلاب على المحكمة والعدالة وحق الشهداء، وهي في ذلك تضع نفسها عملياً في موقع الاتهام، بدل ان تبادر الحكومة وتتقدم الصفوف لتدعم عمل المحكمة وتؤكد على التزامات لبنان في المساعدة على الاقتصاص من المجرمين.

وتوقعت مصادر مطلعة، ان يكون اجتماع <البريستول> غداً، على مستوى قيادات 14 آذار، تصعيدياً، وان كان الهدف منه رسم خارطة طريق لمرحلة ما بعد القرار والتأكيد على ثوابت المرحلة، مشيرة الى انه ستكون هناك حملة قوية على الرئيس ميقاتي، والمطالبة برأسه، أسوة بمطالبة السيد نصر الله برأس المحكمة، وذلك انطلاقاً من حملة منسقة على فقرة المحكمة في البيان الوزاري التي اعتبرت انها بمثابة ايقاع للبنان في فخ الانقسام الداخلي والمواجهة مع المجتمع الدولي، فضلا عن المس بحق اللبنانيين بالعدالة والكرامة والحرية.

اوساط ميقاتي في المقابل، بدا الرئيس ميقاتي مطمئناً الى مسار الامور، مستبعدا حصول فتنة نتيجة القرار الاتهامي، آملا بنيل ثقة معتبرة في مجلس النواب، تمهد لانطلاق الحكومة في عملها المثقل بالملفات الحياتية والمعيشية والمطلبية والادارية.

وذكرت اوساط قريبة من الرئيس ميقاتي، انه عازم على عدم الدخول في سجال مع احد، وقد عاود الاستعانة بـ <اسفنجية> السياسية لامتصاص ردات الفعل الصادرة او المتوقع صدورها عن المعارضة الجديدة، ولا سيما خلال جلسات الثقة، مشيرة الى ان الموقف الذي سيتخذه سبق ان اعلنه في بيانه بعد صدور القرار، <بأن الامور ستأخذ مجراها الطبيعي سواء في ما خص القضاء اللبناني والنائب العام التمييزي الذي تقع عليه لا على الحكومة مسؤولية متابعة اجراءات المحكمة والقرار الاتهامي في ما خص عمل الحكومة وقالت هذه الاوساط انه مهما سيقال في جلسات الثقة، فإن الرد سيكون بالافعال وبعمل منتج يطلبه اللبنانيون على كل الصعد، عملا بالشعار الذي رفعته الحكومة وهو <كلنا للوطن وكلنا للعمل>. مشيرة الى ان العمل سيكون سمة المرحلة المقبلة، وسيكون الرد على الكلام بالافعال، سواء عبر جلسات مكثفة لمجلس الوزراء، او اجتماعات عمل وزارية تتناول جميع المواضيع على غرار ما كان يحصل في حكومة ميقاتي الاولى في العام 2005.

السابق
السفير: كلينتون تطالب دمشق بحوار بنّاء ولافروف يأمل تجاوب المعارضة
التالي
النهار: تظاهرات أقل ومشاركة أوسع في جمعة إرحل واشنطن تنفي علاقتها بـخريطة للاصلاحات