مستشفى بنت جبيل في غرفة العناية

لا يكاد يمر شهر على «مستشفى بنت جبيل الحكومي» من دون انتكاسة تعيد الصرح الطبي الحدودي خطوات إلى الوراء، بعدما يكون بالكاد قد استطاع أن يخطو خطوة إلى الأمام بشق النفس. وإذا كانت المشاكل والثغرات التي تثقل كاهل المستشفى كثيرة، على الرغم من قصر عمر المستشفى، الذي انتظره الأهالي سنوات طويلة، إلا أن ما حصل مؤخراً بات يهدد استمراريته من جهة، وانتظام العمل فيه من جهة أخرى.
وعلمت «السفير» أن مدير المستشفى الدكتور زياد عساف قد «بقّ البحصة» التي كانت عالقة منذ تعيينه في منصبه قبل افتتاح المستشفى بسنوات. وقرر الاعتكاف في منزله، بعدما وصلت الأمور إلى حدّ لا يمكن السكوت عنه. وإذا كان عساف لا يزال ملتزما بـ «عدم صلاحية موقعه للإدلاء بتصريحات إعلامية»، سوى قوله: «بكفي، لحد هون وبس»، إلا أن العارفين ببواطن الأمور في المستشفى، يبدأون بالحديث من مكان، وتتشعب المواضيع، فيضيع المستمع في كثرة «المغاور» التي يدخل فيها المتحدث.
فالمستشفى الذي لم يمض على انطلاقته الفعلية أكثر من سنة (حوالى تسعة أشهر) لا زال يعمل بمجلس إدارة منتهي الصلاحية، فيما بعض أعضائه اعتكفوا منذ فترات متفاوتة. وأحيل مفوض الحكومة المعين على التقاعد منذ سنوات، وبسلفة تشغيلية تكاد تنتهي، ولا بوادر تشير إلى أن هناك أموالا قيد التحويل، أو يمكن أن تحوّل في القريب المنظور. بالإضافة إلى أنه جرى تعيين الموظفين في المستشفى قبل أشهر من انطلاقته، ما أضاع عشرات الملايين من الليرات، كان يمكن الاستفادة منها في شؤون مختلفة. كما يوجد إرباكات في آليات تسيير أمور أخرى كثيرة، لذلك قرر الاعتكاف، بغطاء الإجازة المرضية، وهو الذي عمل أحيانا لأكثر من 16 ساعة يومياً.
ويشير أحد الماليين في المستشفى إلى أن «برنامج المعلوماتية الذي تم شراؤه بكلفة تجاوزت الخمسين ألف دولار أميركي لا يعمل بشكل جيد. وقد سبب الكثير من المشاكل المالية والإحصائية في الإدارة، فيما كان يمكن الاستعاضة عنه ببرنامج معروف يستعمل في العديد من المستشفيات المعروفة، وبكلفة لا تتعدى الثمانية عشر مليون ليرة».
ويرى بعض المطلعين أن الجهة التي يجب عليها وضع السياسات العامة للمستشفى، وبحث الإدارة المالية وكيفية تطويرها، ووضع استراتيجيات العمل، لا شغل لها اليوم إلا البحث في أمور تفصيلية صغيرة. وهنا لا يمكن وضع «الرأس في الرمال إلى ما لا نهاية»، بحسب أحد الموظفين، «فالصوت يجب أن يرفع، قبل أن يمسّ بلقمة عيشنا، ولا يمكن دائماً الاحتجاج أو التلطي وراء غياب الحكومة فيما حياة الناس في خطر».

السابق
تعيين مفتٍ لصور ومنطقتها خلال ايام
التالي
البناء: لجنة البيان الوزاري توصي بالنسبية لقانون الانتخاب وتُقرّ البنود المالية والاقتصادية والمعلِّم: سننسى أن أوروبا على الخارطة إذا استمرّ التدخّل