الجمهورية: سوريا: النظام ينجح إلى الآن بإبعاد شبح ما بعد السقوط

قد يكون لانسحاب الجيش السوري من درعا بُعدا إيجابيّا، ولكنه قبل كلّ شيء يسعى إلى التأكيد أنّ الوضع في سوريا لم يعد يحمل تساهلا من قِبل النظام، ولا تراجُعا من قِبل المعترضين الذين يتهيّؤون اليوم "لجمعة التحدّي".

لا ينفي مرجع سياسي قريب من سوريا، مخاطر الارتباك السائد في النظام في دمشق، لكنه يؤكّد بالمقابل أنّ ما أصاب سوريا من تصدّع لم يصل إلى حدود الخلل الذي يمهّد لسقوط النظام. إنّما يؤشر إلى كبوة قد تعيد عقارب الساعة إلى اليوم الذي سبق انطلاق الانتفاضات في المدن السوريّة، مع فارق بسيط، أنّ الرئيس الأسد سوف يزيد على هذه العقارب دقّات مضبوطة تدقّ ساعة الإصلاح التي أزفت، ولن يتراجع عن ذلك، إلّا أنّ التراكمات السوريّة تدفع نحو اتجاه جديد، حدّد المرجع المذكور أبرز ملامحه:

يخشى السوريّون أوّلا، استنساخ الثورة الليبية، لما تحمل من مخاطر على الكيان السوري وتدفع باتجاه فتح باب التدخلات الأجنبية على مصراعيه، سواء من قِبل بعض العرب أو من قِبل تركيا أو من قِبل أوروبا والولايات المتحدة.

ويخشى السوريّون ثانيا، أن تجرّ تراكمات التهلكة والإصابات في المدنيّين، إلى توتّر داخل صفوف الجيش السوريّ مع طول مدّة المواجهات، الذي صمد حتى الآن وحمى وحدته، ولم يدخل في إرهاصات تهدّد هذه الوحدة، وأهمّ هذه الأسباب، يتابع المرجع، أنّ الجيش السوري ليس له امتدادات جدّية خارج النظام، كما حصل في مصر أو تونس.

ويخشى السوريّون ثالثا، أن يصاب الحسّ القومي الذي يركز على المواجهة مع إسرائيل وعلى أنّ سوريا هي دولة ممانعة في الدرجة الأولى، أن يصاب هذا الحسّ، بوهن المواجهة مع الفضائيّات العربية والدولية التي توظف بشكل قويّ ضدّ نظام الأسد، وتسوّق لكل كبيرة وصغيرة في سبيل ضربه، ممّا جعل السوريّين يستشعرون خطر انقسام مذهبي خطير، ساهم بكل الأشكال في إعادة النظر في الخطوات التالية، باستثناء ما حصل يوم الجمعة العظيمة، لكنه لم يغيّب صورة مرعبة للصراع المذهبي.

ويخشى السوريّون رابعا، خسارة موقع سوريا المحوري في الصراع على الشرق الأوسط، والذي قد تصاب به نتيجة إضعاف النظام والسعي إلى الإبقاء عليه، وذلك وفقا لقاعدة ذهبيّة في السياسة، تقوم على إخضاع الدولة العربيّة الأخيرة التي يمكنها أن تسعى إلى السلام وفقا لشروط غير إسرائيليّة، ممّا يضعف محورا متكاملا تلعب سوريا دورا ضابطا فيه، يمتدّ من العراق إلى لبنان وفلسطين ويجعل من التفلت "الإسلامي" يعود ليبلغ مواقع غير مسبوقة.

وختم المرجع القريب من النظام في سوريا بالإشارة إلى أنّ أيّ إجماع عربيّ ودوليّ على إسقاط النظام السوري، لم يتحقق بعد، والدليل على ذلك، فشل واضح في بلورة موقف عربي جامع ضدّه، أو فشل إجماع أممي على إدانة سوريا على الأقلّ حتى الآن.

يبقى أنّ "جمعة التحدّي"، هي يوم مفصلي في تاريخ سوريا الحديث، قد يبعد شبح السقوط في المجهول، أو قد يجعل الثورة السوريّة تتقدم خطوة – قفزة… إلى الأمام!

السابق
الراي: مفاوضات المئة يوم لتشكيل الحكومة تساوي… صفراً
التالي
تحرُّك شعبي يغلق مكّب زوطر الغربية