يتهمون اسرائيل وحدها

سيعلن اليوم ما بقي من اليسار الهاذي استقلال دولة فلسطين. وسيفعل هذا ويا لمبلغ رمزيته، إزاء المكان الذي أُعلن فيه استقلال اسرائيل في 1948. يريد من يُدعون مفكرين – وهم تلك القلة الثابتة من الموقعين على عرائض اليسار المتطرف المعادي لاسرائيل والمعادي لليهود – "التحرر من الاحتلال". فبعد أن جعلوا الديمقراطية من نصيبهم وحدهم، جعلوا من نصيبهم وحدهم اعلان استقلال فلسطين.

الرمزية الأشد عمقا هي حقيقة ان ذرية ما كان نخبة اشتراكية – والتي انشأ قادتها مؤسسات الدولة القادمة ورسخوا عدل اسرائيل في العالم وعرفوا المهادنة في حدود التقسيم مع توسيعها في الفرصة الاولى؛ إن ذرية تلك النخبة قد أصبحت نخبة مشايعة لفلسطين، تطلق قذائف منجنيق سلب حكومة اسرائيل ومؤسساتها شرعيتها وتؤيد الجانب الفلسطيني في الصراع باعتبار ذلك البديهية الاولى. هذا ما بقي من اليسار المجيد الذي كان ذات مرة.

إنتهزوا في اذاعة الجيش الاسرائيلي بطبيعة الامر فرصة تقديم الافكار الهاذية لموثقفي المحطة العسكرية وقدموا البروفيسور يارون يزراحي ليبث كلامه. قال انه تحكم اسرائيل اليوم حكومة قومية متطرفة (!)، ليست معنية بالسلام وانه ليس صحيحا انه "لا يوجد شريك" وما أشبه ذلك. وقال كلاما مشابها مبادرون آخرون الى الاستقلال الفلسطيني.

وهناك ايضا بطبيعة الامر احتكار الاخلاق (الاستعمار ومعارضة الديمقراطية وما أشبه، أي الكليشيهات المعتادة). أي استعمار يوجد في يهودا والسامرة؟ هل تحكم اسرائيل الفلسطينيين؟ انهم أحرار في ان يفعلوا ما شاؤوا بميزانيتهم وجهازهم التربوي وعلاقاتهم الخارجية وجهازهم الأمني.

تنبع سيطرة اسرائيل غير المباشرة الوحيدة من احتياجات الأمن لا لاسرائيل وحدها بل للفلسطينيين أنفسهم كما برهنت في المدة الاخيرة الوثائق التي نشرت في "الجزيرة". اذا انسحبت اسرائيل من المنطقة فستسيطر حماس وتُبعد السلطة الحالية مع تغليب نظام رعب في رام الله يشبه ما في غزة، أهذا اخلاقي؟! وبعد ذلك يهدد مباشرة مركز الدولة المزدحم كله بشبكة صواريخ ايرانية مع تقطير "عادي" لصواريخ القسام وغراد. أهذا اخلاقي؟.

يجدر ان ننتبه الى التنسيق غير الساذج بين المواقف الفلسطينية المروج لها في العالم ولوسائل الاعلام العالمية وبين مواقف اليسار المتطرف الاسرائيلي – أفي اسرائيل "حكومة قومية؟" وهل تصريح بار ايلان قومي؟ وهل تجميد البناء في يهودا والسامرة عشرة اشهر هو عمل قومي؟ لماذا رفض الفلسطينيون التوصل الى تفاوض مدة تسعة شهور وتوصلوا في الشهر الاخير فقط الى محادثات قسرية بسبب تهديد امريكي واوروبي؟ ولماذا هم غير مستعدين الى اليوم للحديث في انهاء الصراع والاعتراف بأن اسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي؟ هل منع شخص ما الفلسطينيين حتى اليوم التوصل الى تسوية مع اسرائيل؟ ولماذا يوافق أبو مازن على مقترحات السلام اذا كان يوشك ان يحصل على دولته فوق طبق معادٍ للسامية من الذهب في الجمعية العامة للامم المتحدة؟.

كم يوجد من العمى الاخلاقي والمعرفي عند جماعة المثقفين الوهميين الثابتة هذه التي كلما تحدث متحدثوها عن توقهم الى السلام سمعنا كراهيتهم للأكثرية الاسرائيلية غير المستعدة لقبول مواقفهم الهاذية. الحديث في واقع الامر عن اولئك الذين يريدون الظهور بمظهر حسن جميل أمام أمم العالم على حساب منعة دولة اليهود وصمودها.

السابق
القتلة هم قتلة
التالي
هارتس : نتنياهو حث اولمرت على قصف المفاعلات النووية الايرانية في تموز 2007