شعبوية الحزب كسلاح في وجه الهزيمة

علي الأمين
لو كان يعلم "حزب الله" هذه المرة، ان هزيمته ستكون على يديه، و كان بمقدوره تجنب زجّه إيرانيا في "حرب أكبر منه ومنها".. لما أقدم عليها، وخط نهاية سلاحه، إن لم يكن هو نفسه، أو أضطر الى توقيع إتفاق وقف إطلاق نار "مذلّ" مع إسرائيل والسير على هوى "الشيطان الأكبر" (سابقاً) أميركا، و"إبتلاع" إملاءاته وتصريحاته "المهينة" بحقه، بسقف رد كلامي متدن، لإستنقاذ مع ما تبقى من كوادره وبنيته الامنية والشعبوية، وحفظ ماء الوجه مع بيئته "المخذولة" المدمرة بشراً وحجراً.

كلما زادت شعبوية “حزب الله” لا شعبيته، كلما اكد على انه في حال شللٍ سياسي وعسكري شبه تام، فما قالته نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، من القصر الجمهوري الجمعة الماضي، من كلام سياسي مستفز حدّ الاهانة، يعكس النمط الاميركي المستقبلي في التعامل مع سلاح “حزب الله” ونفوذه.. لا وجود للحزب في الحكومة، مع امتنانها لما قامت به اسرائيل ضد الحزب.

كلما زادت شعبوية “حزب الله” لا شعبيته، كلما اكد على انه في حال شللٍ سياسي وعسكري شبه تام

هي بعض من رسائل القوة الى الداخل اللبناني والحزب تحديدا، الذي لم يواجهها بأكثر من ردٍّ هادئ غير معهود للنائب محمد رعد، عن تجاوزها لقواعد الدبلوماسية، الى جانب موقف النائب علي فياض، عن ان لا حزبيين في حكومة سلام، من دون إغفال نزول عشرات من عناصر الحزب الى الشارع (اقل بكثير من اولئك الذين طافوا قبل ايام بشعار “شيعة شيعة” في احياء بيروت وضواحيها) اغلقوا لفترة وجيزة طريق المطار احتجاجاً على تصريحات اورتاغوس.

إقرأ أيضاً: «فن الممكن» يُخرج «الحكومة الإصلاحية» الى النور!

الواضح، ان آثار الحرب كانت كارثية على بنية الحزب العسكرية والامنية، التي تدمرت بشكل شبه كامل، ولأنه بحسب تعريف المرشد السيد علي خامنئي بعد تحرير العام ٢٠٠٠، وردا على الاسئلة اللبنانية التي كانت مطروحة حول دوره بعد التحرير، قال “حزب الله حركة جهادية تمارس عملا سياسيا”.

الواضح ان آثار الحرب كانت كارثية على بنية الحزب العسكرية والامنية

لذا ترسخت البنية العسكرية والامنية، وبدأ الحزب في ارتكاب الأخطاء الاستراتيجية، ولا سيما بعد العام ٢٠٠٦، اي مراكمة السلاح والمقاتلين، لم تكن لتكوين نوعي عسكري، بل لاعتقاده انه بالتكديس والشعبوية، سيحدث فارقا نوعيا في مواجهة اسرائيل. فالحرب الاسرائيلية الاخيرة اثبتت خطأ هذه الاستراتيجية، بحيث نجحت في تدمير ومصادرة معظم ما كدسه الحزب من سلاح، وقتلت معظم القيادة العسكرية والامنية وصولا الى الأمين العام، ووفرت الشروط الموضوعية لانهيار لبنان وللهزيمة.

الانهيار العسكري والامني، هو الفيصل في قراءة وفهم أداء “حزب الله” بدء من موافقته على الاتفاق “المذل” بشأن تنفيذ القرار ١٧٠١، وصولا الى تأليف الحكومة الجديدة، وما بينهما الامعان الاسرائيلي في إهانة بنية الحزب الامنية والعسكرية، من خلال الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة جنوب الليطاني وشمال الليطاني، من دون اي قدرة للحزب على الردّ، اما إحالة الامر الى الدولة اللبنانية، فهو لا يخفي عجز الحزب عن الرد، بل يفضح العجز في مواجهة الانتهاكات والعدوانية الاسرائيلية تجاه بيئته، بالامعان في تدمير البنية المدنية على امتداد القرى الحدودية.

الانهيار العسكري والامني، هو الفيصل في قراءة وفهم أداء “حزب الله” بدء من موافقته على الاتفاق “المذل” بشأن تنفيذ القرار ١٧٠١، وصولا الى تأليف الحكومة الجديدة

الامعان الاسرائيلي في العدوان، يكشف عن هزيمة “حزب الله” بعدم الرد على التمادي الاسرائيلي في العدوان، اكثر مما كشف الاتفاق الذي وافق عليه لوقف اطلاق النار، وهزيمة الحزب برزت ايضاً، في تهاوي الشروط التي كان يفرضها حين تشكيل الحكومات، فلا ثلث معطل، ولا ميثاقية على مقاس تفسيره المشوه، ولا ثلاثية ذهبية او خشبية في البيان الوزاري، اي بلا اي قدرة تعطيلية ولا فرض الوزراء الحلفاء، ورفض من يشاء من خصوم، واخيراً وليس آخراً خروج لبنان من عزلته العربية والدولية، التي امعنت الوصاية السورية ثم الايرانية، في بناء جدران عزل لبنان عن محيطه.

لا مسدس لدى الحزب على الطاولة، ولم يعد قادرا ان يكون رقماً صعباً في لبنان، ويتصرف كالمشلول، في تعامله مع الغطرسة الاسرائيلية

هي قواعد اللعبة قد تغيّرت، وما كانت براعة رئيس الحكومة نواف سلام، لتؤتي اكُلُها في تشكيل الحكومة، لولا الدعم العربي والدولي من جهة، وعجز “حزب الله” الامني والعسكري من جهة ثانية، ذلك ان الحزب لم يتقن التفاوض، لأنه مفطور على الفرض، كان يضع مسدساً على طاولة التفاوض، ليفرض على بقية اللبنانيين ما يراه “صالحا” لهم، اما اليوم فلا مسدس لديه على الطاولة، ولم يعد قادرا ان يكون رقماً صعباً في لبنان، ويتصرف كالمشلول، في تعامله مع الغطرسة الاسرائيلية وصولاً الى تأليف الحكومة، بل الى مشهد الحدود مع سوريا، حيث باتت الصورة “سوريالية”، فالتنسيق بين لبنان وسوريا جارٍ بمعزل عن “حزب الله”، بل المفارقة انه من اجل ابعاده عن حدود طالما كانت مشرعة له.

السابق
حكومة نواف سلام.. اليوم تهنئة وغداً تعبئة!
التالي
عدوان اسرائيلي جديد على مطار خلخلة بريف السويداء!