
كشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، الكثير من أسرار الحرب على حزب الله، واغتيال كبار قادته، وتحديدا رئيس الأركان فؤاد شكر وقادة الرضوان، والأمين العام السابق السيد حسن نصرالله.
غالانت، وفي مقابلة مطولة مع القناة 12 الإسرائيلية، ترجم «جنوبية» بعضًا منها، روى أسرارًا عن توقيت عملية البيجر، والتي كانت ستجري قبل وقت كثير من 17 أيلول الفائت.
عملية البيحرز الدموية و«أكبر خطأ أمني ارتكبته دولة إسرائيل»
كشف غالانت إن 11 تشرين الأول 2023، أي بعد 4 أيام على عملية «طوفان الأقصى»، كان يوما مفصليا لا بل «مفترق طرق» في الحرب، إذ إنه خطط لاغتيال كبار قادة حزب الله بالصواريخ، وقتل الآلاف من عناصره بأجهزة «البيجر»، وتدمير قوته الصاروخية.
يقول غالانت: «هذا هو مفترق الطرق الرئيسي في الحرب بعد السابع من أكتوبر. هذا هو أكبر خطأ أمني ارتكبته دولة إسرائيل، في رأيي، منذ تأسيسها. كنا نعلم أن كبار قادة حزب الله سيجتمعون. كنا سنشن غارة جوية ونقضي على رؤوس حزب الله، وحتى الإيرانيين، ونصر الله، وكل البقية. كل قيادة حزب الله».

وأضاف: «بعد ذلك مباشرة، كان من الممكن تفعيل خطة مهاجمة منظومة الصواريخ والقذائف بأكملها، كما تم تفعيلها بعد عام تقريبًا في أيلول (عملية البيجر( وكنا لنحقق نجاحًا بنسبة 70 أو 80 في المائة، بل 90 في المائة أو أكثر لأن جزءًا كبيرًا من الصواريخ كان مركّزًا في المستودعات».
وأوضح أنه كان هناك آلاف الأجهزة التي كانت لتنفجر بأيدي عناصر حزب الله أكثر بكثير من عملية أيلول. وقال: «كانت العملية جاهزة قبل الحرب بوقت طويلوهذا يعني أن حزب الله كمنظمة عسكرية لم يعد موجودًا: لم تكن هناك قيادة، ولا صواريخ وقذائف، وقُتل معظم النشطاء في الميدان».
وزعم غالانت أن الطائرات كانت في الجو لتنفيذ هذه الخطة، التي تعرقلت في مناقشات مجلس الوزراء الإسرائيلي بسبب اعتراض رئيسه بنيامين نتنياهو ووزراء آخرين.
وعندها هاتف غالانت رئيس الأركان حينها هرتزي هاليفي وقال له: «أنزل الطائرات».
هذا وأشار غالانت إلى أن عملية أيلول تمت لأن قائدا في حزب الله اكتشف الخرق في شهر آب، فتم اتخاذ القرار، وتم اغتيال هذا القائد (لم يسمّه) مع حيلة اغتيال شخص آخر، كي لا يحلل حزب الله لماذا تم اغتياله.
إغتيال شكر وهنية
من جهة أخرى، تحدث غالانت عن عملية اغتيال رئيس أركان حزب الله السيد فؤاد شكر، ورئيس حركة «حماس» السابق اسماعيل هنية في طهران، بفارق ساعات ليل 30 – 31 تموز الفائت.
وروى إنه اتخذ قرار قتل شكر، بعد الغارة على مجدل شمس التي قُتل فيها أطفال، والتي أعلن حزب الله عدم مسؤوليته عنها.
رغم ذلك، قال غالانت: «يجب تصفية محسن»، في إشارة إلى لقب شُكر «السيد محسن».
في الوقت نفسه، أُبلغ من أجهزة الإستخابارات عن ما أسماه «نافذة مفتوحة» لاغتيال هنية.
وروى قائلا: «ذهبت إلى (مقرّ) الموساد، والتقيت برئيس الموساد، وقمنا سوياً بعملية الإحاطة الأخيرة مع رجالنا في طهران فيما يتعلق بعملية قتل هنية. وفي هذه الأثناء، تصلني مكالمة هاتفية عبر السكرتير العسكري يقول فيها ‘لدينا فرصة للقضاء على محسن’. فقلت لرئيس الموساد ورجاله: حظاً موفقا، إفعلوا ما عليكم فعله، وبالفعل قضينا على محسن وهنية في اليوم نفسه».
وردا على سؤال ما إذا كان هنية اغتيل بقنبلة على عكس ما تدعيه طهران، قال غالانت «نعم»، وعندما سُئل «أين كانت»، رفض الإفصاح وقال «هناك أشياء يجب أن تقرأها في كتابي».
وأضاف «لم يكن الأميركيون على علم بهذه العمليات. بعد فترة وجيزة تلقيت مكالمة من وزير الدفاع آنذاك (لويد) أوستن. قال لي: ما الذي يحدث؟ قلت له ‘هذه فرصة تحدث مرة واحدة في العمر. هل ستتخلى عنها؟ إنه (هنية) أسامة بن لادن حماس».
إغتيال نصرالله
وكشف غالانت، تفاصيل محاولة اغتيال نصرالله. روى إنه قُدمت له الخطة يوم الأحد الذي سبق العملية (22 أيلول)، بحضور رئيس الأركان، وقائد سلاح الجو، وعدد من المسؤولين العسكريين. عندما سأل عن نسبة النجاح، قيل له إنها 90%، لكنه أصر على مضاعفة كمية المتفجرات من 40 إلى 80 طنًا لرفع نسبة النجاح إلى 99%.
وأضاف أنه قبل يومين من الموعد المحدد، عُقد اجتماع لمجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، حيث تم عرض تفاصيل العملية، وتبين أن هناك أغلبية من خمسة أعضاء لصالح التنفيذ، مقابل اثنين معارضين. عندها طلب غالانت من رئيس الوزراء نتنياهو، طرح الموضوع للتصويت.
لكن، وبحسب غالانت، قام نتنياهو بوقف الاجتماع وطلب من الحاضرين، بمن فيهم غالانت، رئيس الأركان، ومسؤولون آخرون من الجيش الإسرائيلي، الدخول إلى غرفة جانبية، حيث أبلغهم رئيس الاستخبارات العسكرية (أمان) أن نصرالله قد يغادر مخبأه خلال ساعات، ما يستدعي اتخاذ قرار سريع.
إلا أن نتنياهو عاد إلى القاعة وأعلن أن إسرائيل ليست جاهزة لاتخاذ القرار، مشيرًا إلى أنه سينتظر حتى يعود من زيارته إلى الولايات المتحدة يوم الأحد، ليتم اتخاذ القرار حينها.
في صباح اليوم التالي، تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والولايات المتحدة، الأمر الذي أثار انقسامًا داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث أعلن وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير رفضهم للاتفاق.
بعد وقت قصير، تلقى غالانت اتصالًا من نتنياهو يعلمه أنه فكر في الأمر مرة أخرى. وتم عقد اجتماع طارئ للكابينت استمر لساعات، انتهى بمنح التفويض لتنفيذ العملية.
في صباح يوم الجمعة، اجتمع غالانت ورئيس الأركان وقررا أن يكون موعد الضربة في تمام الساعة السادسة مساءً. لكن نتنياهو طلب تأجيلها إلى السادسة والنصف، لأنه كان سيلقي خطابًا في الأمم المتحدة. بعد مفاوضات، تم التوافق على السادسة والعشرين دقيقة مساءً.
بحسب غالانت، تم تنفيذ العملية بإسقاط 84 قنبلة تزن كل منها طناً على الأهداف المحددة، ما أدى إلى استشهاد نصرالله.
واختتم غالانت تصريحاته بالإشارة إلى أن بعض الأطراف تحاول الترويج لرواية معاكسة، مفادها أن الجيش الإسرائيلي لم يكن راغبًا بتنفيذ العملية، وأنه هو شخصيًا كان مترددًا، في حين أن نتنياهو هو من أمر بالتنفيذ. لكنه دعا إلى الكشف عن محاضر الاجتماعات لإثبات أن نتنياهو «هو من غادر إسرائيل تاركًا نصرالله في مخبئه، بينما كان هناك احتمال لهروبه».
إغتيال قادة الرضوان.. ضربة «استباقية» قبل نصرالله
كذلك، أعلن غالانت في المقابلة، تفاصيل ضربة استباقية نفذها الجيش الإسرائيلي في 20 أيلول، استهدفت كبار قادة وحدة الرضوان وقسم العمليات في حزب الله.
بحسب غالانت، دخل إلى مكتبه ظهر يوم 20 أيلول رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، اللواء عوديد بسيوك، وأبلغه بأن قادة وحدة الرضوان ورئيس شعبة العمليات في حزب الله اجتمعوا في مكان واحد، مما شكل فرصة نادرة لتنفيذ ضربة «قاصمة».
وعلى مدى ساعتين إلى ثلاث ساعات، تم عقد اجتماع أمني طارئ اتخذ خلاله القرار بشن الضربة، ما أدى إلى اغتيال ابراهيم عقيل وعدد من القيادات الآخرين.

بعد تنفيذ العملية، رد حزب الله مساء السبت، لكن الجيش الإسرائيلي شن هجومًا واسعًا صباح الأحد، تلاه تصعيد كبير يوم الاثنين، حيث استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية البنية التحتية الصاروخية للحزب.
بحسب غالانت، وخلال 15 ساعة فقط، تم القضاء على منظومة الصواريخ التابعة لحزب الله، في ما وصفه بأنه «أعنف يوم قتال في الجبهة الشمالية منذ بداية الحرب». خلال هذا اليوم، استهدف سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من ألف موقع لحزب الله في مختلف أنحاء لبنان.
وزعم غالانت أن حزب الله بدأ الحرب بامتلاك نحو 5,500 صاروخ بعيد المدى قادر على الوصول إلى وسط إسرائيل، لكنه خرج من الحرب بمئات الصواريخ فقط. كما كان لدى الحزب 44 ألف صاروخ في بداية الحرب، إلا أن «العدد تقلص إلى أقل من 10 آلاف بعد هذه الضربة».