ايران.. من الصبر الى «الردع الاستراتيجي»!

حرب تموز

جميلة جداً مواقف وتصريحات اركان الممانعة، من رأس النظام وهو مرشد جمهورية ايران، والطامح لاستعادة مجد امبراطورية زائلة، الى اقل عنصر في سلم اولويات القيادة.

كأن عداد انتصاراتها لا يتوقف على الاطلاق مع العلم ان تلك الادعاءات وهمية وفارغة من اي مضمون عملي وفعلي.


ففي كل مرة يُقتل لهذه المجموعة قائداً او ضباطاً، تتماهى كل عناصر المجموعة بتصريحات وخُطب رنانة، تتحدث عن قوتها وانتصارها، وكأن عداد انتصاراتها لا يتوقف على الاطلاق، مع العلم ان تلك الادعاءات وهمية وفارغة، من اي مضمون عملي وفعلي.
ففي بدايات الحرب الاسرائيلية الحالية على الفلسطينيين، عقب مغامرة “طوفان الاقصى”، التي قامت بها كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري ل”حماس”، صرح المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية على منصة X، بأن ايران لم تكن تعلم بالعملية ولا دخل لها بها، وهنا لاقاه رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، واثنى على صدقية رأس نظام الممانعة، والذي هو رأس “محور الشر” وفق التسمية الاميركية، ومن هنا بدأت عملية الغزل الامريكي الايراني في حلقته الجديدة، ورغم ذلك حشدت الولايات المتحدة اساطيلها وقواتها في البحر الابيض المتوسط، لمنع توسع تلك الحرب الدائرة، والتي توسعت فيما بعد، وانتشرت من فلسطين الى جنوب لبنان والعراق والبحر الاحمر.
وبعد مد وجزر من تهديدات ابناء محور الممانعة بالويل والثبور وعظائم الامور إن فكرت الدولة الاسرائيلية على إجتياح غزة او القضاء على حماس، وهذا الامر عممه كل جماعة الممانعة من اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ماذا حصل؟
ثم اجتاحت إسرائيل قطاع غزة، وعاثت فيه تدميراً وقتلاً، بعشرات الالاف من الضحايا واكثر، بينهم مصابين جرحى ومعوقين ، وطارت “كتائب القسام” وانهارت، واصبحت جماعات تُقاتل كمجموعات حرب عصابات، وانهار معها حكمها في قطاع غزة، واستدرجت الاحتلال ليحتل القطاع، التي اقامت فيه امرتها، بعد ان نفذت في العام ٢٠٠٧، إنقلاباً على الشرعية الفلسطينية وسلطتها، واصبحت إسرائيل تسيطر عليه بالحديد والنار، وليُصبح الفلسطينيين الغزيين جوعى لايملكون رغيف خُبز، ويشربون مياه البحر لندرة مياه الشرب في القطاع، مع كل هذا، يخرج يومياً بعض قيادات “حماس” ومنهم من يستطيع الوصول للإعلام سبيلاً، من اسماعيل هنية الى خالد مشعل ومن ثم اسامة حمدان في لبنان .

من ثم يأتي الدعم من مرشد الجمهورية اللبنانية السيد حسن نصرالله فيعزف على وتر الانتصارات ألإلهية الآتية في فلسطين ولبنان وكل الجبهات


مع العلم ان شعب غزة ضاقت به الدنيا، وقادة “حماس” يلقون الخطب والتصريحات الرنانة من على المنابر والشاشات، وكأن الحرب تجري في إقليم بعيد عن غزة واهلها، ومن ثم يأتي الدعم من مرشد الجمهورية اللبنانية السيد حسن نصرالله، فيعزف على وتر الانتصارات ألإلهية الآتية في فلسطين ولبنان وكل الجبهات، بعد ان فتح في ثاني ايام الحرب، حرب مشاغلة من وفي جنوب لبنان، استدرج للجنوب الدمار، وللقرى والبلدات التهجير القسري للجنوبيين، الذين ضاقت بهم سُبل العيش، نتيجة حربه التي لا تنتهي، ثم تأتي كتائب حزب الله – العراق ، لتنشر بيانات استهداف في إسرائيل، من مطار بن غوريون الى النقب وإيلات، وهي مجرد حروب وهمية لا أثر لها على الواقع.
اما العميد السريع الناطق باسم الحوثي المنقلب على الشرعية اليمنية، يخرج وبصوت اشبه بصوت مراهق، ليعلن عن انتصارات واستهدافات لم تنتج غير اضرار بالملاحة التجارية في البحر الاحمر، تضررت منها مصر في الدرجة الاولى وبقية الدول المتشاطئة، بينما القاعدة الاسرائيلية على بعد دقائق في ارتيريا سالمة ولم تُصب بشيء، بل كل ماحصل عَبدَ الطريق امام الولايات المتحدة ودول الغرب، لعسكرة البحر الاحمر وجعله محمية غربية، بعد ان كان بحراً عربياً خالصاً .
كل هذا قليلٌ من كثير الرد الايراني وانتصارها الاستراتيجي، عبر مسيرات وصواريخ مُجنحة وبالستية، لم يصل منها الا النادر الى ارض الكيان الصهيوني، ونتائجها لا شيء يُذكر، لا تدمير قاعدة او مطار ولم يُصب اي طفل إسرائيلي بجروح ولو طفيفة، ثم يخرج بالامس الخامنئي ليُهنىء الحرس الثوري على الرد، الذي ارسى قواعد جديدة، وادخل ايران مباشرة في ردع إسرائيل وجعلها تشعر بالندم ، بينما المضحك المبكي ان الرد الاسرائيلي في اصفهان، اعترفت به إسرائيل والولايات المتحدة، بينما ايران لم تعترف، وكأن اصفهان هجرت ايران وتحولت الى افغانستان، ولم تعُد موجودة على الجغرافيا الايرانية.

هكذا محور تزيد نسبة التنظير فيه اكثر بكثير عن الافعال


وهنا تتكون نظرية جديدة، تعبر عن انتهاء الصبر الاستراتيجي، وتطورهِ الى الردع الاستراتيجي، هكذا محور تزيد نسبة التنظير فيه، اكثر بكثير عن الافعال، لا يُلام اذا تحولت هزائمه الى انتصارات إلهية، طالما القائد لا زال حي يُرزق، وإن مات كل الشعب وكل العسكر، المهم ان يبقى القائد وليموت الاخرين فداءً ل”صباط” فلان!

السابق
انتشال 190 جثماناً.. اكتشاف «مقابر جماعية» في غزة!
التالي
كتائب حزب الله تتراجع.. وتنفي استئناف الهجمات على القوات الأميركية