الدبلوماسية «الضائعة» بين «حزب الله» والدولة!

عرض حزب الله العسكري

حين تحدّث الدبلوماسي الاوروبي عن قلقه من احتمال هجوم وشيك، تشنّه “فرقة الرضوان” على الجليل الأعلى، بالتوازي مع الحرب على غزّة، وفيما عدا بعض التصريحات الخجولة لقيادات في “حزب الله” ومفادها انّه لا وجود ل”فرقة الرضوان” على الحدود مع دولة العدو، كانت ردّة الفعل اللبنانية الشعبية والحزبية، قائمة على التفاخر بما وصلت اليه الآلة العسكرية للمقاومة، وكان الكلام عن قدرة الحزب على اثارة الرعب في اوساط العدو.

حزب الله حين شرع في “حرب الاشغال” قام بتلك الخطوة دون ان يتعرّض لهجوم مباشر من اسرائيل


يحق لهؤلاء هكذا خلاصة، ولكن لا يحق لهم اغفال عواقب هذه المخاوف، والتي تحمل في طيّاتها اعتبار لبنان المعتدي وليس الضحية. يضاف الى ذلك ان “حزب الله” حين شرع في “حرب الاشغال”، قام بتلك الخطوة دون ان يتعرّض لهجوم مباشر من اسرائيل، وبصرف النظر عن مشروعية دعم الحزب ل”حماس”، وعن حقّه بالقيام بكل ما هو نافع لمواجهة الدولة العبرية، وبغض النظر عن دعم الغرب لاسرائيل ومساندته لها، في حربها على المدنيين العزل، دون اي اعتبار للقيم الانسانية والقانونية، التي تحرّم الاحتلال والعدوان، الّا انّ العمل السياسي والدبلوماسي ضرورة قائمة دائماً وابداً، ولا يحق للبنان الدولة او المقاومة، التخلّي عنه بسبب السهو والغياب، او بسبب الاعتقاد بأنّ اسرائيل لا تحترم القرارات الدولية. نحن في لبنان، نواجه دولةً غاصبة عسكريّاً ودبلوماسيّاً واعلاميّاً، ولا يمكننا التراخي بحجّة اليأس من انصاف المجتمع الدولي ومؤسّساته لنا، ولحقّنا بالسيادة على ارضنا وحقّنا بالامن والاستقرار.

لبنان الآن يعيش زمن الانعزال الذي فرضته عليه اللحظة السياسية ويكاد يكون داخل متاهةٍ


يتضاعف الآن، حجم الضرورة للعمل الدبلوماسي في الوضع الراهن، بحيث يصبح العمل السياسي واجبا قوميا، لا يقل اهميّة عن النضال في ميدان المعارك والمواجهة. والسبب هو غياب الدعم العربي للموقف اللبناني، والذي بدورِهِ يشكّل ذريعة للغرب في اعتبار لبنان خارج السرب الدولي اوّلاً، والعربي ثانياً، وتنشغل الدول العربية الفاعلة ورغماً عن ارادتها احياناً، بلعب دور الوسيط بين اسرائيل و”حماس”، وبذلك تلعب دور الطرف المحايد، ولا تتبنّى الطروحات اللبنانية حكوميّة كانت ام غير حكوميّة، الّا فيما ندر، ولاسباب انسانية ليس الّا.

على لبنان ان يعتمد على نفسه اولاً واخيراً وعليه تدارك المصائد السياسية المنصوبة له


لبنان الآن يعيش زمن الانعزال، الذي فرضته عليه اللحظة السياسية، ويكاد يكون داخل متاهةٍ تنفتح على احتمالات مجهولة وربّما دمويّة. لا دول صديقة بالمعنى الشامل للكلمة ولا دول شقيقة، فقط عدد قليل من الدول العربية، تسانده في محورٍ يجمعها به وهو محور المقاومة. يضاف الى ذلك ان دول محور المقاومة الذي ينتمي اليه لبنان، بحكم الواقع، هي دول وشعوب مُثقلة بالمتاعب والهموم، وتعاني من العزلة الدولية بشكل او بأخر، فسوريا والعراق واليمن، جميعهم يعاني من عدواة الغرب له، ومن عدوان غربي سياسي وعسكري، قائم منذ عشرات السنين.
على لبنان ان يعتمد على نفسه اولاً واخيراً، وعليه تدارك المصائد السياسية المنصوبة له، والتي لا تقل اهمّية عن العدوان العسكري، الذي يتهدّد ارضه وحدوده كل يوم وكل ساعة.

السابق
الموسيقار ياسر الشرقاوي صعِد ليطعم حماماته.. فسقط ومات!
التالي
الحريري بخير