في “ساعة صفا” خرقت “معركة المشاغلة” التي عكرت صفو لبنان ومحيطه، وآثر “حزب الله” إيفاد الرجل الأمني لديه وفيق صفا الى الإمارات، لاسترجاع، كما يُروج، موقوفيه الشيعة في جرائم أمنية ومالية، ليحل مكان دولة لبنانية كأنها لم تكن، فيما الزيارة “الصاعقة”، تشي بأكثر من ذلك في باطنها، وتفتحها على صفحة جديدة، متزامنة مع مرحلة حرجة متقهقرة في حياة الحزب، لم يعد بمقدوره تحملها، إلا إذا سدد “فاتورة” امنية وعسكرية “باهظة” في سبيلها.
تثير زيارة مسؤول الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا، دولة الامارات العربية المتحدة، تساؤلات عدة حول ابعاد وتوقيت الزيارة، وهل هي مقتصرة على مسألة الافراج عن محكومين لبنانيين في الامارات، كما ورد في الخبر الذي تسرب الى وسائل الاعلام؟
ملف اللبنانيين المشار اليهم، هم حصرا اولئك المتهمين بتنفيذ عمليات امنية ومالية غير مشروعة
ملف اللبنانيين المشار اليهم، هم حصرا اولئك المتهمين بتنفيذ عمليات امنية ومالية غير مشروعة، أدت الى اعتقالهم واصدار احكام بحقهم، في جرائم ارتكبت من قبلهم منها تبييض الاموال، ولأسباب اخرى تتصل بارتباطهم بما قاموا به بايران وحزب الله.
ان يتوجه مسؤول امني رفيع في “حزب الله” الى الامارات، بعد كل المواقف والسلوكيات ضدها، وان كان له صفة تنفيذية، لا يمكن حصره في ملف المحكومين اللبنانيين، وإلا كان يمكن للواء عباس ابراهيم مثلاً، ان يستكمل هذه المهمة، وهو الذي زار الامارات بشكل سري وعلني اكثر من مرة، وكان يتولى نقل رسائل متبادلة بين “حزب الله” واجهزة الامن الاماراتية تتصل بملفات امنية.
ان يذهب وفيق صفا وبطائرة خاصة مرسلة من دولة الامارات يعني ان تطورا مهما جرى على صعيد ما كانت تجري معالجته
ان يذهب وفيق صفا وبطائرة خاصة مرسلة من دولة الامارات، يعني ان تطورا مهما جرى على صعيد ما كانت تجري معالجته، واذا كان المقصود اطلاق سراح المحكومين، كما يروج المقربين من “حزب الله”، فان السؤال البديهي، هو ما هو المقابل او الضمانات التي ابدى الحزب استعداده لتلبيتها لجهاز الأمن الاماراتي.
ليس خافياً، ان “شيطنة” دور الامارات وسياستها، كانت تحظى في لبنان برعاية من قبل “حزب الله”، وهذه الزيارة هي مفاجئة لكثيرين، الى حدّ وصفها ب”الانقلابية”، خاصة انها تترافق مع المواجهات الجارية في غزة، وفي ظل حال استنزاف يعيشها “حزب الله” ولبنان، بسبب المواجهات الجارية على الحدود في الجنوب، وبسبب الإرباك الذي يعيشه “حزب الله” في مواجهة المخاطر الاسرائيلية، ولعل ما اشار اليه تقرير “رويترز” الشهير قبل ايام، خصوصا مقولة امين عام حزب الله حسن نصرالله لقائد فيلق القدس إسماعيل قآني ، بان “حزب الله” لن يورط ايران، في ما اعتبرها حربه في مناصرة غزة، وهو كلام مفاجئ، كما فاجأ صفا الكثيرين في رحلته الاماراتية.
البعد الأمني للزيارة، تكشفه شخصية الزائر ووظيفته، اما البعد السياسي، فمن المبكر الحديث عنه، فليس صفا من يمكن ان يقوم بهذا الدور، وبحسب مقربين من “حزب الله” فان صفا “يقوم بمهمة تنفيذية محددة لا علاقة لها بالافق السياسي”.
على ان مصادر فلسطينية مستقلة، اشارت في سياق التحليل، الى ان “المقايضة امر متوقع في الملف الأمني”، واعتبرت ان “اي تفاهم سياسي لا يقوم، اذا لم يكن مستندا على تفاهم امني”، كما اشارت الى ان “وجود صفا في الامارات يفتح على احتمالات اخرى، تتصل بترتيب ملفات امنية اخرى تتصل بالحزب، ولها علاقة باطراف اقليمية غير الامارات.
انكفاء ايران، وتبرئتها من قبل “حزب الله” من اي علاقة بما يجري من مواجهة في لبنان مع اسرائيل، يفتح المجال للتكهن، بما يمكن ان يقوم به “حزب الله” من سياسة التخفيف من عداواته العربية، وهي سياسة تبدو الخيار المتاح الى حدّ ما، وهي ستنعكس بالضرورة، على موقع حركة “حماس” في لبنان، اذ في ظل تهديد الاميركيين لقادة “حماس”، بطردهم من قطر، تبدو الضاحية الجنوبية المكان الوحيد المتاح لهذه القيادة، فيما لو تفاقمت الامور بين “حماس” والاميركيين، وهذه مسألة ستحرج “حزب الله” ليس اميركيا فحسب، بل ستزيد من عزلته ولبنان عربياً.
في الخاتمة لم يول الكثير من السياسيين اللبنانيين، اي اهتمام بما قاله نصرالله، عن براءة طهران مما يجري من حرب مناصرة غزة، وانه “لن يورط ايران”! السؤال الذي يجب ان يطرح على “حزب الله” اذن، من تريد ان تورط، هل لبنان هو المطلوب ان يورط، وهل لبنانيتك هي ادنى من ايرانيتك، واذا كان هدف هذه الحرب مناصرة غزة، فهل تقبل ان لا تورط ايران في حرب من اجل غزة، وهل يجوز ان يتورط لبنان الأضعف والهش، في حرب لا افق لها، تجد ان ايران لا تتحملها فيما لبنان قادر على تحملها؟
هذا الموقف من امين عام “حزب الله” هو اكثر من فضيحة، والسكوت عنه كارثة لبنانية. كما هي زيارة صفا الى الامارات.. بعيدا عن الحكومة اللبنانية!