تقرير رويترز: تضليل إعلامي إيراني!

توفيق الهندي

قد يتعّجب الكثيرون من مقولتي بأن تقرير رويترز، المعنون ” حزب الله يخبر إيران أنه سيقاتل وحده في أي حرب مع إسرائيل”، هو تضليل إعلامي (disinformation) إيراني.

سأثبتها بالدلائل والمنطق، علما” أن معرفتي بالجمهورية الإسلامية في إيران وأساليب عملها، معمقة وبالتالي تخّولني قراءة ما جاء في وكالة رويترز على ضوء معرفتي تلك.

في الوقائع

1- رويترز من أهم وكالات الأنباء العالمية، وبالتالي تتمتع بمصداقية عالية.

2- كتّاب التقرير الثلاثة (سامية نخول، باريزا حافظي وليلى بسّام) هّن من مراسلات رويترز المخضرمات، وبالتالي لهّن مصداقية عالية، وهّن اللواتي تحدّثن مع “المصادر الإيرانية” وغيرها، فضلا” أن حافظي كانت رئيسة مكتب رويترز في طهران وبالتالي على علاقة مسّبقة مع “المصادر”. الثلاثة هّن أيضا” كّتابا” في الموقع الإلكتروني الإسرائيلي (The Times Of Israel).

3- المعلومات في التقرير مسندة إلى مصادر رفضت أن تكشف إسمها أو موقعها الفعلي، لكي، إذا لزم الأمر، تنفي ما أدلت به.

4- لم تعلّق المصادر الإيرانية وغيرها، لا سلبا” ولا إيجابا”، على ما جاء في التقرير، كما لم تنفه في كافة وسائل الإعلام الإيرانية ووسائل إعلام “حزب الله” و”محور المقاومة” (“المنار”، موقع “الخنادق”، جريدة “الأخبار”،…)، متجاهلة” تماما” هذا التقرير.

أسباب التسريب الإيراني

1- منذ 7 تشرين الأول 2023، عمدت الجمهورية الإسلامية على إتخاذ مواقف تنكر أية علاقة مباشرة لها ب”طوفان الأقصى” ، مدّعية” أنها تدعم “المقاومة الفلسطينية”.

2- لاقاها في هذا الموقف بشكل طبيعي، السيد حسن نصر الله. ففي أول إطلالة له بعد 7 تشرين، قال أن “حماس” لم تعلمه بما هي سوف تقوم به، مبرّرا” تكتم حليفه حول عملية “طوفان الأقصى” بضرورة الحفاظ على سرّيتها المطلقة. وذهب بعيدا” في التنظير لإستقلالية مكوّنات “محور المقاومة”، وأن ما يجمعها هي أيديولوجية واحدة وهدف واحد ونظرة واحدة، غير أن كل منها لها ظروفها الخاصة التي يجب أن تراعيها. وهي تتلاقى تلقائيا” في الميدان، وكأنها مجرّدة من قيادة مركزية تنسّق أعمالها وتدير المعارك والحرب.

في ظل التناقضات بين إدراة بايدن ونتانياهو تقترب من نقطة التحول إلى تناقضات عدائية فمن الحكمة إبراز اللين في مواقف إيران و”حزب الله”

3- الهدف من هذا الطرح، هو إعطاء هامش من المناورة التكتية لكل مكوّن، ولا سيما لقائد “محور المقاومة” ومرشده، ألا وهي الجمهورية الإسلامية في إيران ومرشدها السيد علي خمينئي، صاحب القرار فيها.

4- لا شك أن إيران بحاجة أن تنئي بنفسها عن إتهامات خطيرة فحواها أنها هي صاحبة القرار في أخطر عملية (“طوفان الأقصى”) التي يمكن أن تفجر المنطقة برمتها، وتضع إيران في مواجهة مباشرة مع أميركا، علما” أن هذا ما يسعى إليه بنيامين نتانياهو.

إقرأ أيضاً: إستدعاء الزميل القادري الى مفرزة تحري زحلة..إستنكار ومطالبة بالإحالة على «المطبوعات»

5- لماذا هذا التسريب الآن؟ بكل بساطة، لأن التطورات باتت خطيرة ومتسارعة، ولا سيما، على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، وأن التناقضات بين إدراة بايدن ونتانياهو تقترب من نقطة التحول إلى تناقضات عدائية. فمن الحكمة، إبراز اللين في مواقف إيران و”حزب الله”، علما” أن الحزب هو درّة التاج الإيراني: فهو المكّون الرئيسي ل”فيلق القدس” و”محور المقاومة”.

حقيقة الحرب وإدارتها

منذ حوالي عشرة أشهر، يوصّف “محور المقاومة” إسرائيل ب”الكيان المؤقت”، تعبيرا” عن إعتقاده أن ساعة زوالها قد دانت.

فلا شك أن عملية “طوفان الأقصى”، قرارها في طهران وقيادتها في يد السيد نصر الله، وهو القائد غير المعلن للفيلق والمحور بعد وفاة قاسم سليماني، وأن هذه العملية ليست إلا مرحلة” في سياق زوال “الكيان المؤقت”.

وبالمناسبة، من المضحك-المبكي في تقرير رويترز الكلام أن قاآني، وهو قائد “فيلق القدس” العلني، جاء ليطلب من السيد نصر الله أن لا يحرج القيادة الإيرانية وجواب هذا الأخير المعروف منذ إطلالته الأولى بعد 7 تشرين (إستقلالية مكوّنات المحور).

فإدارة الحرب، مركزها في الضاحية الجنوبية، يديرها السيد حسن نصر الله. هدفها الإنتصار على إسرائيل بالنقاط وليس بالضربة القاضية، كما قال.

الحديث عن حرب شاملة على “حزب الله” في لبنان فهذا كلام إسرائيلي غير واقعي فلا إسرائيل قادرة على تدمير الحزب دون أن تدمّر نفسها ولا “حزب الله” يريد حرب شاملة

لذا، الهدف منذ البداية، هو وقف الهجوم على غزة مع إبقاء “حماس” على قيد الحياة. في هذه الحال، بمنظار المحور، تكون إسرائيل خسرت الحرب لأنها لن تتمكن من تحقيق اهدافها المعلنة، ويشعر حينها المواطنون الإسرائيليون بأن دولتهم لن يعود بمقدورها أن تحقق لهم الأمن والآمان والرفاهية، فيعود العديد منهم إلى من حيث أتوا. وهكذا، تتحقق المرحلة الأولى في إزالة “الكيان المؤقت”.

أما بالنسبة للحديث عن حرب شاملة على “حزب الله” في لبنان، فهذا كلام إسرائيلي غير واقعي. فلا إسرائيل قادرة على تدمير الحزب دون أن تدمّر نفسها، ولا “حزب الله” يريد حرب شاملة، ليس رأفة” باللبنانيين، بل بسبب إدارته لهذه الحرب وهدفها، إزالة إسرائيل علة مراحل.

السابق
إستدعاء الزميل القادري الى مفرزة تحري زحلة..إستنكار ومطالبة بالإحالة على «المطبوعات»
التالي
غارات اسرائيلية بالجملة على قرى حدودية والصواريخ الملقاة لا تنفجر!