اللبنانيون يتوجسون من تعنت «حزب الله».. هل تتحول «المشاغلة» الى حرب «طاحنة»؟!

يحبس اللبنانيون عموماً والجنوبيون خصوصاً أنفاسهم، ويتوجسون خيفة من إنزلاق معركة "المشاغلة" القاتلة، التي أطلق شراراتها الأولى "حزب الله"، مستفرداً بهكذا قرار مصيري ومستأثراً بسلاحه "الأعمى"، الى حرب مفتوحة "طاحنة"، يصعب عليهم تحمل اوزارها، في ظل تعنت الحزب و"شيطنة" خصومه وإجهاضه المساعي الدبلوماسية، وربطه جبهة الجنوب من دون أفق، رغم كل الشهداء والنزوح والدمار الإجتماعي و البنياني والإقتصادي، بوقف النار في غزة.

اكثر من خمسة اشهر، مرت على المواجهة الجارية في جنوب لبنان، بين اسرائيل و”حزب الله”، ولا يبدو ان هناك افقا لنهاية قريبة لهذه المواجهات، بل مخاوف جدية من احتمال تطورها الى حرب مفتوحة، وسط حديث الاسرائيليين عن خطط للتوغل في لبنان، وعن سيناريوهات لمسار حرب “لا تبقي ولا تذر”.

حركة الدبلوماسية الاميركية عبر المستشار آموس هوكستين، لم تفض الى نتائج ملموسة على صعيد الهدنة، او وقف اطلاق النار، وان تحدث عن افكار يمكن تنفيذها تتصل بالهدنة، وترتيب الحدود البرية بين لبنان واسرائيل، بعد نشر اعداد اضافية للجيش اللبناني في الجنوب، وانسحاب عسكري ما من جانب”حزب الله”. وهي افكار ان لم يكن جلّّها مرفوض من قبل “حزب الله”، فهي محل رفضه، انطلاقا من ربطه بين الهدنة في غزة، وبدء التفاوض في لبنان.

وسط كل هذه الاوضاع، تتزايد نقمة اللبنانيين عموما والجنوبيين خصوصا، من التردي المستمر لاحوالهم المعيشية، ولغياب اي افق جدي للحلول، والخروج من نفق الحرب، التي تفتقد لأي جهد حقيقي من قبل السلطات الرسمية اللبنانية، لمواجهة التداعيات بشكل مسؤول.

واقع الحال يشير الى ان طول مدة الحرب، بات يضيق الخناق على الاف العائلات

اكثر من مئة الف مواطن، صاروا خارج بيوتهم في الجنوب، فقد معظمهم مصادر عيشهم، التي كانت متوفرة من خلال اعمال زراعية او مصالح تجارية، او من اعمال حرة، وغيرها من مصادر الرزق، وعلى رغم قيام “حزب الله” بتوفير بعض المعونات المالية لعدد من العائلات المهجرة، وقيام مؤسسات دولية بتوزيع بعض الحصص الغذائية على النازحين في مدينة صور وفي النبطية، وبعض القرى التي تستقبل النازحين، فان واقع الحال يشير الى ان طول مدة الحرب، بات يضيق الخناق على الاف العائلات، التي لم تعد مطمئنة الى امكانية العودة الى قراها، في ظل تزايد الشكوى من غياب فرص العمل، حتى في البلدات الآمنة، نتيجة حال الجمود التي تطال قطاعات اقتصادية عدة، وابرزها قطاع البناء.

السؤال الذي يطرح ازاء ذلك، ماذا لو امتدت المواجهة الى مدى زمني طويل، وكيف يتعامل اهل السلطة مع تداعيات ذلك، وكيف يرتب “حزب الله” اولوياته على المستوى الحربي، وفي احوال الناس وفي الشأن السياسي؟

“حزب الله” هو من اتخذ قرار بدء المواجهة

الدولة غائبة او شبه معطلة بفعل السياسات المتبعة من اهل السلطة، و”حزب الله” لا يبدو معنيا، باتخاذ اي مبادرة تجاه عموم اللبنانيين، تشعرهم بأنهم مواطنين لبنانيين معنيين بما يجري وبتداعياته، خصوصا ان “حزب الله”، هو من اتخذ قرار بدء المواجهة، ولم يجد ان مثل هذه الخطوة، لا يمكن له التفرد بها، طالما انه ليس هو الدولة، وان اثار الحرب واضرارها، تطال كل لبنان وليس الجنوب فحسب.

عقلية ادارة الظهر للبنانيين، تعكس النزعة الاستعلائية على بقية اللبنانيين

عقلية ادارة الظهر للبنانيين، تعكس النزعة الاستعلائية على بقية اللبنانيين، وقول “حزب الله” انه يعرف كيف يدير المعركة، ويأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية، لا يكفي ليقنع اللبنانيين بصوابية ما يقوم به، لأن ما يجري يتطلب الحدّ المعقول من الوحدة الداخلية، وليس تعزيز الانقسام حول خياراته.

لا يستطيع هذا الحزب نفسه ان يلجم هؤلاء انفسهم من رمي تهم العمالة على من يخالفه

تفرد “حزب الله” بقرار الحرب، يعزز الانقسام حوله سلاحه، ويزاد النفور من سياساته ومن سلوكه الداخلي، فحال الخصومة االشديدة المحيطة به، لن تخفف منها محاولات مكشوفة، لترطيب علاقاته مع “التيار الوطني الحر”، والكثير من اللبنانيين الذين يندهشون من قدرته على لجم محازبيه ومناصريه، من التشهير بالسياسة الاميركية، وبقدرته على ضبط التظاهرات نحو السفارة الاميركية، والحدّ من دعوات المقاطعة للبضائع الاميركية، لا يستطيع هذا الحزب نفسه ان يلجم هؤلاء انفسهم من رمي تهم العمالة على من يخالفه، سواء كان رأس الكنيسة او رئيس حزب او اي صاحب رأي مخالف، مسايرة اميركا في الخطاب والسلوك، اهون عليه من المبادرة تجاه اللبنانيين عموما، والعديد من القيادات السياسية والدينية المعترضة على حربه ولو بكلمة ود.

لكأن “حزب الله” لا يحيا في محيطه اللبناني وحتى العربي، الا برفعه من شأن الخصومة الى درجة العداء. سياسة اثارة الخوف من الآخر وتخويفه، وصفة نموذجية للخراب وتدمير الدول، وبذرة الحروب الاهلية المديدة.

السابق
بالفيديو والصور: اكثر من ٣ غارات اسرائيلية دموية على بعلبك.. اليكم ما يحصل ليلاً!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلثاء في 12 آذار 2024