أسهَمَ في بِنائِهِ جاهِلاً غايَتَهُ.. سنودن يَفضَح لا أخلاقيّة الأمن السِّيبراني الأميركي!

إدوارد سنودن

في كتابه الصادر حديثاً ، في طبعته العربيّة الأولى ، عن ” شركة المطبوعات ” في بيروت ، في ال 2023 ، تحت عنوان : ” سِجِلّ دائم ” ، يفضح الخبير التكنولوجي الأميركي إدوارد سنودن لا أخلاقيّة نِظام الأمن السِّيبراني الأميركي ، ألنّظام الذي أُنشِءَ – وبحسب هذا الكتاب – في أعقاب الهجوم الجويّ على بُرجَي مركز التجارة العالميّة في البنتاغون ، في الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001 .

تحقيقُ رَغبةٍ وطنيّة مَخدوعَةٍ !!!

وفي هذا الكتاب الذي ترجمه إلى العربيّة أنطوان باسيل ، يقول سنودن : ” كنتُ راغباً في خدمة بلادي مِن خلال الحوسبة ” ، ويُوضِح كيف تسَنَّى له ( وهو في الثانية والعشرين من عمره ) ، أن يكون موظَّفاً رسميّاً ، في وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية وفي وكالة الأمن القومي الأميركي ، وكيف أنّه ساهَمَ من خلال خِبرتِه التكنولوجية ( في مجال تكنولوجيا المعلومات ) ، في بناء نظام الأمن السِّيبراني الأميركي ( أي التّجسّس السِّيبراني أو استخبارات الإشارة على الإنترنت .) ، مِن دون أن يُدرِك ، في البداية ، غاية هذا النظام ، أي هدفه الحقيقي ، الذي تبيَّن له ( أي لسنودن ) بَعد اكتشافه ، ( من خلال اطّلاعه المباشِر ، بعد سنواتٍ من تولّيه منصِبه في وظيفته الإستخبارية ، على محتويات وثائق سِرِّيّة للغاية ) ، أنّ هدف هذا النظام ، وبدلائله الوثوقية هذه التي لا تقبَلُ الشكّ ، هو هدفٌ لا أخلاقيّ . ذلك لأنّ نظام الأمن السِّيبراني الأميركي – وعلى ما يؤكِّد هذا الكتاب – ما هو إلاّ ذلك النّظام العالميّ السِّرّيّ للمُرَاقَبَة الجَماعِيّة ، التي تُمثِّلُ انتهاكاً واضحاً للخصوصيّات العالمية والحرّيّات الشَّخصيّة العالمية ، أي تُمَثِّلُ انتهاكاً صارِخاً لخصوصية وحُرّيّة كُلّ شخصٍ يَستخدِم الحاسوب والهاتِف المحمول ، مِن خلال إنشاء ( إضبارةٍ سِيبرانية ضخمة مُصَنَّفة – وعلى ما يُسمِّيها سنودن في هذا الكتاب – تحت إسم : ” سِجلّ دائم ” تَحفظُهُ ، إلى الأبد ، شبكةُ إنترنت مركزِ وكالةِ الأمن القوميّ للولايات المتحدة).

قُمتُ في هذا الكتاب بأمرٍ خطيرٍ بالنسبة إلى رجلٍ في مركزي : قرّرتُ قول الحقيقة

لجوءٌ قَسرِيّ

لذلك ، قرّر سنودن ( وكان في التاسعة والعشرين من عمره ) تَرك وظيفته الاستخبارية فغادر الولايات المتحدة ، ومن منفاه الذي اختاره في هونغ كونغ فَضَح نظام المراقَبة الجَماعية التي قامت به حكومة بلاده عبر وكالة ” الأمن القومي” ، وقام بذلك من خلال تسليم وثائقه السّرّيّة التي جَمَعها بهذا الشأن ، إلى صحافيِّيِن أميركيين في العام 2013 . وبعد ذلك انتهى الأمرُ بسنودن إلى أن يكون لاجئاً قسريّاً في موسكو ، التي كان يريدها مجرّد محطة عبور ، لكن حدث ما لم يكن يتوقّعه ، وهو أنّ جهاز الاستخبارات الروسية احتجزه ،لأنّ وزارة الخارجية الأميركية ألغت جواز سفره ، وأعطتِ التعليمات لشركات الخطوط الجوية بعدم السّماح له بالسفر أثناء ما كان لمّا يزل في الجو قبل نزول الطائرة التي هو فيها على أرض المطار في ” شيريميتييفو”، وكان أنّ الحكومة الروسية منحته لجؤاً مؤقّتاً ، حيث عاش هناك منفيّاً لأكثر من ستّ سنوات .

جَمعتُ وثائق داخلية تخصّ مجتمع الاستخبارات وتعطي دليلاً على خرق حكومة الولايات المتحدة القانون وسلّمتُها إلى الصِّحافيّين الذين محّصوها ونشروها في العالم الذي صَدَمَته الفضائح

الصَّدمَةُ العالمية في الـ2013

ففي العام 2013 ( ووفق النَّبذة التعريفية بهذا الكتاب التي يحملها غلافه الأخير ) صَدَمَ إدوارد سنودن ، إبن التاسعة والعشرين ، العالم عندما انفصل عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميريكية ، وكشف عن أنّ حكومة الولايات المتحدة كانت تتّبع سرّاً وسائل لجمع كلّ اتصالٍ هاتفيّ ورسالةٍ نصّيّةٍ وبريدٍ إلكتروني . والنتيجة : نِظامٌ لا سابق له من المراقَبة الجَماعية والتطفّل على الحياة الخاصّة لكلّ شخصٍ على وجه الأرض . وبعد ذلك بستّ سنوات ، يكشف سنودن ، للمرّة الأولى ، كيف أسهَم في بناء هذا النظام ، ولماذا تَحرّك لفضحه .

يتحدّث هذا الكتاب عن الأسباب التي أدّت إلى اتّخاذ ذلك القرار وعن المبادئ الأخلاقيّة والسلوكية التي دفعتني إلى اتّخاذه وكيفية تَبَلوُر تلك المبادئ وهو ما يعني أنّ هذا الكتاب يتحدّث أيضاً عن حياتي

ويُشكِّل كتاب ” سِجِلٌّ دائم ” روايةً إستثنائيّةً لِمَسِيرةِ شابٍّ لامعٍ نشأ على الإنترنت – وتولّى وظائف سِرِّيّةً في وكالة الاستخبارات المركزية وفي وكالة الأمن القومي – رجُل صار جاسوساً ، وكاشِفاً للفساد ، وبات في المَنفَى ضَمِير الإنترنت .
” سجلّ دائم ” : هو مذكّراتٌ فطِنة ٌ، محمّلة بالشغف ، ومكتنزة بالصراحة والشفافية ، تكشف ما نَجهَلُه عن عصرنا الرّقميّ ، ومقدّرٌ لها أن تصير كتاباً كلاسيكياً .

عن مضمون الكتاب

ومحتويات هذا الكتاب تتألّف من : ” تمهيد ” ؛

وثلاثة أجزاء ؛ وأجزاؤه تضمّ تسعةً وعشرين فصلاً ؛ يليها كلمة ” شُكر” .
ومما يقوله الكاتب في نصّ التمهيد :
” إسمي إدوارد جوزف سنودن . كنت أعمل لصالح الحكومة ، لكنني أعمل الآن لصالح عموم الناس .

واستغرقني إدراكُ وجود فَرقٍ بين الأمرين فترة تُقارب ثلاثة عقود . وعندما أدركتُ الفرق أوقعني ذلك في بعض المتاعب في عملي . كانت النتيجة أنّني أصرف وقتي الآن في محاولة حماية الناس مما كنته في الماضي ، أي جاسوساً يعمل لصالح وكالة الاستخبارت المركزية ، ووكالة الأمن القومي ، مجرد شابٍّ تِقَنيٍّ أسعى لبناء ما كنتُ واثقاً من أنّه سيكون عالماً أفضل .

” لم يطُل عملي في المجتمع الاستخباراتي الأميركي أكثر من سبع سنوات اعتبرتُها . حيث فوجئتُ بمعرفة أنّ تلك الفترة تزيد سنةً واحدة فقط عن الفترة التي صرفتها منفيّاً حتّى الآن في بلدٍ لم يكن من اختياري . وفي خلال فترة عملي في تلك السنوات السّبع شاركتُ في التغيير الأهمّ الذي حدث في تاريخ التّجسّس الأميركي ، أي التّحوّل من المراقبة الهادفة للأفراد إلى المراقبة الجَماعية التي تستهدف شعوباً بأكملها . فقد ساعدتُ في التّمكين التكنولوجي لحكومة دولةٍ واحدةٍ من جَمع كلّ الاتصالات الرقميّة في العالم ، وتخزينها لآجالٍ طويلة ، وكذلك للبحث فيها ساعة تشاء .

” قمتُ في هذا الكتاب بأمرٍ خطيرٍ بالنسبة إلى رجلٍ في مركزي : قرّرتُ قول الحقيقة . جمعتُ وثائق داخلية تخصّ مجتمع الاستخبارات ، وتعطي دليلاً على خرق حكومة الولايات المتحدة القانون ، وسلّمتُها إلى الصِّحافيِّين الذين محّصوها ونشروها في العالم الذي صَدَمَته الفضائح .

” يتحدّثُ هذا الكتاب عن الأسباب التي أدّت إلى اتّخاذ ذلك القرار ، وعن المبادئ الأخلاقية والسلوكية التي دفعتني إلى اتّخاذه ، وكيفية تبلور تلك المبادئ ، وهو ما يعني أنّ الكتاب يتحدّث أيضاً عن حياتي . ” .

عن الكاتب

وُلِد إدوارد سنودن في إليزابيث ، في كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأميركية ، وترعرع في ظلّ فورت ميد . تدرب على هندسة الأنظمة ، وعمل موظفاً في وكالة الاستخبارات المركزية ، ومتعاقداً في وكالة الأمن القومي . حَصَدَ عدداً كبيراً من الجوائز ، بما في ذلك جائزة ” رايت لايفلهود” . وجائزة كاشف الفساد الألمانية . وجائزة ريدنهور لقول الحقيقة ، وميدالية كارل فون أوسييتزكي من الرابطة الدولية لحقوق الإنسان . يتولّى الآن منصب رئاسة مجلس الإدارة في مؤسسة حُرّيّة الصحافة.

السابق
«نغمة» ارتفاع الأسعار تعود جنوباً عشية حلول رمضان
التالي
خطة للدخول البرّي الى لبنان.. استعدادات وتدريبٌ للجيش الإسرائيلي!