قانصو: المكون الشيعي استثناء.. ومتحرك بثوابته وبديهياته

تناول الدكتور وجيه قانصو "تأثير الرصيد التراكمي من العمل المؤسساتي والنتاج الفكري التأسيسي لتشيع لبناني معاصر على العلاقة بين تأسس الكيان اللبناني والمسألة الشيعية"، مبيّناً "دور المرجعيات الشيعية في انخراط الطائفة في رحلة بناء الثقافة وقيم الحياة المشتركة في لبنان".

قدم قانصو قراءة مفصلة عن التلازم بين”مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة” على مدى سنوات مضت خلال ندوة أقيمت في اطار مهرجان الكتاب في انطلياس، الخميس في 29 شباط الماضي، فلفت الى أنه عنوان مدفوع بأسئلة ذات طابع كلي ومصيري، موجودة ومنتشرة لكن غير مصرح بها ونتداولها بالهمس، أساسها موضوعي لكن نتظاهر بعرضيتها وعدم جديتها. هي أسئلة امتزجت فيها رغبة الفهم والمعرفة بالخوف واللايقين، خوف من تحولات ومتغيرات فعلية أخذت تلامس مفهوم الكيان اللبناني وحقيقته، ولايقين من وضع يتسم بالغموض والإلتباس واللاضبط.

وقال:”محور هذه الأسئلة هو المكون الشيعي في لبنان، بتغيراته السريعة ووضعيته المربكة وسياقاته غير المسبوقة، تجعله محل تساؤل عند المكونات الآخرى، ليس فقط حول مستقبل العلاقة معه وإنما حول أطر الانتظام وبنى الثقافة وقيم الحياة المشتركة في لبنان. بالتالي يرتد السؤال عن مكون مخصوص إلى السؤال عن وضعية الذوات الأخرى المتنوعة في لبنان، كون التغير في أي مكون جزئي يحدث انزياحات وتبدلات في الكيان الجامع، الذي يترك بدوره تداعيات واختلالات في حقيقة ومصائر المكونات الأخرى”.

هي مكونات تشكل تاريخها وتتشكل به، تتحدد بذاتها وبغيرها

أضاف:” فمكونات النسيج اللبناني ليست مجرد تكوينات دينية منعزلة عن بعضها البعض، أو روابط جوهرانية تبقى على هيئة واحدة في مجرى التاريخ. فثابتها متحرك، ومتحركها مدفوع بطاقة وجود ورغبة حياة. هي مكونات تشكل تاريخها وتتشكل به، تتحدد بذاتها وبغيرها. فالكائن الإنساني، في فردانيته أو جمعانيته، لا ينوجد متحققاً ودفعة واحدة، فوجوده فعل مستمر من التحقق الذي لا يتوقف، هو عملية تحقق Process of Being داخل عالم ألقي فيه هناك من دون أن يُسأل. لهذا لسنا أمام مكونات طبيعية تتطور بنحو طبيعي أو عفوي، بل أمام صيروة موضوع وذات، جدل أنا وآخر، ثوابت تكابد المتحرك، إرادة حرة تصارع الحتميات، وصناعة عقل داخل حقل مُلغَّم بالاعتباطيات”.

واعتبر قانصو أنه “ليس المكون الشيعي استثناء من غيره. هو أيضاً متحرك بثوابته وبديهياته. وليس كائناً بسيطاً بل أشبه بطبقات أركيولوجية تتراصف فيها الذاكرة والدين والتاريخ والجغرافيا وخصوصية المكان وطبيعة الأرض. فالتشيع ليس أطروحة دينية، أو حتى أطروحة خلاص راهن للبشرية، بل يغلب عليه الاحتجاج الأخلاقي، الذي ولدته مأساة عاشوراء المروعة، التي كانت بمثابة فرصة الخلاص الأخيرة لأمة الإسلام. هذه المأساة استحالت في المخيال الشيعي ريبة من مفهوم السلطة، والشك بنزاهتها، وإرجاء لمبدأ تحقيق العدالة في الأرض إلى آخر الزمان. حتى بات الانتظار سمة اجتماعية للتشيع، ذو دلالة رمزية بأن العدالة لن تتحقق إلا بمعجزة على يد أناس مقدسين ومعصومين، وهذا لا يمكن تحقيقة إلا آخر الزمان، زمن الظهور المقدس”.

مع غياب رمز الخلاص الموكل إليه مهمة “ملء الارض قسطاً وعدلاً” ، باتت السلطة خارج مرمى واهتمام الجماعات الشيعية

وقال:”مع غياب رمز الخلاص الموكل إليه مهمة “ملء الارض قسطاً وعدلاً” ، باتت السلطة خارج مرمى واهتمام الجماعات الشيعية، ولم يعد لديها رسالة تبشر بها، أو مشروع تسعى لتحقيقه أو ترسيخه. فمباديء الخلاص الكبرى أصبحت مرجأة ومؤجلة، واستحالت الفكرة الشيعية حالة باطنية، تقوم على التفاؤل بنهاية التاريخ مع حيطة وريبة من الحاضر، انكفاء من الخارج وإحجام عن مزاحمة الآخرين، إلى صورة باطن أخلاقي وقيمي ممتليء. فالخارج متروك لشرطه وظروفه، هو منطقة فراغ، يملؤه النشاط الإنساني والعلاقات الإنسانية. وهو ما منح الشيعة قدرة التكيف داخل أي وضع، وإقبال على الآخرين من دون شروط، والعيش وفق المتاح والممكن والمُحتَمَل لا وفق الصورة النموذج المسبق”.

أضاف:”لذلك حين تأسس الكيان اللبناني، لم تكن المسألة الشيعية مطروحة، بل انخرط فيها الشيعة من دون شروط مسبقة، رغم أنهم لم يكونوا من المنتجين الاساسيين لصيغتها: السني والماروني.

لم يكن داخل المكون الشيعي أطر تعبير أو مؤسسات، أو قوى ذات تكوين داخلي منظم، لهذا كانت منافذ التعبير ومنابر الاحتجاج غير شيعية

وحين ظهر الاحتجاج الشيعي المبكر، لم يكن على خلفية سياسية بل على أرضية اجتماعية وموجبات عدالة التوزيع، لا على الدوافع لتحقيق عدالة التمثيل أو الشراكة الكاملة بل لدافع انتزاع الاعتراف ورفع الحرمان.لم يكن داخل المكون الشيعي أطر تعبير أو مؤسسات، أو قوى ذات تكوين داخلي منظم، لهذا كانت منافذ التعبير ومنابر الاحتجاج غير شيعية، تمثلت بأطر اليسار التي وجد فيها الشباب الشيعي متنفسه لإحداث تغيير شامل للنظام كمدخل ضرروي لعدالة توزيع شاملة وخلق شروط حياة أفضل. لكن اليسار اللبناني قارب المسألة اللبنانية من منظور أممي، ومنطق صراع الطبقات، وإطار أيديولوجي جامد، أخرج القضايا الإجتماعية عن سياقها ومضمونها الخاصين، وتسبب بأن يفقد اليسار جاذبيته وقدره على التعبئة، وأهليته في توفير أطر حل تتوافق مع حقيقة المشكلات الموضوعية”.

وتابع:”بانكفاء قوى اليسار، كان البديل المتوقع للتأطير الجديد هو المرجعيات الشيعية المتمثلة بنخبة جديدة من العلماء الوافدين من النجف بذهنية مختلفة عن جيل العلماء التقليدي، الذي كانت مهمته المحافظة على السردية الشيعية بخصوصيتها التاريخية ودقتها الطقوسية ووازعها الأخلاقي وترابطها الإجتماعي، لكنه كان فاقد القدرة على توليد خطاب يستجيب لأسئلة الراهن ويتصدى للمشكلات المستجدة. أما جيل النجف الجديد، أمثال موسى الصدر ومحمد حسين فضل ومحمد مهدي شمس الدين ومحمد حسن الأمين وهاني فحص، مع حفظ القاب جميع هؤلاء، فقد كان جيلاً يتمتع بتكوين علمي وثقافي أكثر تركيباً وحيوية.

بدأنا نشهد في النجف مساع لإعادة تعريف التشيع في ضوء قضايا الزمن ومسائله

جيل مشبع بتطلعات قومية وأممية، باطلاع واسع على الفكر العالمي ومستجدات العصر، انتماءات حزبية. بالتالي بدأنا نشهد في النجف مساع لإعادة تعريف التشيع في ضوء قضايا الزمن ومسائله، ويكون جزء فاعلاً في التصدي للقضايا المصيرية الملحة مثل القومية العربية، ونكبة فلسطين، ويعالج مشكلة الشيوعية، ويجيب عن الأسئلة التي حركها الفكر الغربي، فضلا عن سبل عودة الإسلام في زماننا كبديل وصاحب مقترح شامل لقيادة الحياة.مع هذا الجيل صار السؤال السياسي ومسائل الحكم والهوية من صميم التفكير الشيعي الحديث، وتحولت وظيفة الشخصية العلمائية من شخصية معنية ببيان التكليف الديني إزاء الوقائع الجزئية، إلى التفكير بكليات المسائل الحياتية والتي في مقدمها مسائل الحكم والمجتمع والاقتصاد”.

وأردف:”لكن ما كان ممكناً في النجف، هو غير ممكن في لبنان. فلبنان يقوم على خصوصية تأسيسية مدروسة ومقصودة، يتميز بها عن محيطه ولا ينفصل عنه. يتبنى قضايا المحيط العربي الإنسانية وتطلعاته القومية ومع ذلك يحتفظ لنفسه بمسافة من الإندماجية والوحدوية والاحتوائية والأيديولوجية. ينفتح على الغرب ويُقبل إليه بحماس ويتأثر بأنماط عيشه ومسلكه، ومع ذلك يحتفظ بعمقه الشرقي الضارب في حكايات التاريخ الأولى. لذلك كانت صيغة لبنان تقوم على التوازن الدقيق والحساس بين: غرب وشرق، دين وعلمانية، إسلام ومسيحية، عروبة وعولمة، حرية وتقاليد ضاربة في الجذور، فردانية وروابط عائلية صلبة، ديمقراطية وزعامات تقليدية هنية”.

وقال قانصو: “هي وضعية منعت لبنان من الانزلاق إلى أية مظاهر استبداد، أو سلطة شمولية، أو أيديولوجية مهيمنة، أو حزب حاكم. ما جعل من لبنان ملاذا آمناً لمضطهدي الرأي والفكر من الخارج، ووفر للبنان، بصغر مساحته وقلة عدد سكانه، قدرة تطور ونهضة سريعين، وفاعلية داخل مجال العربي، وقابلية انفتاح ومواكبة مريحة لما يحصل في العالم. وفي الوقت نفسه، ظل لبنان شديد الحساسية إزاء أي مس أو إزاحة للتوازنات الدقيقة التي قامت عليها فكرة الكيان اللبناني بصيغته المعاصرة . هذه الصيغة لم تكن مجرد استمرارية طبيعية لوجود تاريخي قديم وعريق، بل هي أيضاً ثمرة عقد اجتماعي معاصر، أي فعل توافق حر وواع، لنمط وجود وعيش مكوناته، تعطي للبنان المعاصر حقيقته وفكرته ومحددات هويته الفريدة”.

فوق هذه الأرضية فائقة الحساسية كان التفكير العلمائي الجديد يتحرك في لبنان

ولفت الى “أنه فوق هذه الأرضية فائقة الحساسية كان التفكير العلمائي الجديد يتحرك في لبنان، لتتحدد من خلاله الهوية الشيعية على ضوء الهوية اللبنانية، وتتفعل الفكرة اللبنانية وتتجدد في صوء الحقيقة الشيعية المنبثقة. فالإثنان متداخلان ويشرطان بعضهما البعض. فلم تعد قوالب التفكير الأيديولوجي والحزبي الذي كان ناشطاً في النجف يصلح أرضية تنظير وتفكير داخل المجال اللبناني، الذي تقوم فكرته لا على خلق الشرط الموضوعي لتحقق المطلقات وهو منطلق أصحاب الأيديولوجيات الجاهزة، بل على توليد الفكرة والقيمة التي تستجيب للشرط الموضوعي الخاص بلبنان. وهي المقاربة التي تجعل من التشيع أرضية حياة ومباديء شراكة ومقوات عيش فعلي لا افتراضي”.

واعتبر أنه “مع الجيل العلمائي الجديد، لم يعد التشيع هاجس بقاء على هامش المشهد السياسي والقدرة على الحياة من دونه، بل الانوجاد في قلبه ومن الفاعلين والمنتجين فيه. ولم تعد الهوية عبارة عن استبطان باطني لقيم أخلاقية خاصة، بل عبارة عن مدى علاقات بين الأنا وحقل الأنت المتنوع والمتعدد، أي هوية تشرط الآخر وتنشرط به في آن. هذا الأفق الجديد لم تعد قوالب التشيع التقليدية قادرة على توفير شروطه الفقهية والنظرية، فكان لا بد من تأسيس كليات تشيع جديدة، تفهم النص بمسبقات مختلفة وبعدة تفسيرية تأخذ النص إلى مديات دلالة وحقول معنى قصرت عن رؤيتها واستبصارها ذهنية التفكير الفقهي”.

وقال:”يمكن القول أن جملة تأسيسات نوعية راكمها هذا الجيل، سواء أكان في الفهم الديني لكليات المسائل الحياتية أم لحقيقة الفكرة الشيعية في تمثلاتها العقائدية وموجهاتها المسلكية. نذكر أهمها: أولاً: فصل المجال الديني عن المجال السياسي، فلم تعد السياسة من شؤون الإمامة الدينية، بالتالي لم تعد مسألة اعتقادية بل مسألة تدبيرية متروكة للتدبير والابتكار البشريين. هذا الفصل خلق رحابة أمام الشيعة في التأقلم والتكيف والانتماء وحرية الولاء لأي نظام سياسي أو أية دولة مهما كانت تنوعاتها الثقافية وطبيعة نظمها السياسية”.

أضاف:”نتيجة لذلك، لم يعود “للشيعة مشروع سياسي فعلي لتولي الحكم (في عصر الغيبة)، ولا يطرحون المشروع السياسي “للإمامة المعصومة لأنه مشروع مستقبلي مرهون بإرادة الله تعالى” بحسب تعبير الشيخ شمس الدين. أما المجال السياسي فهو منطقة فراغ ديني، أي منطقة لا يوجد فيها محددات وقيود دينية. بالتالي صار بالإمكان التعامل مع السياسة لا بصفتها حقيقة محكومة لمعايير وقيم من خارجها، بل بصفتها موضوعاً مستقلاً للتفكر، وحقيقة قائمة بذاتها تنتج معاييرها وقيمها بنفسها، أي محكومة لمعايير الجدارة والبقاء والابتكار لا معايير التقى والإيمان.

ثانياً: ولاية الأمة على نفسها: التي تقوم على تفريغ وتخلية مقصودين من الله لولايته الشاملة في منطقة التدبير السياسي، وإلقاء مسؤوليتها على الإنسان بأن يتحمل مسؤولية إدارتها ويكون مؤهلاً ومخولاً من الله بصناعة مصيره”.

وتابع:”ولاية الأمة على نفسها، حررت السلطة من عقيدة الإمامة، فلم تعد السلطة السياسية حقيقة دينية أو تعبدية أو حقل وصاية من أحد على أحد، بل مجال نشاط بشري حر، تبدأ بولاية الإنسان على نفسه، أي حقه في تقرير مصيره وصنع خياراته، وترتقي عبر توافق الإرادات الفردية وتعاقدها داخل مجال مجتمعي خاص لتصبح ولاية عامة تكون الشرعية بداخلها متقومة بمشاركة فاعلة من الأفراد، تجعل مسار السلطة يسير من القاعدة إلى الأعلى عبر التمثيل، ومن الأعلى إلى القاعدة عبر القانون والدستور والمؤسسات، أي عبر الدولة.

ثالثاً: نفي الخصوصية الشيعية في الدائرة العامة، لا بمعنى إنهاء الهوية الشيعية وتبديدها بل بمعنى سحبها من الساحات العامة، ورفع موانع تحول روابطها الاجتماعية إلى روابط مدنية. هذا يستدعي انكفاء الرابط الديني بمنطقة الضمير، وقيام الروابط الاجتماعية على قاعدة مدنية، أي روابط طوعية اختيارية خالية من أي قيد ديني أو شرط عقائدي.

رابعاً: إزالة التعارض بين الهوية الدينية والهوية القومية، وهو تعارض سببه الالتباس في حدود مناطق اشتغال كل منهما، وغياب أي فهم للعلاقة التكاملية التي تجمعهما. الهويتان متداخلتان، وفي الوقت نفسه، لا يُغيِّب أحدهما الآخر. فالهوية القومية تجسيد لسياق تاريخي للجماعات وعصارة تجاربها المادية والثقافية، والهوية الدينية هي دافع باطني ومصدر معنى كلي لمعنى الحياة وحقائق الغيب. بهذا المعنى فإن الهوية القومية ضرورة تاريخية لتطور المجتمعات، وإلا تفقد تمايزها وخصوصيتها، والهوية الدينية قوة دفع باطني ووازع أخلاقي لكل نشاط إنساني. خامساً: فض الاشتباك المزيف بين الإسلام والعلمانية. من منظور أن الدين ليس مشروع سلطة، بل مشروع الإنسان في معنى وجوده وقيمه وبواعثه الباطنية. ومن منظور أن العلمانية هي الضامن الوحيد للتعددية الثقافية والدينية داخل المجتمع الواحد. هو فصل أو تمايز، يمثل إطاراً صحياً ليمارس الدين وظيفته، بعيداً عن إملاءات السلطة ووصايتها، وتمارس السياسة نشاطها كفعل بشري، قابل للنقد والمراجعة، بعيدا عن مساعي القداسة وتأييدات الغيب التي تدعيها لنفسها. بالتالي تكون العلمانية تعرية للسياسة من ادعاءاتها، وتصويباً وترشيداً لنشاط الدين في الحياة العامة.سادساً: إدراج الديمقراطية ضمن مقاصد الإسلام العميقة للوجود الإنساني. لا بوصف الديمقراطية نموذج حكم مستورد، بل بوصفها، وفق أصولها الفلسفية العميقة، الشروط الضرورية للحرية والمساواة الإنسانيين من جهة، ولأنها تردم الهوة بين الدولة والمجتمع من جهة أخرى، بأن يكون المجتمع مصدر كل شرعية سياسية، وتكون السلطة محل تداول مستمر، لتأكيد المرجعية الدائمة للمجتمع في كل فعل سياسي”.

نحن أمام رصيد تراكمي من العمل المؤسساتي والنتاج الفكري التأسيسي لتشيع لبناني معاصر، منغرس بتربة لبنانية خالصة

وختم :”بالجملة، نحن أمام رصيد تراكمي من العمل المؤسساتي والنتاج الفكري التأسيسي لتشيع لبناني معاصر، منغرس بتربة لبنانية خالصة. هو تأسيس اتسم بفطنة الخروج من القوالب الأيديولوجية الحالمة التي كانت تملأ أجواء الفكر الديني المعاصر، وبشجاعة تجاوز البنى الدينية التقليدية السابقة، من دون أن يبطل مفعولها الروحي ووظيفتها التقوائية، لكن عمد إلى إدخالها من جديد في التاريخ، واستنباتها داخل خصوصية ثقافية ومجال مجتمعي أوسع وكيان سياسي نهائي هو لبنان، تعي نفسها وحقيقتها فيه، وتطل من خلاله على العالم. هو تشكل لم يعد بالإمكان اعتباره عرضياً أو آنياً، بل هو صميمي وكينوني، وفي ذلك قيمته المضافة، وعينته الفريدة بفرادة لبنان نفسه”.

السابق
الأمين: ثلاث شخصيات لعبت دوراً بحل الإشكالية الاسلامية والشيعية
التالي
خلف: الموفدون الأجانب يمعنون في خرق الأصول الدستورية ولنعد الى الدولة