توقيع كتاب «قصاصات العلامة السيد».. قانصو في ندوة «مراجع الشيعة»: جيل النجف الجديد يتمتع بتكوين ثقافي أكثر حيوية

شكلت ندوة "مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة" وتوقيع كتاب "قصاصات العلامة السيد" للعلامة السيد محمد حسن الأمين، باكورة انطلاقة نشاطات مهرجان الكتاب في انطلياس في دورته الـ41، حيث كان الملتقى السنوي أمام المتمسكين بالكتاب وبالفكر المتنوّع وبأهمية التواصل في بناء الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

قدم الدكتور وجيه قانصو ورئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين، مقاربتهما لدور الشيعة ومراجعها في رحلة لبنان على مر السنوات، ومدى تأثر كل مرجعية في تكوين المجتمع ومعالجة قضايا الوطن، مع تسليط الضوء على رجالات تركوا بصمتهم على مساحة لبنان بحكمتهم وقدرتهم على استخدام لغة العقل والوحدة من أجل تغليب مصلحة الوطن على كل الاعتبارات التي تؤدي الى التفرقة والتباعد والتناحر ورفع راية الفكر التنويري الجامع.

“مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة”.. ندوة تستحضر “أصحاب العقول النيّرة”

يمر الوطن اليوم، والمنطقة عموماً، في إحدى أخطر الأزمات التي شهدناها، وربما الأخطر، تفاقمها التدخلات والتداخلات الأجنبية ومصالح الدول، وهو ما أكد عليه مدير الندوة جورج أسطفان الذي لفت الى أنه أصبح اللبنانيون يحاولون التأقلم مع هذه الأوضاع، رغم التأفف المتواصل، بدلاً من نبذها والوقوف في وجهها، مهما كلف ذلك من تضحيات، ونبذِ زعمائهم المسؤولين عنها، بدلاً من الزحف تحت موائدهم للحصول على بعض الفتات، او الانسياق وراء غرائزَ طائفيةً، هي احد أبرز أمراض الوطن، وربما المنطقة ككل.

قانصو: حين تأسس الكيان اللبناني لم تكن المسألة الشيعية مطروحة بل انخرط فيها الشيعة من دون شروط مسبقة


ولفت الى أنه وكأن لبنان لم تكفِه هذه المصائب الخارجية كلُّها، فكانت الضربة القاضية من أهل الداخل، والأخطر من ذلك كله ان السير التآمري الدولي بالممسكين بزمام الأمور، بلغ حدّ الخيانة العظمى، في التخلي عن جزء حيوي من حدودنا البحرية، وربما البرية قريباً، بل هم جعلوه نصراً مبيناً في مسرحيات مدروسة رغم هزالتها، يخسرُ الوطنُ معها مداخيلَ طائلةً كانت لتساهم بقوة، في قيامة، وقال:” هذا غيض من فيض كان لا بد منه، لمقاربة قضية كبرى من قضايا الوطن، هي موضوع لقائنا اليوم، عنوانه:”مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة”، وهي قضايا لا شك في ان الوطن بأمس الحاجة اليها، اليوم أكثر من أي وقت مضى، والمنطقة على شفا الهاوية. فما يحصل اليوم في فلسطبن المحتلة، بخاصة في غزة ورفح، لا يمكن وصفه بأقل من محاولات إبادة وتهجير جماعي، تجرؤ عليه سلطات العدو المجرمة من دون رادع دولي، هي التي احتكرت ليهود العالم دورَ الضحية الأبدية، تبرزه عند الحاجة، وهي الجلاد المتمادي في إجرامه منذ نحو ثمانية عقود. ولا شك في ان لبنان هدفٌ لقادة الكيان المجرم، ما يدعونا اليوم جميعاً، مسؤولين ومواطنين، الى الوقوف يداً واحدة، بعيداً من المزادات الرخيصة، لدرء هذا الخطر عن وطننا. ولا شك أيضاً في ان اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم، يجرّمون الهمجية الصهيونية التي لا تعرف حدوداً في مواجهة الأطفال والنساء العُزّل، على رغم اختلافات واضحة بين اللبنانيين خصوصاً، في كيفية المواجهة. كما ان تهافت “المصلحين”، وهم أصل العلة منذ عقود ولم يرعَووا ، قد بلغ حداً لم يبلغه سابقاً، في محاولات معروفة الهدف، الظاهر منها منع توسّع الصراع”.

وشدد على أنه “لا بد من التأكيد ان مجموعات كبيرة من الطائفة الشيعية الكريمة موجودةٌ بقوة في الساحة الوطنية، في كل المجالات على رغم محاولات يائسة لتحجيمها، وهي غير منضوية تحت لواء القوى المسيطرة الأخرى، ولها نضالها الخاص وآراؤها المستقلة في قضايا الوطن وكيفية معالجتها، وفي الحوار الوطني البنّاء، والتعاون والتسامح المتفاني بعيداً من الإكراه وسيطرة القوة. ومن الأهداف الأساسية لهذه الندوة، محاولة إبراز هذا الاختلاف البنّاء في التصرّف وفي وجهات النظر”، وقال:” هذه الأخطار، الداخلية على أنواعها خصوصاً، والخارجية منها في هذا الوقت بالذات، تدعونا الى استحضار الأفكار النيرة، الجامعة قدر الإمكان والتي تُحدّ من التباعد الحاصل بين الديانات المختلفة والطوائف المختلفة، وحتى الديانات الواحدة والطوائف الواحدة والانتماءات على أنواعها، لإنقاذ ما تبقى من مكوّنات الوطن.
وأشار الى أن هذا اللقاء الودّي، عبر الأفكار النّيرة والمواقف الوطنية لكبار من هذا الوطن، غادرونا في وقت نحن في أمس الحاجة لهم، اليوم ربما أكثر من أي وقت مضى، عنيتُ خصوصاً، من ضمن آخرين، الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي دعى في “وصاياه” الشيعة ” في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجمتع من مجتمعاتهم، ان يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وان لا يميزوا أنفسهم بأي تميّز خاص، وان لا يخترعوا لأنفسم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم، وهو كان رافضاً لإنشاء تكتلات حزبية سياسية خاصة لغرض المطالبة بحقوق الشيعة والدفاع عنها،ة ثم السيد محمد حسن الأمين الذي كان يعتبر ان الإسلام لا يتعارض مع العلمانية، وان السلطة شأن بشري لا الهي، وان المقاومة ليست حكراً على طائفة، مؤكداً ان سيادة الدولة مدخل رئيس لإصلاح النظام اللبناني، داعياً الى عدم حصر التمثيل السياسي بأحزاب محددة لأنها طائفية في أكثرها، ثم السيد هاني فحص داعية الحوار بين الأديان، ومن أبرز المنظّرين في مجال مقاربة الإسلام لمواضيع الحداثة المطروحة، والمؤسس، مع الراحل سمير فرنجية، ل”المؤتمر الدائم للحوار اللبناني”. والجميع في إطار المَسيرة العابرة للأزمنة، للإمام موسى الصدر.

قانصو: رصيد تراكمي من العمل المؤسساتي والنتاج الفكري التأسيسي لتشيع لبناني معاصر

قدم الدكتور وجيه قانصو قراءة مفصلة لما يتضمنه عنوان الندوة “مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة”، فلفت الى أنه عنوان مدفوع بأسئلة ذات طابع كلي ومصيري، موجودة ومنتشرة لكن غير مصرح بها ونتداولها بالهمس، أساسها موضوعي لكن نتظاهر بعرضيتها وعدم جديتها. هي أسئلة امتزجت فيها رغبة الفهم والمعرفة بالخوف واللايقين، خوف من تحولات ومتغيرات فعلية أخذت تلامس مفهوم الكيان اللبناني وحقيقته، ولايقين من وضع يتسم بالغموض والإلتباس واللاضبط.
وقال:”محور هذه الأسئلة هو المكون الشيعي في لبنان، بتغيراته السريعة ووضعيته المربكة وسياقاته غير المسبوقة، تجعله محل تساؤل عند المكونات الآخرى، ليس فقط حول مستقبل العلاقة معه وإنما حول أطر الانتظام وبنى الثقافة وقيم الحياة المشتركة في لبنان. بالتالي يرتد السؤال عن مكون مخصوص إلى السؤال عن وضعية الذوات الأخرى المتنوعة في لبنان، كون التغير في أي مكون جزئي يحدث انزياحات وتبدلات في الكيان الجامع، الذي يترك بدوره تداعيات واختلالات في حقيقة ومصائر المكونات الأخرى”.
أضاف:” فمكونات النسيج اللبناني ليست مجرد تكوينات دينية منعزلة عن بعضها البعض، أو روابط جوهرانية تبقى على هيئة واحدة في مجرى التاريخ. فثابتها متحرك، ومتحركها مدفوع بطاقة وجود ورغبة حياة. هي مكونات تشكل تاريخها وتتشكل به، تتحدد بذاتها وبغيرها. فالكائن الإنساني، في فردانيته أو جمعانيته، لا ينوجد متحققاً ودفعة واحدة، فوجوده فعل مستمر من التحقق الذي لا يتوقف، هو عملية تحقق Process of Being داخل عالم ألقي فيه هناك من دون أن يُسأل. لهذا لسنا أمام مكونات طبيعية تتطور بنحو طبيعي أو عفوي، بل أمام صيروة موضوع وذات، جدل أنا وآخر، ثوابت تكابد المتحرك، إرادة حرة تصارع الحتميات، وصناعة عقل داخل حقل مُلغَّم بالاعتباطيات”.
واعتبر قانصو أنه “ليس المكون الشيعي استثناء من غيره. هو أيضاً متحرك بثوابته وبديهياته. وليس كائناً بسيطاً بل أشبه بطبقات أركيولوجية تتراصف فيها الذاكرة والدين والتاريخ والجغرافيا وخصوصية المكان وطبيعة الأرض. فالتشيع ليس أطروحة دينية، أو حتى أطروحة خلاص راهن للبشرية، بل يغلب عليه الاحتجاج الأخلاقي، الذي ولدته مأساة عاشوراء المروعة، التي كانت بمثابة فرصة الخلاص الأخيرة لأمة الإسلام. هذه المأساة استحالت في المخيال الشيعي ريبة من مفهوم السلطة، والشك بنزاهتها، وإرجاء لمبدأ تحقيق العدالة في الأرض إلى آخر الزمان. حتى بات الانتظار سمة اجتماعية للتشيع، ذو دلالة رمزية بأن العدالة لن تتحقق إلا بمعجزة على يد أناس مقدسين ومعصومين، وهذا لا يمكن تحقيقة إلا آخر الزمان، زمن الظهور المقدس”.
وقال:”مع غياب رمز الخلاص الموكل إليه مهمة “ملء الارض قسطاً وعدلاً” ، باتت السلطة خارج مرمى واهتمام الجماعات الشيعية، ولم يعد لديها رسالة تبشر بها، أو مشروع تسعى لتحقيقه أو ترسيخه. فمباديء الخلاص الكبرى أصبحت مرجأة ومؤجلة، واستحالت الفكرة الشيعية حالة باطنية، تقوم على التفاؤل بنهاية التاريخ مع حيطة وريبة من الحاضر، انكفاء من الخارج وإحجام عن مزاحمة الآخرين، إلى صورة باطن أخلاقي وقيمي ممتليء. فالخارج متروك لشرطه وظروفه، هو منطقة فراغ، يملؤه النشاط الإنساني والعلاقات الإنسانية. وهو ما منح الشيعة قدرة التكيف داخل أي وضع، وإقبال على الآخرين من دون شروط، والعيش وفق المتاح والممكن والمُحتَمَل لا وفق الصورة النموذج المسبق”.
أضاف:”لذلك حين تأسس الكيان اللبناني، لم تكن المسألة الشيعية مطروحة، بل انخرط فيها الشيعة من دون شروط مسبقة، رغم أنهم لم يكونوا من المنتجين الاساسيين لصيغتها: السني والماروني. وحين ظهر الاحتجاج الشيعي المبكر، لم يكن على خلفية سياسية بل على أرضية اجتماعية وموجبات عدالة التوزيع، لا على الدوافع لتحقيق عدالة التمثيل أو الشراكة الكاملة بل لدافع انتزاع الاعتراف ورفع الحرمان.لم يكن داخل المكون الشيعي أطر تعبير أو مؤسسات، أو قوى ذات تكوين داخلي منظم، لهذا كانت منافذ التعبير ومنابر الاحتجاج غير شيعية، تمثلت بأطر اليسار التي وجد فيها الشباب الشيعي متنفسه لإحداث تغيير شامل للنظام كمدخل ضرروي لعدالة توزيع شاملة وخلق شروط حياة أفضل. لكن اليسار اللبناني قارب المسألة اللبنانية من منظور أممي، ومنطق صراع الطبقات، وإطار أيديولوجي جامد، أخرج القضايا الإجتماعية عن سياقها ومضمونها الخاصين، وتسبب بأن يفقد اليسار جاذبيته وقدره على التعبئة، وأهليته في توفير أطر حل تتوافق مع حقيقة المشكلات الموضوعية”.
وتابع:”بانكفاء قوى اليسار، كان البديل المتوقع للتأطير الجديد هو المرجعيات الشيعية المتمثلة بنخبة جديدة من العلماء الوافدين من النجف بذهنية مختلفة عن جيل العلماء التقليدي، الذي كانت مهمته المحافظة على السردية الشيعية بخصوصيتها التاريخية ودقتها الطقوسية ووازعها الأخلاقي وترابطها الإجتماعي، لكنه كان فاقد القدرة على توليد خطاب يستجيب لأسئلة الراهن ويتصدى للمشكلات المستجدة. أما جيل النجف الجديد، أمثال موسى الصدر ومحمد حسين فضل ومحمد مهدي شمس الدين ومحمد حسن الأمين وهاني فحص، مع حفظ القاب جميع هؤلاء، فقد كان جيلاً يتمتع بتكوين علمي وثقافي أكثر تركيباً وحيوية. جيل مشبع بتطلعات قومية وأممية، باطلاع واسع على الفكر العالمي ومستجدات العصر، انتماءات حزبية. بالتالي بدأنا نشهد في النجف مساع لإعادة تعريف التشيع في ضوء قضايا الزمن ومسائله، ويكون جزء فاعلاً في التصدي للقضايا المصيرية الملحة مثل القومية العربية، ونكبة فلسطين، ويعالج مشكلة الشيوعية، ويجيب عن الأسئلة التي حركها الفكر الغربي، فضلا عن سبل عودة الإسلام في زماننا كبديل وصاحب مقترح شامل لقيادة الحياة.مع هذا الجيل صار السؤال السياسي ومسائل الحكم والهوية من صميم التفكير الشيعي الحديث، وتحولت وظيفة الشخصية العلمائية من شخصية معنية ببيان التكليف الديني إزاء الوقائع الجزئية، إلى التفكير بكليات المسائل الحياتية والتي في مقدمها مسائل الحكم والمجتمع والاقتصاد”.
وأردف:”لكن ما كان ممكناً في النجف، هو غير ممكن في لبنان. فلبنان يقوم على خصوصية تأسيسية مدروسة ومقصودة، يتميز بها عن محيطه ولا ينفصل عنه. يتبنى قضايا المحيط العربي الإنسانية وتطلعاته القومية ومع ذلك يحتفظ لنفسه بمسافة من الإندماجية والوحدوية والاحتوائية والأيديولوجية. ينفتح على الغرب ويُقبل إليه بحماس ويتأثر بأنماط عيشه ومسلكه، ومع ذلك يحتفظ بعمقه الشرقي الضارب في حكايات التاريخ الأولى. لذلك كانت صيغة لبنان تقوم على التوازن الدقيق والحساس بين: غرب وشرق، دين وعلمانية، إسلام ومسيحية، عروبة وعولمة، حرية وتقاليد ضاربة في الجذور، فردانية وروابط عائلية صلبة، ديمقراطية وزعامات تقليدية هنية”.
وقال قانصو: “هي وضعية منعت لبنان من الانزلاق إلى أية مظاهر استبداد، أو سلطة شمولية، أو أيديولوجية مهيمنة، أو حزب حاكم. ما جعل من لبنان ملاذا آمناً لمضطهدي الرأي والفكر من الخارج، ووفر للبنان، بصغر مساحته وقلة عدد سكانه، قدرة تطور ونهضة سريعين، وفاعلية داخل مجال العربي، وقابلية انفتاح ومواكبة مريحة لما يحصل في العالم. وفي الوقت نفسه، ظل لبنان شديد الحساسية إزاء أي مس أو إزاحة للتوازنات الدقيقة التي قامت عليها فكرة الكيان اللبناني بصيغته المعاصرة . هذه الصيغة لم تكن مجرد استمرارية طبيعية لوجود تاريخي قديم وعريق، بل هي أيضاً ثمرة عقد اجتماعي معاصر، أي فعل توافق حر وواع، لنمط وجود وعيش مكوناته، تعطي للبنان المعاصر حقيقته وفكرته ومحددات هويته الفريدة”
ولفت الى “أنه فوق هذه الأرضية فائقة الحساسية كان التفكير العلمائي الجديد يتحرك في لبنان، لتتحدد من خلاله الهوية الشيعية على ضوء الهوية اللبنانية، وتتفعل الفكرة اللبنانية وتتجدد في صوء الحقيقة الشيعية المنبثقة. فالإثنان متداخلان ويشرطان بعضهما البعض. فلم تعد قوالب التفكير الأيديولوجي والحزبي الذي كان ناشطاً في النجف يصلح أرضية تنظير وتفكير داخل المجال اللبناني، الذي تقوم فكرته لا على خلق الشرط الموضوعي لتحقق المطلقات وهو منطلق أصحاب الأيديولوجيات الجاهزة، بل على توليد الفكرة والقيمة التي تستجيب للشرط الموضوعي الخاص بلبنان. وهي المقاربة التي تجعل من التشيع أرضية حياة ومباديء شراكة ومقوات عيش فعلي لا افتراضي”.
واعتبر أنه “مع الجيل العلمائي الجديد، لم يعد التشيع هاجس بقاء على هامش المشهد السياسي والقدرة على الحياة من دونه، بل الانوجاد في قلبه ومن الفاعلين والمنتجين فيه. ولم تعد الهوية عبارة عن استبطان باطني لقيم أخلاقية خاصة، بل عبارة عن مدى علاقات بين الأنا وحقل الأنت المتنوع والمتعدد، أي هوية تشرط الآخر وتنشرط به في آن. هذا الأفق الجديد لم تعد قوالب التشيع التقليدية قادرة على توفير شروطه الفقهية والنظرية، فكان لا بد من تأسيس كليات تشيع جديدة، تفهم النص بمسبقات مختلفة وبعدة تفسيرية تأخذ النص إلى مديات دلالة وحقول معنى قصرت عن رؤيتها واستبصارها ذهنية التفكير الفقهي”.
وقال:”يمكن القول أن جملة تأسيسات نوعية راكمها هذا الجيل، سواء أكان في الفهم الديني لكليات المسائل الحياتية أم لحقيقة الفكرة الشيعية في تمثلاتها العقائدية وموجهاتها المسلكية. نذكر أهمها: أولاً: فصل المجال الديني عن المجال السياسي، فلم تعد السياسة من شؤون الإمامة الدينية، بالتالي لم تعد مسألة اعتقادية بل مسألة تدبيرية متروكة للتدبير والابتكار البشريين. هذا الفصل خلق رحابة أمام الشيعة في التأقلم والتكيف والانتماء وحرية الولاء لأي نظام سياسي أو أية دولة مهما كانت تنوعاتها الثقافية وطبيعة نظمها السياسية”.
أضاف:”نتيجة لذلك، لم يعود “للشيعة مشروع سياسي فعلي لتولي الحكم (في عصر الغيبة)، ولا يطرحون المشروع السياسي “للإمامة المعصومة لأنه مشروع مستقبلي مرهون بإرادة الله تعالى” بحسب تعبير الشيخ شمس الدين. أما المجال السياسي فهو منطقة فراغ ديني، أي منطقة لا يوجد فيها محددات وقيود دينية. بالتالي صار بالإمكان التعامل مع السياسة لا بصفتها حقيقة محكومة لمعايير وقيم من خارجها، بل بصفتها موضوعاً مستقلاً للتفكر، وحقيقة قائمة بذاتها تنتج معاييرها وقيمها بنفسها، أي محكومة لمعايير الجدارة والبقاء والابتكار لا معايير التقى والإيمان.

ما كان ممكناً في النجف، هو غير ممكن في لبنان فلبنان يقوم على خصوصية تأسيسية مدروسة ومقصودة، يتميز بها عن محيطه ولا ينفصل عنه


ثانياً: ولاية الأمة على نفسها: التي تقوم على تفريغ وتخلية مقصودين من الله لولايته الشاملة في منطقة التدبير السياسي، وإلقاء مسؤوليتها على الإنسان بأن يتحمل مسؤولية إدارتها ويكون مؤهلاً ومخولاً من الله بصناعة مصيره”.
وتابع:”ولاية الأمة على نفسها، حررت السلطة من عقيدة الإمامة، فلم تعد السلطة السياسية حقيقة دينية أو تعبدية أو حقل وصاية من أحد على أحد، بل مجال نشاط بشري حر، تبدأ بولاية الإنسان على نفسه، أي حقه في تقرير مصيره وصنع خياراته، وترتقي عبر توافق الإرادات الفردية وتعاقدها داخل مجال مجتمعي خاص لتصبح ولاية عامة تكون الشرعية بداخلها متقومة بمشاركة فاعلة من الأفراد، تجعل مسار السلطة يسير من القاعدة إلى الأعلى عبر التمثيل، ومن الأعلى إلى القاعدة عبر القانون والدستور والمؤسسات، أي عبر الدولة. ثالثاً: نفي الخصوصية الشيعية في الدائرة العامة، لا بمعنى إنهاء الهوية الشيعية وتبديدها بل بمعنى سحبها من الساحات العامة، ورفع موانع تحول روابطها الاجتماعية إلى روابط مدنية. هذا يستدعي انكفاء الرابط الديني بمنطقة الضمير، وقيام الروابط الاجتماعية على قاعدة مدنية، أي روابط طوعية اختيارية خالية من أي قيد ديني أو شرط عقائدي. رابعاً: إزالة التعارض بين الهوية الدينية والهوية القومية، وهو تعارض سببه الالتباس في حدود مناطق اشتغال كل منهما، وغياب أي فهم للعلاقة التكاملية التي تجمعهما. الهويتان متداخلتان، وفي الوقت نفسه، لا يُغيِّب أحدهما الآخر. فالهوية القومية تجسيد لسياق تاريخي للجماعات وعصارة تجاربها المادية والثقافية، والهوية الدينية هي دافع باطني ومصدر معنى كلي لمعنى الحياة وحقائق الغيب. بهذا المعنى فإن الهوية القومية ضرورة تاريخية لتطور المجتمعات، وإلا تفقد تمايزها وخصوصيتها، والهوية الدينية قوة دفع باطني ووازع أخلاقي لكل نشاط إنساني. خامساً: فض الاشتباك المزيف بين الإسلام والعلمانية. من منظور أن الدين ليس مشروع سلطة، بل مشروع الإنسان في معنى وجوده وقيمه وبواعثه الباطنية. ومن منظور أن العلمانية هي الضامن الوحيد للتعددية الثقافية والدينية داخل المجتمع الواحد. هو فصل أو تمايز، يمثل إطاراً صحياً ليمارس الدين وظيفته، بعيداً عن إملاءات السلطة ووصايتها، وتمارس السياسة نشاطها كفعل بشري، قابل للنقد والمراجعة، بعيدا عن مساعي القداسة وتأييدات الغيب التي تدعيها لنفسها. بالتالي تكون العلمانية تعرية للسياسة من ادعاءاتها، وتصويباً وترشيداً لنشاط الدين في الحياة العامة.سادساً: إدراج الديمقراطية ضمن مقاصد الإسلام العميقة للوجود الإنساني. لا بوصف الديمقراطية نموذج حكم مستورد، بل بوصفها، وفق أصولها الفلسفية العميقة، الشروط الضرورية للحرية والمساواة الإنسانيين من جهة، ولأنها تردم الهوة بين الدولة والمجتمع من جهة أخرى، بأن يكون المجتمع مصدر كل شرعية سياسية، وتكون السلطة محل تداول مستمر، لتأكيد المرجعية الدائمة للمجتمع في كل فعل سياسي”.
وختم :”بالجملة، نحن أمام رصيد تراكمي من العمل المؤسساتي والنتاج الفكري التأسيسي لتشيع لبناني معاصر، منغرس بتربة لبنانية خالصة. هو تأسيس اتسم بفطنة الخروج من القوالب الأيديولوجية الحالمة التي كانت تملأ أجواء الفكر الديني المعاصر، وبشجاعة تجاوز البنى الدينية التقليدية السابقة، من دون أن يبطل مفعولها الروحي ووظيفتها التقوائية، لكن عمد إلى إدخالها من جديد في التاريخ، واستنباتها داخل خصوصية ثقافية ومجال مجتمعي أوسع وكيان سياسي نهائي هو لبنان، تعي نفسها وحقيقتها فيه، وتطل من خلاله على العالم. هو تشكل لم يعد بالإمكان اعتباره عرضياً أو آنياً، بل هو صميمي وكينوني، وفي ذلك قيمته المضافة، وعينته الفريدة بفرادة لبنان نفسه”.

الأمين: مرجعيات ثلاث نهجت نهج الوحدة في نتاجها الفكري وسلوكها الاجتماعي والسياسي

اختار رئيس تحرير الموقع علي الأمين أن يتم توقيع «قصاصات العلامة السيد» حول العلمنة والدين والدولة خلال المهرجان في جناح مؤسسة “الف ياء للنشر” بالتعاون مع مؤسسة “جنوبية”، ليكون بمتناول الراغبين في الاطلاع على مباحثه التي يختصرها العنوان.

الأمين: المسألة الشيعية في لبنان هي مسألة لبنانية تعني كل لبناني، انطلاقا من ان اللبنانيين معنيون في انجاز اتحادهم الوطني


قدم الأمين شكره ” للحركة الثقافية – انطلياس على الكدح المعرفي والثقافي والوطني، وهو كدح نابع من ايمان عميق بدور الثقافة والمعرفة في الاعلاء من شأن الانسان، وادراك عميق لأهمية ذلك في رفد القضية الوطنية بنبض الحياة والارتقاء”.
وقال:”لا بد في هذه الايام القاسية والدموية على فلسطين ولبنان، ان نؤكد انحيازنا للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لابادة جماعية من قبل الاحتلال الاسرائيلي، ورفضنا لكل هذه الاستهانة بحق الانسان في الحياة والحرية وفي حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، كما ان لبنان الذي يتعرض لعدوان اسرائيلي متماد يفترض منا كلبنانيين ان نقف في وجه العدوان ليس برده عسكريا وحسب، بل بتحمل مسؤوليتنا في الدفع نحو اعادة الاعتبار للدستور والقانون، من مدخل انتخاب رئيس الجمهورية، الذي يعبر الفراغ الرئاسي وما يمثله من انتكاسة وطنية، عن سعي دؤوب من قبل المعطلين للانتخاب الى دفع لبنان نحو مزيد من التدهور والانهيار، وبادراك عميق لضرب هذا الكيان الذي مثل منذ تأسيسه عنوان الحرية والتعليم والمعرفة ومختبر الحوار في ابعاده الحضارية والانسانية، على رغم كل الجراح التي اثخنته ولم تستطع ان تنل من جوهر وجوده”.
أضاف:” تناول الحركة الثقافية لموضوعة “مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة” ليس تعديا ولا تجاوزا، بل هو فعل مسؤولية وطنية وشعور عميق بأن المسألة الشيعية في لبنان هي مسألة لبنانية تعني كل لبناني، انطلاقا من ان اللبنانيين معنيون في انجاز اتحادهم الوطني، من موقع الشراكة التي لا تعفي اي مواطن من الالتزام بشروطها، كذا هي القضايا التي تمس الوحدة الوطنية، لا يمكن ان تتحول الى شأن انفصالي، بذريعة الخصوصية التي لها مجالها وحدودها”.
وتابع:” ان مقاربة موضوعة “مراجع الشيعة وقضايا الوطن الجامعة” تبقى مسألة شائكة تتداخل فيها عناوين منها ما هو فقهي ديني، واجتماعي سياسي، ومنها ماهو وطني يرتبط بالكيان الذي انخرط الشيعة فيه عند تأسيس دولة لبنان الكبير، اسوة ببقية الطوائف، على رغم بروز اعتراضات لم تخل باجماع الطوائف المؤسسة للبنان الدولة على الانضواء فيه والتسليم لشروطه السياسية والوطنية”.


ورأى الأمين أنه “لا ريب في ان الاجماع كان مشروطا بالضرورة، على البناء والانجاز، وتحدي التطور والنمو، وعلى مزيد من تبلور الهوية الوطنية، كل ذلك في سياق دستوري وقانوني، ومسار اقتصادي، يجعل من الدولة اللبنانية ذات وجود فاعل ومؤثر، في السياستين الداخلية والخارجية، بما يخدم العلاقة بين التنوع الداخلي انضباطه في اطار الدولة، وتثمير التنوع العلاقة مع الخارج بما يوفر المصلحة العامة، والوحدة الداخلية”.

الأمين: المسألة الشيعية في لبنان هي في وجه من وجوهها معضلة مارونية وسنية ودرزية


وقال:”نحن في لبنان اليوم، ازاء الانهيار والتحلل غير المسبوقين على مستوى مؤسسات الدولة، بسبب طغيان واستحكام الميليشيوية والمافيوية بمفاصل السلطة، وتحولهما الى نظام بات استمراره مهددا لوجود لبنان الوطن لا الدولة فحسب، من هنا المسألة الشيعية في لبنان هي في وجه من وجوهها معضلة مارونية وسنية ودرزية، سواء من جهة كونها حلقة مركزية ترتبط بحلقات اخرى في الطوائف الاخرى، او لجهة كونها نموذجا قابلا للعدوى ولطموح التمثل من قبل آخرين على ضفاف الطوائف او في صلبها.بالتالي لا يمكن مقاربة المسألة الشيعية في لبنان من خارج الاسئلة المتصلة بالهوية الوطنية اللبنانية وتمثلاتها على مستوى الانتماء وبناء السلطة في دولة سويّة ملتزمة بتعريفاتها البديهية في حقها باحتكار العنف المشروع”.
أضاف:”على اننا ونحن نقارب المرجعيات الشيعية ودورها في القضايا الوطنية الجامعة، اجدني مشدودا الى استحضار ثلاثة شخصيات مرجعية على مستوى الفقه والفكر والتجربة السياسية، رحلت عن هذه الدنيا، لكنها لعبت دورا فاعلا ومتفردا في الانهماك ببلورة خطاب لبناني وبحل اشكالية الديني والسياسي على المستوى الاسلامي العام والشيعي بشكل خاص اول هذه المرجعيات هو رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله (توفي عام ٢٠٠١)، الذي يمكن اعتباره من ابرز المشتغلين على المستوى الديني، على صوغ رؤية لبنانية من موقع انتمائه الشيعي، الشيخ شمس الدين الى جانب كونه مفكر هو فقيه عمل على انجاز اطروحة فقهية في الرد على اطروحة ولاية الفقيه العامة، من خلال كتابه الذي صدر بعد وفاته “ولاية الامة على نفسها” وهي اطروحة فرضتها اشكالية المشروع السياسي والديني الايراني خارج ايران، وخلص في مبحثه ان لا احد في هذا العالم له ولاية على احد الا بما يقرره الطرفان او بما يقتضيه العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه النظم السياسية”.
وتابع:”ولعل تجربة شمس الدين التي كانت تنأى به عن الانزلاق نحو العصبية الطائفية او الشعبوية كان بارعا في التقاط عصب وحدة الامة ونبذه النزعة الأقلوية، حين قال “في العالم العربي والاسلامي ليس هناك اقلية واكثرية، هناك اكثريتان، اكثرية عربية فيها مسلمون ومسيحيون، واكثرية مسلمة فيها عرب وغير عرب” وبذلك كان يعتبر الشيعة عموما ينتمون للاكثريتين العربية والاسلامية …وكانت وصايا الامام شمس الدين في نهاية حياته رسالة واضحة لجهة تحذيره من انزلاقهم نحو تبني مشاريع خاصة، بل دعى الى اندماجهم في مجتمعاتهم، وهي رسالة في عمقها تطال كل مكونات لبنان وكل محاولة لخلق شروخ بين اقلية واكثرية في المجتمعات العربية”.
وأردف:”يبقى ان نقول ان شمس الدين بقي على طول الخط صاحب اطروحات رسخت في التجربة اللبنانية تراثا لبنانيا غنيا في محاولات ترسيخ الانتماء اللبناني للشيعة وفي بلورة طروحات وطنية كانت القمم الروحية خلال مرحلة التسعينات احد ساحاتها التي ترك في بياناتها بصمات لبنانية لا تمحى”.
وأشار الأمين الى أن “السيد محمد حسن الأمين القاضي المفكر والشاعر، (توفي عام ٢٠٢١) كان السيد الامين منشغلا الى جانب انشغاله بالقضاء الشرعي في قضايا وطنية وقومية مثلت المقاومة الفلسطينية وتفاعله معها عنوانا بارزا منذ بداية حياته اتاحت له فرص غنية للتفاعل مع تيارات قومية ويسارية ووطنية فرصة الاطلالة على منجزات فكرية وثقافية ساهمت في بلورة شخصيته الدينية بابعاد جديدة لم تكن مألوفة لدى الغالب الاعم من علماء الدين الشيعة، وهو الى ذلك كان نسيج ذاته في تأكيد استقلاليته كمفكر وشاعر وعالم دين، مهجوسا بالحرية التي ساهمت شاعريته في ترسيخ هذا المفهوم الذي عمل على تأصيله دينيا وفكريا وترجمه في مقارباته السياسية وفي مقاربة العلمانية من موقع اسلامي . وهو الى هذا كان بارعا في نقد سلطة الحق الالهي في الاسلام وكتب كثيرا في التمييز بين الدين والمؤسسة الدينية، وبين الدين والفكر الديني “.


وقال:”كانت مساهماته الفكرية والميدانية عميقة في مقاربة المسألة القومية والمسألة الدينية والتمييز بين المجالين اللذين احتل التصادم والصراع فيما بينهما مساحة زمنية طويلة ، ولعل السيد الذي اقام في مدينة صيدا لاكثر من عشرين عاما عنوانا لتجربة لبنانية اغناها التنوع الاجتماعي والديني الذي مثلته خذه المدينة ومحيطها، فكان ان اضاف بحضوره المتعدد بعدا في التجربة اللبنانية الوطنية غنى ترجمه في سياق مواقفه وطروحاته الفكرية والسياسية، الى ذلك كله كان شديد التركيز بالربط بين مشروع المقاومة كمشروع وطني لبناني ونهوض الدولة وترسيخ قيم الحرية والعدالة في المجتمع، وهو كان من اشد المعارضين لمشروع اسلمة المقاومة معتبرا ان المقاومة هي فعل نهضة وطنية وهذا دورها الجوهري في مواجهة اي احتلال. وكان من ابرز رموزها في الجنوب اللبنانب في مرحلة الثمانينات الى حد انه اعتقل من قبل قوات الاحتلال وابعد خارج الجنوب في صيف العام ١٩٨٤”.
أضاف:”كانت علاقة الامين بالتنوع اللبناني علاقة عميقة في الفكر والرؤية وفي المجتمع وفي الحضور المباشر بعيدا عن المجاملات. المساهمات التي قدمها في حل اشكالية العلاقة بين العلمنة والدين وفي المواطنة وفي الفصل بين الانتماء الديني العقيدي وبين المجال السياسي العام كمجال اختلاف وتنوع وخيار فردي.لذا كان معارضا لولاية الفقيه العامة وعلى رغم دوره في مناصرة الثورة الاسلامية في ايران منذ ما قبل انتصارها، ودوره المعروف على هذا الصعيد، الا انه لاحقا عاد وترك مسافة معها بعد انتصارها بسبب نزعة التبعية التي حكمت علاقة النظام في ايران، واقامت مشروعها على الغاء الخصوصية الوطنية والقومية”.
ولفت الى أن “السيد هاني فحص (توفي سنة ٢٠١٤) كان السيد هاني المعلم التلميذ ، دائم التعلم يروي تجاربه ويرتقي بها في سلم الحياة، فالسيد هاني يعرف عن كثب فلسطين والعراق وسوريا وايران وافغانستان والفاتيكان ومصر ..زار هذه الدول وغيرها وقبل ذلك وبعده صار وكان لبنانيا بكل معنى الكلمة، السيد ينطبق عليه بامتياز صفة الباحث عن ذاته وهي ذوات كل من عرفه والتقى به ولو لبرهة”.


وقال:”لبنانية السيد هي نتاج نضال وخبرة عميقة في الاسلام وفي افكار اليسار في التيارات القومية وفي اليمين والتقليد، عرف الجميع وعرفوه وكان لبنانيا الى الحد الذي زار كل قرية لبنانية على امتداد الوطن يعرف اللبنانيين جميعا وباختبار مباشر بكل امزجتهم وتقاليدهم يعرف عن المسيحية اكثر من كثير منهم وكذا عن الدروز، ولعله من اكثر رجال الدين الذين يعرفهم اللبنانيون وتعرفوا عليه”.
وختم:”المرجعيات الثلاث الآنفة رغم اختلافها تميزت بلبنانية عبر عنها انهماكهم ببلورة افكار وطروحات فرضها وجودهم فيه وانتمائهم الديني العميق للاسلام والتشيع، هي مرجعيات بعيدة جدا عن الشعبوية والعصبية الدينية والمذهبية بل تجافيها هي مرجعيات نهجت نهج الوحدة في نتاجها الفكري وسلوكها الاجتماعي والسياسي، هي مرجعيات خلصت في نهاية اعمارها الى ايمان عميق بلبنان”.

السابق
اقبال كثيف وتكريم أعلام الثقافة.. مهرجان الكتاب -انطلياس ينطلق في دورته الـ41
التالي
اندلاع حريق في انبوب نفط في المنية.. والنار التهمت مخيّماً للنازحين