أميركا بين «إحتياج» إيران و«إجتياح» نظام الملالي!

اميركا ايران

لم تستطع إيران بتوتيرها للأوضاع العسكرية في المنطقة، من إرغام الولايات المتحدة احتواء الموقف، إلى رفع مستوى حوافزها والوصول الى شروطها، التي تخدم أجندتها التفاوضية حول نفوذها ودورها في المنطقة.
فمنذ اندلاع عملية “طوفان الأقصى”، حاولت الولايات المتحدة إبعاد إيران عن مسرح التصعيد، وعدم تحريك اذرعها وتعرضها لمصالح الولايات المتحدة، لأن واشنطن أرسلت من اللحظة الأولى رسائل للعالم كله، بان حاملات طائراتها ونشرها في المتوسط والبحر الأحمر، هو دفاع عن مصالحها ونفوذها، التي لا تسمح لاحد مهما كانت الظروف، العبث بمصالحها ونفوذها.

حاملة طائرات اميركية

حاولت الولايات المتحدة إبعاد إيران عن مسرح التصعيد وعدم تحريك اذرعها وتعرضها لمصالح الولايات المتحدة


لكن بعد عملية ضرب البرج 22 المميتة للجنود الأميركيين، كانت صفعة قوية للدولة الأميركية العميقة، حيث تشبه أحداث 11ايلول2001 ، وخرق لقواعد الاشتباك الأميركي الإيراني المعمول به، مع اذرع الحرس الثوري الإيراني، والتي تعتبر تحريم الدم الأميركي.
وربما كان اطلاق الصواريخ خطأ، لكن أميركا كانت ترى بأن عملية الانتقام الإيرانية، لا تزال تواكب الجنود الأميركيين منذ مقتل قاسم سليماني. وتأتي هذه الضربة بظل دافع عراقي، لإخراج الولايات المتحدة من العراق، بدوافع إيرانية وروسية.

صواريخ الحوثيين
صواريخ الحوثيين


ومن هنا كانت ايران تحاول استخدام الحوثي، لضرب طرق الممرات المائية، واجبار الولايات المتحدة للرضوخ للشروط الإيرانية، وفرضها كعنصر أساسي في التسوية المقبلة للشرق الاوسط. لكن الولايات المتحدة لم ترضخ لهذه الشروط، بل كانت ترى بأن حرب غزة حرب متفق عليها، بتغيير قواعد الاشتباك مع الاذرع وليس منعها، بل منع آلياتها المستخدمة من قبل الجيش الإسرائيلي.

أميركا كانت ترى بأن عملية الانتقام الإيرانية لا تزال تواكب الجنود الأميركيين منذ مقتل قاسم سليماني


بالاضافة الى ان الولايات المتحدة، وضعت نظام الاسد في اطار نظام المخدارت، وكانت تنوي قبل عملية غزة توحيد المنطقة الشرقية الجنوبية، في عزلها عن النظام، مما يعني بان تغيير النظام السوري بات يهدد المصالح الايرانية مباشرة.
المصالح الايرانية باتت بخطر، وخاصة بعد التهديد الأميركي من خلال رسائله مع دول(سويسرا وقطر وعمان) بضرب ايران، وان حمالات الطائرات والبوارج، باتت في باب المندب والخليج العربي والبحر الأحمر وعلى مسافة قريبة جدًا من إيران. فالضربات الأميركية ستكون ضد إيران. فهذه المعادلة كيف يمكن فهمها، بان بايدن سوف يوجه ضربة لإيران وهي رسالة جدية.
لابد من القول من الدولة العميقة بعد ضربة البرج 22، احست بان هيبتها انهارت، وأصبح المطلوب توجيه ضربة قاسية للفاعلين. ومن هنا كانت تحذيرات اميركا بأنها سترد، بغض النظر عن استفادة الجمهوريين او الديمقراطيين، في توظيف الحملة العسكرية ضد الأذرع.
لكن لا يسعنا إلا القول، بان ترجمة مواقف بايدن بالضرب المستمر، والذي طال قادة أذرع إيران في العراق وسوريا واليمن، كانت رسالة واضحة من الولايات المتحدة، بان الدم الأميركي خط أحمر. لكن السؤال المطروح هل باتت الولايات المتحدة على قوب قوسين من توجيه ضربة لإيران؟ فان الجواب يكمن، من خلال تجاوب إيران مع التحذيرات الأميركية الجدية من خلال الرسائل المرسلة، والتي أخافت نظام الملالي، وباتت تتراجع في المواقف. وبالأساس إيران حاجة أميركية في المنطقة، ولكن ضمن شروط واشنطن.

كانت رسالة واضحة من الولايات المتحدة بان الدم الأميركي خط أحمر


اذا حاولنا تتبع خطابات الادارات الاميركية السابقة في التعامل مع إيران منذ 45 سنة، فإنهم يجمعون على تهذيب سلوك ايران وليس اقتلاع النظام الإيراني. وهذا يعني بان إبعاد ايران عن المواجهة، يؤكد بان أميركا لا تريد اقتلاع النظام، بل بات تأديب السلوك من خلال تقليم أظافر الأذرع اليوم، وإنهاء وجودها من خلال صفقة تتم بين طهران وواشنطن. وذلك من خلال تعويم نفوذ إيران المقبل في المنطقة، وربما يأتي تصريح وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، اثناء زيارته الى بيروت في هذا الإطار هو تراجعي، وبأن الصفقة لا تزال معقدة، ولكن هناك خطوط عريضة بدأت تكتب، ولكن بانتظار العروض الأميركية، لان فشل التوافق هو ضرب النظام الإيراني، وايران دولة براغماتية تعرف متى ترفع الصوت ومتى تخفضه، لذا نحن نعيش خلال هذه الفترة الصعبة من خلال التصعيد والمواجهة، من اجل اقرار الصفقة نهائيا، وتحديد معالمها التي ستبدأ بالانكشاف بعد حرب غزة.

السابق
نصرالله يلوح بمعادلات جديدة لردع إسرائيل.. وهوكشتاين يؤكد استمرار الجهود الاميركية للتهدئة!
التالي
التصعيد مستمر جنوب لبنان: إسرائيل تهاجم بنى تحتية للحزب واطلاق قنابل مضيئة!