إيران لا تريد الحرب.. التسوية انتصار لـ«الحزب».. ونتنياهو يهدد بحرب تدميرية!

حزب الله

مع اتساع رقعة الإشتباك جنوباً ووصولها الى مدينة النبطية قفزاً فوق قواعد الإشتباك التي ارساها حزب الله منذ 8 اكتوبر الماضي، معها ارتفع منسوب احتمالات لٱن تجر اسرائيل رجل لبنان الى حرب شاملة وتدميرية وفق ما يصرح به قادة الحرب الاسرائيليين في كل مرة لإبعاد “خطر حزب الله على اسرائيل الى شمال الليطاني”، لاعادة النازحين المستوطنين شمال فلسطين المحتلة الى المستوطنات، وانهم سيجعلون من لبنان كما في غزة، الا ان تصرف الحزب ورده على القصف الاسرائيلي لازال يعتمد العسكري مقابل العسكري، رغم سقوط العشرات من الشهداء المدنيين في الجانب اللبناني، وتتقاطع تصرفات حزب الله وتماهيه مع الواقع على الحدود بما قاله وزير خارجية ايران عبد اللهيان خلال زيارته الاخيرة الى بيروت لـ”تطمين” اللبنانيين ان التسوية مستمرة، وليقول لحزب الله ومن يدور في فلكه، “ان ايران معكم وما يصيبكم يصيبنا”، باعتبار ان حزب الله قادر على توظيف التسوية وتحويلها الى انتصار جديد يضاف الى لائحة انتصارات الحزب في حروبه.
وما ان قال الايراني كلمته ومشى حتى ارتكبت اسرائيل مجزرة بحق مدنيين في النبطية التي تبعد عن خطوط التماس 21 كلم، شمال الليطاني. فكانت بمثابة الرسالة للايراني لنسف كل تطميناته للبنانيين، ولفصل الجبهة اللبنانية عن الحرب الدائرة في غزة.
فمن تابع كلام اللهيان وحركته في المنطقة يدرك ان ايران وحزب الله لا يريدان الحرب، خاصة أن ايران لا تريد الوصول الى حرب مفتوحة بما يفقدها انجازاتها في المنطقة ويقطع لها اذرعتها.
فثمة اسئلة تدور حول ماذا تريد ايران من اميركا، وماذا تريد اميركا من طهران، وبينهما ماذا تريد اسرائيل، وماذا بإمكان لبنان ان يدفع للكل وما المقابل الذي سيدفعه لبنان؟
ففي قراءة سريعة لأهداف زيارة وزير خارجية ايران الاخيرة، والتي اتت في عناوينها تضامنية مع لبنان بعدما وسعت اسرائيل دائرة نيرانها وكسرت معادلة قواعد الاشتباك التي وضعها حزب الله.
فيما حملت بالكواليس ان عبد اللهيان وضع المسؤولين اللبنانيين في صورة ما يجري من اتصالات على مستوى المنطقة ومنها الاتصالات الإيرانية السعودية في موضوع سلة التسوية، وقالت مصادر مطلعة ان عبد اللهيان ابلغ قيادة الحزب ان ايران لا تريد توسيع الحرب في لبنان، وعليه ممارسة سياسة ضبط النفس وليكن رده ضمن ضوابط معينة، وانها مستمرة بالتنسيق بينها وبين الدول العربية في مواجهة العدوان الإسرائيلي وفي دراسة اتجاهات الأمور في المرحلة المقبلة بعد حرب غزة، اضافة الى كيفية التضامن المشترك في دعم الشعب الفلسطيني ضد الاجرام الاسرائيلي.
اما اوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري تقول ان زيارة اللهيان جاءت ليطمئن لبنان ان ايران لا تريد توسيع الجبهات، وانها تمنت على الحزب ان يحاول قدر الامكان ضبط النفس لالا تنزلق الامور الى شن حرب واسعة، خاصة بعدما قامت الطائرات الاسرائيلية بقصف احدى الشخصيات الحزبية في منطقة النبطية شمال الليطاني.
وقالت مصادر ان اللهيان حضر لتبريد الاجواء تحت مسمى “التضامن” مع لبنان، واعطاء رسالة تطمين من عدم توسع الحرب، من اجل الدفع باتجاه انجاز تسوية مع الامريكي، لتترك للايراني نفوذ وتٱثير في لبنان وسوريا واليمن والعراق، بعدما ثبت ان الايراني عاجز على الرد، وقال المصدر ان وزير الخارجية الايرانية ابلغ الرئيس نبيه بري ان هناك تسوية حاصلة وكل الاجواء الدولية لا تريد توسيع رقعة الحرب الاسرائيلية على لبنان، وان هناك عروض اسرائيلية مقابل انسحاب حزب الله الى ما بعد شمال الليطاني.

العزي
وفي هذا السياق يقول خبير العلاقات الدولية الباحث خالد العزي في حديث لـ”مناشير”، ان
زيارة عبد اللهيان إلى بيروت في الوقت الذي تحصل فيه المباحثات نحو تسوية معينة وشاملة في المنطقة لها بعدان، بعد للقول ان لبنان جزء من إيران، والمقاومة في قلب إيران، وبالتالي هي ستدافع عن لبنان بحال قامت إسرائيل بشن هجوم، كما تتوعد، لأن عبد اللهيان يريد أن يكون هو موجود وله تحركات وجولات دبلوماسية وهو على متابعة يومية للأحداث الكبرى في غزة والمرتبطة بالمحيط، وهذا تعبئة شعبوية سياسية دبلوماسية إعلامية يهدف من خلالها إلى القول بأن إيران هي معنية بأذرعتها ومعنية بمناطق نفوذها وتحافظ عليها، وبالمقابل كان يقول بأن هناك رسائل ما بين السعودية وما بين ايران للتباحث بالشأن العام وهذا الحديث هو حديث تطميني عالي النبرة يحمل في طياته التهديد الدبلوماسي ذاته الذي شاهدناه وسمعناه من ايران حين هددت إسرائيل منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى، بأنها إذا دخلت إلى غزة في عملية برية ستقوم إيران بالرد ولن تبقى مكتوفة الأيدي، وبعد ذلك بدأت النبرة الايرانية تتدنى حدتها تدريجياً حتى اصبح هناك من يقول بأن إيران ليس بإستطاعتها لجم الأذرع لان لها قياداتها وقراراتها المستقلة.

ورداً على سؤال قال العزي “يمارس عبداللهيان دور الناطق الرسمي باسم الاذرع والمحرك الفعلي لها، فبدى من تصريحاته عن لبنان وكأن إيران تحتوي لبنان، وهذا ما تقصد اظهاره في الخطاب الدبلوماسي، فطهران هي من ترفع منسوب العداء للكيان الصهيوني، وهي من تخفض هذا المنسوب وفقاً لمصالحها، فمضمون الزيارة دار في الغرف المقفلة والكلام صراحة عن ضرورة الإلتزام بالتهدئة وعدم الإنجرار إلى التصعيد، لأن التصعيد تريده إسرائيل وهي تهدد جدياً أنها ستواجه لبنان، وبالتالي تريد تطبيق شروطها فور الإنتهاء من غزة أو دوزنة الأوضاع في غزة على أساس اتفاق الأطر لتنفيذ الصفقة، وهذا ما تحاول اسرائيل أن تقوله بأنها غير معنية بجبهة لبنان، ومن هنا إيران في عقليتها البرغماتيكية التقطت هذه الإشارات لتقول أنها لن تدفع بحزب الله إلى المواجهة وهذه المواجهة ستكون خاسرة جداً، لأن الإسرائيلي بطبيعته وآلية عمله عملية وحشية إجرامية لم تهتم لأي روادع أخلاقية أو إنسانية، فلذلك هنا الحفاظ على جسم حزب الله هو ضروري بالنسبة لإيران، لأن حزب الله هو رأس حربة في عملية المواجهة وهو الذراع الموجود على الحدود الإسرائيلية التي يمكن أن تشكل في كل الأوقات نقطة ضغط إيرانية على الكيان الإسرائيلي، من أجل التحدث ورفع الشروط مع المفاوض الأمريكي، وقال، “إذاً المضمون هو تهدئة مع عدم الإنجرار، وبالتالي احتواء الضربات و الصدمات التي قد تدفع بحزب الله للدخول في حرب ومواجهة تكون من خلالها، هذه العملية صعبة والحرب ثمنها غالي والجميع يعرف ذلك”.

وتابع العزي، إسرائيل تضغط حالياً لإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني فهذا يعني عسكرياً إخراج قوته ستكون هي الأساس، واضاف “هنا حزب الله يحاول التلاعب بأنه يستطيع إخراج قواته وإخراج أسلحته ولكن لا يستطيع إخراج جنوده أو عناصره لانهم من أبناء هذه المنطقة التي تشكل رافد من الروافد العسكرية للحزب، هنا بات الحديث عن المبادرة الفرنسية التي طرحت إلى لبنان وهي تجهيز أربع إلى خمس ألوية عسكرية من الجيش تنتشر في الجنوب بمساعدة القوات الدولية التي ستزيد من عديدها، وبالتالي هنا ايران تحاول أن تلتقط هذه النقطة من خلال طرح فكرة تسليم وتسلم ما بين الحزب والجيش والظهور في عملية استعراضية، وهذا سيعتبر للحزب انتصار وليس هزيمة وسيبنى على قاعدة أن صواريخ حزب الله او شهداء حزب الله هي التي حققت انجازات هذه التسوية التي تقوم على نقاط أساسية هي نشر الجيش، وذلك مقابل تأمين حوافز لحزب الله اقتصادية، لذا نرى ان الولايات المتحدة تتعامل مع حزب الله عكس كل الأذرعة الإيرانية المنتشرة في الدول العربية، لأن هناك سابقات كان لحزب الله نوع من الثقة في التعامل خلال تبادل الأسرى وفق الإتفاقات التي حددت قواعد الإشتباك، يعني اتفاق 2006 إضافةً إلى النقطة المهمة وهو ترسيم الحدود البحرية مع حزب الله وبالتالي هذه نقطة يمكن الإرتكاز عليها في عملية ترسيم جدي للحدود، ونزع فتيل الأزمة التي يُبنى عليها حزب الله، اذاً ترسيم الحدود وفق النقاط 13من a/1 إلى الغجر وهذه المناطق اللبنانية ويمكن أن ترسم وأصبح هذا العمل مطلوب جدي من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية سيتم البحث بها ويمكن أن يلاقى لها مخرجاً.

وتابع ان هذا السيناريو يتوافق كما ادعت الحكومة الألمانية، بأن يكون مقابل انسحاب الحزب الى شمال الليطاني، انسحاب القوات الاسرائيلية من مزارع شبعا، ونشر قوات طوارئ بقيادة ألمانيا وهذه القوات ستكون هي مسؤولة عن هذه المنطقة ريثما تحل مشكلتها بين الثلاثي اللبناني السوري الإسرائيلي، أما عن الحوافز طبعاً هذه الورقة هي ورقة فرنسية كانت مرسلة وربما وزير خارجية فرنسا هو الذي أتى إلى إسرائيل وأتى إلى بيروت, وكانت هذه الورقة التي سيبنى عليها, لكن تبقى العملية الأساسية أن حزب الله ربط نفسه بعملية الصراع في غزة ولا يمكن التكلم عن لبنان طالما أن غزة لا تزال في حالة حربق لأنه هو قوة مساندة، إذاً فور الإنتهاء من غزة سيبدأ التتحضير الفعلي للملف اللبناني.
وأعرب ان حراك عبد اللهيان جاء ليقول للولايات المتحدة الامريكية بأنه يستطيع ضبط الميليشيات ويستطيع أن يفرض توجهات معينة عليها، لكن يبقى على الولايات المتحدة أن ترفع من دور إيران الذي يعتبر حالياً خارج أي عملية تسوية، لذا تبحث ايران عن مكان توجد فيه نفسها في هذه التسوية التي يتم رسمها في المنطقة، منها متطلبات الولايات المتحدة في لبنان سحب حزب الله وتنفيذ القرار 1701، وفي العراق لجم دور الميليشيات وإعادة تحريك القسم من الميليشيات المنضوي في إطار البرلمان والحكومة، والقسم الثالث هو ردع عملية البحر الأحمر والضغط على الحوثي بعدم ممارسة أي نشاط، إذاً الولايات المتحدة تطلب ولكن ماذا يمكن أن تقدم لإيران، أما بمشكلة الحوافز التي يراد من خلالها تقديمها وإقناع حزب الله بأنه يستطيع أن يكون جزءً منها طبعاً الإنسحاب من جنوب الليطاني يصبح انجازاً حصل بفعل صواريخه وقواعده وقواته وشهدائه، بل انه استطاع أن يحقق الشروط المهمة للبنان وأن يفرض على إسرائيل قراراته، إذاً يجب أن تكون التسوية خاضعة من هذا الباب لدور قادم يراد من خلاله حزب الله أن يلعب دور في الدولة اللبنانية لناحية السياسية، هذا الكلام ربما حالياً لن يكون بسبب توازنات جديدة قد تفرض في المنطقة وفي إطار عملية حل الدولة الفلسطينية المستقبلية، أما للحوافز السريعة الذي يراد أن يقدم سريعاً لحزب الله وأن يستفيد منها هو هذه الألوية التي ستشكلها فرنسا وتعمل على دعمها وتأمين أموال لها ستؤدي لإشراك عدد كبير من مناصري ومقاتلي حزب الله كما حصل في العام 92 في خرط الميليشيات في إطار الدولة، وهذا سيفك عبئ كبير عن حزب الله لجهة مساعدة الأنصار والمقاتلين، اما النقطة الثانية وهذه سيستفيد منها حزب الله منها المطلب الأساسي أن يكون حزب الله شريك بمنصة بيع وتوزيع الغاز وأن يكون له حصة خاصة تساعد حزب الله تثبيت دوره في الداخل ومساعدة مقاتليه ومساعدة عناصره والبيئة التي تسنده.
اما النقطة الثالثة هي محاولة الضغط الأمريكية الأوروبية على دول الخليج بوضع هبات دون فوائد في لبنان كودائع مالية كبيرة تساعد على الخروج من الأزمة الإقتصادية الإجتماعية للبنان وهنا حزب الله سيستفيد من هذه الودائع في العديد من النقاط التي سيؤكد من خلالها أن الأزمة اللبنانية هي ليست أزمة فساد ولا أزمة مرتبطة بشخصيات، وإنما هي حصار كان مفروضاً على لبنان وهذا الحصار من قبل الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيين هذا مايريد أن يقنع به أنصاره.

السابق
أزمة تتفاقَم في الظِّلال: كيف انعكس التصعيد في البحر الأحمر على اليمن، اقتصادياً وإنسانياً؟
التالي
مجزرة النبطية تستقر على 11 شهيدا .. و3 جدد ل«أمل» في القنطرة