«حزب الله» في ميزان إيران.. «الأول بين متساويَيْن»!

في زمن التسويات والصفقات، التي تسعى إليها إيران "تحت الطاولة وفوقها"، وخصوصاً بعد حرب غزة وتداعياتها الثقيلة على لبنان، تبرز "المفاضلة" بين ذراعيها في "الولائي" في العراق و"حزب الله" في لبنان، كونهما يتأثران حكماً، بالإتفاقات والتفاهمات قيد الإنجاز، لتنتهي الى ان رغم أهمية العراق الذي يؤمن له مصالحه الحيوية في المنطقة، يظل "حزب الله" متقدماً، على قاعدة "الأول بين متساويين"!

اي الأذرع اهم لايران، الفصائل الولائية في العراق وسوريا ام “حزب الله”؟ سؤال يطرحه عدد من الدبلوماسيين والباحثين، في سياق المقارنة بين العراق ولبنان، ومدى اهميتهما في الاستراتيجية الايرانية، على مستوى السياسة الخارجية، ومشفوعاً أيضاً بتساؤل، اذا خيّرت ايران بين احدى الدولتين فمن تختار؟ علما ان ايران تحكم السيطرة الى حدّ كبير على مفاصل القرار، سواء في لبنان او العراق، لذا هي في الوقت الحاضر ليست امام “حشرة” مثل هذا الاختيار.

على ان بعض المتابعين، يصر على ان التسويات التي قد تنطلق في مرحلة مقبلة على مستوى المنطقة، قد تفرض مثل هذا الخيار بمعنى: ايران تقدم على التنازل في العراق او اليمن، لصالح حماية نفوذها في لبنان ام العكس؟

العراق أهم من لبنان بالنسبة لإيران؟

القوات الأميركية في العراق 2003

قد يكون العراق المقيم على حدود ايران، اهم من لبنان بالنسبة للقيادة الايرانية، خصوصا ان هذا البلد شنّ حربا على ايران (١٩٨٠_١٩٨٨) حصدت خسائر هائلة في ارواح البشر الى خسائر مادية استنزفت قدرات البلدين، وانتهت بتجرع السم لايران، كما وصف الامام الخميني حين وافق على قرار مجلس الامن رقم ٥٩٨.

لذا عمدت ايران الى تشجيع المعارضة العراقية المقيمة على ارضها، الى التعاون مع الادارة الاميركية عشية التحضير لغزو العراق عام ٢٠٠٣، واستثمرت هذا التعاون في سبيل الدخول الناعم الى العراق، وسعت بعد الغزو الى التسلل الى مفاصل القرار الامني والسياسي والعسكري والديني، من خلال “دبلوماسية المزارات والزيارات”، التي ساهمت بتمويل بناء العديد منها، وادارت عملية تنظيم الزيارات الى المراقد المقدسة وتعزيز موقعها، الى حدّ بدا فيه، انها تعمل على اظهار موقعية منافسة، لرمزية مكة والمدينة.

لبنان منطقة استثمار جزئي لايران يتركز في “حزب الله”، فيما العراق منطقة استثمار ايراني شامل

هذا التقديم المختصر، غايته اظهار ان النفوذ الايراني في العراق، يتجاوز موقع ودور الفصائل الولائية في العراق، بحيث يبدو وجود هذه الفصائل المرتبطة بقيادة “الحرس الثوري”، لا يضيف كثيرا الى النفوذ الايراني، الذي يتسم بكونه شبكة من المؤسسات المتعددة الاهتمامات، بحيث تطال الديني والاقتصادي والسياسي والامني، والممتدة في البيئة السنية والكردية، وبالطبع الشيعية كمركزية لهذا النفوذ.

العراق هو اهم من لبنان بالنسبة لايران، لا جدال في ذلك، فلبنان منطقة استثمار جزئي لايران يتركز في “حزب الله”، فيما العراق منطقة استثمار ايراني شامل.

قوات الإحتلال الإسرائيلي في جزين 1984

تعلم ايران التي اسست “حزب الله” عبر “الحرس الثوري” في العام ١٩٨٢، كما اسست ونظمت الفصائل الولائية في العراق، ان “حزب الله” صار بالنسبة اليها درة التاج الايراني في المنطقة، ويمكن وصفه بانه العمود الفقري لفيلق القدس في المنطقة العربية، وهو بالنسبة اليها النموذج الذي تباهي به، وتراهن على دوره مستقبلا، كما كان الحال في الماضي والحاضر ايضا.

لن يكون “حزب الله” في صلب معركة الرد الايراني، ولا يمكن توقيع اي اتفاق بين لبنان واسرائيل مهما صغر

“حزب الله” هنا، يتقدم في اهميته على بقية الاذرع، ويتفوق بانه القوة الايرانية التي تطل على البحر المتوسط، والضمانة للامن الايراني على حدود اسرائيل، فلا يمكن توقع عدوانا اسرائيليا نوعيا على ايران، لن يكون “حزب الله” في صلب معركة الرد الايراني، ولا يمكن توقيع اي اتفاق بين لبنان واسرائيل مهما صغر، ليست ايران من يقرره او يمنعه. فضلا عن ادوار قام “حزب الله” بها، ولا يزال في سوريا والعراق واليمن وفلسطين، هذا ناهيك عن العمليات الخارجية وخطف الرهائن، التي جرت تلبية لمطلب ايراني.

في الخلاصة، ايران تولي اهمية في نفوذها للعراق اكثر من لبنان، وهي تحمي “حزب الله” وتحتضنه، بما يفوق اهتمامها بالفصائل الولائية العراقية، وسواها في غير العراق.

اسرائيل لم تبد اهتماما بانجاز اتفاق مع الدولة اللبنانية، وباتت اكثر اطمئنانا لعقد صفقة مع “حزب الله”

“الحرس الثوري” والقيادة الايرانية من خلفه، لن يقدما على تقليص نفوذ “حزب الله” على الدولة اللبنانية، كرمى لمطالب لبنانية او ضغوط دولية واقليمية، الدبلوماسية الايرانية لديها في جعبتها، ما يمكن ان تقدمه في اليمن او العراق وحتى في فلسطين، في سبيل الحفاظ على موقع “حزب الله” ودوره، خصوصا ان اسرائيل لم تبد اهتماما بانجاز اتفاق مع الدولة اللبنانية، وباتت اكثر اطمئنانا لعقد صفقة مع “حزب الله”، وهذا ما يرشح من كل الزيارات الدولية الى لبنان، ولو اعترض وزير الخارجية عبد الله بوحبيب على نسيان نظيره البريطاني، التنسيق مع وزارة الخارجية اللبنانية، في زيارته الاخيرة الى لبنان.

السابق
سابقة في التاريخ.. لبناني يُحاكم اسرائيل رسمياً في محكمة العدل الدولية!
التالي
بالفيديو: «خاص يحيى السنوار».. اسرائيل تكشف كواليس بقائِه «وعائلته تحت الأرض»!