ندوة «جنوبية» حول «طوفان الأقصى».. تحليل «عقلاني» وعرض «تفصيلي» من المرجعية الى الخيارات المحتملة

ندوة جنوبية غزة
تصدّرت عملية "طوفان الأقصى"، منذ قرابة أسبوعين، المشهد على مستوى العالم ، فشغّلت الدول محركاتها السياسية كما العسكرية، واصطفت بكامل قواها في وجه عملية "حركة حماس" المباغتة لإسرائيل التي حشدت بدورها قواها لتدميرها وتوجيه رسائل الى حلفائها، بدءاً من ايران، مروراً بسوريا وصولاً الى "حزب الله" الذي تأهب للمواجهة، من دون الإنغماس فيها بشكل كامل حتى الآن، وهو ما أضاء عليه "منتدى جنوبية" في ندوة نظمها تحت عنوان "ما بعد طوفان الأقصى.. الخيارات المحتملة".

شكل المشهد في غزة، وتطورات الحرب فيها ومسارها كما تداعياتها على الداخل الفلسطيني والجبهة الحدودية محور الندوة التي أقيمت في مقر المنتدى وحضرها حشد من الشخصيات اللبنانية والفلسطينية،وتحدث فيها الكاتب والأكاديمي الباحث الدكتور وجيه قانصو ومدير “مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية” الباحث الفلسطيني هشام دبسي ،واستهلت بكلمة لرئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين لفت فيها الى أن “الندوة تأتي مواكبة للأوضاع التي تعيشها غزة وما تُكبّده من آثار وتداعيات على الصعد كافة، ليس على المستوى الفلسطيني فقط، إنما على المستوى الإقليمي”.

الأمين : قراءة للمشهد بعقلانية وتحليل لما يجري بعيداً عن الغوغائية

وأشار الامين الى أنه “كان لا بد في ظل هذا الضجيج الذي نعيشه اليوم على المستوى السياسي، أو حتى على المستوى الاعلامي أن ندخل ولو بمحاولة جدية لقراءة المشهد بعقلانية، بعيداً عن الغوغائية، في محاولة لقراءة ما يجري متبصرين من خلال مشاركين لهم رؤيتهم ومشهود لهم بعقلانيتهم وكفائتهم الفكرية والعلمية والسياسية”.

علي الامين


وارتكز الكاتب والأكاديمي الباحث الدكتور وجيه قانصو في مداخلته على “تحليل” قائم على علم الرياضيات لعملية طوفان الأقصى من حيث العناصر والمكونات والعوامل التي تحرك الحدث، فلفت الى أن “مسار التفكير في هذا الوقت صعب، فالعقلنة ضرورية لادارة المعركة نفسها”، وقال:”الحدث نوعي لكن اعتقد الطموح من خلال هذا الحدث الذي تبنيه حماس كبير وتعبير الطوفان يعكس هذا الطموح الكبير”.
وأشار الى “أن حماس تراهن على تغيير الواقع بأن تعطي قوة دفع تنقله مما هو عليه عبر حدث جديد يعطي قوة دفع للأمور وانتقالها إلى نقطة استقرار جديدة، يكون لها ارجحية او تعدل في الوضعية التي خلقت هذا الاستقرار عبر معطيات وعناصر جديدة تجعل من الانتقال أسهل”.

قانصو: حماس لن تجعل من إيران المرجعية وصاحبة الكلمة في مسار القضية الفلسطينية

وقال:” بعقلية رياضية، تعمل حماس على تغيير المعطى واحداث اختراق وادخال عناصر جديدة لتنتقل الى نقطة جديدة كي لا تبقى الأرجحية لإسرائيل بل ليكون لديها يد عليا او ارجحية لها”.

وجيه قانصو

وسأل:”هل الانتقال إلى الواقع الجديد الذي تفكر فيه حماس ممكناً، وهل ما فعلته حماس ممكن أن يحدث تحوّل جذري في المنطقة العربية بأن يكون هناك رهان على خيار الانظمة ورهان على الشعوب العربية، اي طوفان شعبي يزلزل الانظمة ويحدث لها مشكلة ويفرض عليها تغيير خياراتها ونعود آلى جبهات المواجهة؟”.

وقال:” في الواقع العربي الفكرة القومية العربية هي في الأساس فكرة هلامية، لكنها لم تستطع أن تتحول إلى فكرة سياسية لذا لا نستطيع أن نقول إنه هناك واقعاً سياسياً عربياً ، ولم تستطع ان تتحول إلى حقيقة تاريخية سياسية بكل تاريخها، ولم يتم تاريخياً العمل على تنمية هذه الفكرة واعطائها بعداً سياسياً، كما فعل الاتحاد الاوروبي، وهي لم تأخذ أية كيانية سياسية وهي فكرة افتراضية خيالية لكن ليس لها أي واقع”.

أضاف:” عندما ظهرت دولة إسرائيل بدأ الاهتمام بالقضية الفلسطينية يتقلص، أوالغطاء العربي يتضاءل تدريجياً بحيث كل دولة تقارب بطريقتها المختلفة، واحياناً بسوء استعمال او استغلال لهذه القضية”.

قانصو: المجال العربي حوّل القضية الفلسطينية إلى إنسانية فأفقدها مكوناتها الأساسية


وأشار الى “أنه أصبحت مسألة العلاقة مع إسرائيل خاضعة للاعتبارات القومية لكل دولة والخصوصيات الثقافية لها وشبكة المصالح لها، فبالتالي القضية الفلسطينية ليست تابعة لخصوصية كل بلد واستنساب كل دولة، بل في الحقيقة كل دولة في المكون العربي بدأت تخرج تدريجياً من فكرة الصراع العربي الاسرائيلي الصلح إلى التطبيع وهذا مسار مستمر”.
وقال قانصو:” ببعض صور التطبيع هناك نوع من المجانية لإسرائيل، وبات في المسألة الفلسطينية وفي الحالات تقديم هدايا مجانية لليمين الاسرائيلي”.
أضاف:” مجرد التعامل مع القضية الفلسطينية على انها قضية انسانية يعني قتلها لأنها بالأساس قضية سياسية، وتحويلها الى انسانية يفقدها مكوناتها الأساسية المتمثلة بأنها أرض وشعب”، لافتاً الى “أن القضية الفلسطينية ليست قضية دينية، ومجرد تديينها يؤدي الى قتلها لأنه يتم نقلها إلى مكان ليس لها”.

وأوضح قانصو “أن حماس في بعض المرات وقعت في الفخ أيضاً، والوطن العربي اخرج القضية الفلسطينية من أن تكون في عمق اهتماماته، واصبحت قضية هامشية، وبالتالي مجرد تحويلها إلى قضية انسانية يفقدها عناصرها الأساسية ومكوناتها الجوهرية”.

ورأى “أن الشعب العربي لم يعش التجارب السياسية بأن يعبر عن رأيه بلغة سياسية، وطريقة تعبيره هي طريقة انفعالية، اذ لا يميز بين الاحتجاج والمطلب، والأداء العربي كمكون مجتمعي لم يتطور ليس فقط في القضية الفلسطينية بل في كل القضايا”.

وقال:” لا احد يتوقع أن يكون هناك طوفاناً شعبياً ، هناك مسار تاريخي للواقع العربي لم يتغير، وهناك شيء من غض النظر عن القضية الفلسطينية كحقيقة سياسية كيانية وليس حقيقة انسانية”.

ورأى قانصو أن “العنصر الغربي حالياً سعى إلى احتواء المشهد الاسرائيلي، عبر منعه من التفجر بحيث يخرج عن الانضباط ، ومنع عناصر خارجية من الدخول، وعمل على عزله وترك تفاعله بين إسرائيل وحماس في غزة، وابعاد العناصر الأخرى الخطرة كالعنصر الإيراني، حتى عنصر حزب الله لا زال ضمن الأداء المقبول دولياً وامنياً واسرائيلياً، فبالتالي الذي يحدث في الجنوب لا يصب مع السياق الذي يحدث في غزة، بل مشهد آخر له سياق آخر وغايات أخرى”.

وقال:” العقل الغربي يحاول ان يستوعب المشهد، وبعث برسائل ليستوعب المشهد في الداخل لكي لا تذهب إسرائيل ابعد مما تذهب اليه”.

أضاف:” حتى المشهد الغزاوي الآن بكوارثه يتم توظيفه سياسيا ًإلى أبعد حد، وهو مادة سياسية قابلة للتوظيف الاعلامي ومن ثم الاستثمار السياسي”.

وتابع:”هناك تجاهلاً أميركياً وكذلك اوروبياً، وحماس لم تدرك أن ردة فعل إسرائيل ستكون هكذا”.

ولفت قانصو الى “أن العنصر الجديد هو العنصر الإيراني، والسؤال: هل حماس أصبحت ضمن جبهة الممانعة وهل اصبحت ايران المرجعية في القضية الفلسطينية؟”.

وقال:” انا اشك في ذلك لسببين، الأول يكمن بأن العلاقة العضوية لإيران بمكوناتها يجمعها جامع عقائدي الامامية وولاية الفقيه، بينما حماس تأتي من خلفية أخرى هي الخلفية السنية ولديها مشكلة الفارق المذهبي ، وهناك عنصر آخر هو ان خروج حماس من المنظومة العربية أوإخراج القضية الفلسطينية لتصبح إيران مظلتها، هو انتحار سياسي، لأن العمق الاجتماعي الإنساني الاقتصادي السياسي في غزة وفلسطين هو المجال العربي، وإخراجه من هذا المجال ومن سياقاته هو انتحار سياسي”.

واعتبر قانصو أن “حماس على الرغم من تحالفها مع إيران التي من المؤكد تدعمها عسكرياً، الا أنها ليست مرتاحة بهذا التحالف بمعنى انها لن تجعل من إيران المرجعية وصاحبة الكلمة الفصل والنهائية في مسار القضية الفلسطينية”.

وقال:” اذا كانت إيران حاضرة امنياً، الا أنها لم ترتق ليصبح حضورها حضوراً سياسياً، ولها دور وكلمة سياسية في المجال الفلسطيني، فهي تّقبل وتدخل لأن إيران تعمل بنفس طويل وتبحث عن الثقوب والفجوات والفراغات لتملأها، والذي يلاحظ دور إيران في لبنان عن طريق حزب الله ، يرى كيف تطور حزب الله في مراحله المتعاقبة ليصبح بهذه الوضعية المتكاملة القوية في الدولة كافة وفي أجهزتها، وهذا مسار ايراني، إيران ليس لديها مانع في هذا النمط تعمل بنفس طويل وبطريقة الوكلاء وهذه عقليتها بالتعاطي”.

أضاف:” مقولة ايران الاستراتيجية محاربة الأعداء في الأراضي الخارجية، تخلق مجالاً للمواجهة خارج أرضها وتحدث تحكمات في مناطق معينة وتستدرج العدو إلى هذا المكان دون أن يحدث الصراع داخل أرضها “.

وشدد قانصو على “أنه بالتأكيد الحدث الذي قامت به حماس نوعي لانه لأول مرة القوة الردعية والأنظمة الأمنية التي تتباهى بها إسرائيل لعقود بأنها تؤمن الأمن لمستوطينيها فقدت الصلاحية، يعني أصبح الامن الآن ليس بقوة البطش، فالتطور التكنولوجي من إحدى محاسنه أنه جعل الفعالية العسكرية والامنية غير مكلفة كثيراً، واستفادت منها حماس على مستوى المعركة”.

وقال:”على مستوى اسرائيل تحتاج لوقت لكي تستفيق من التغيرات لتبدأ البحث بخيارات جديدة، فالعقل اليميني يعمل ويراهن على القوة الردعية، وبالتأكيد في مرحلة لاحقة ستظهر خيارات سياسية تكون إحدى البدائل المهمة لتأمين الامن لمواطنيها، وأصبح واضحاً انه بدون الخيار السياسي الواقعي الحقيقي لن يكون هناك سلام ويبقى المواطن مهدداً، فبالتالي هذه نقطة تسجل لحماس”.

جانب من الحضور في الندوة

أضاف:” ما تفكر به حماس بالمعنى السياسي في أن تنتزع زمام المبادرة من السلطة الفلسطينية، انتزعتها، فهناك ترهل في السلطة الفلسطينية، حتى أن عملها أصبح عملاً إنسانياَ، فحماس تريد اما ان تخلق سياقاً جديداً، وهذا منطق غير سليم، فالسلطة الفلسطينية التي وصلت إلى هذه المرحلة تعبر عن تجربة نضال طويل للشعب الفلسطيني، والكيان السياسي للشعب فلسطيني مهم والخروج من إطار هذه السلطة يكون بإرجاع القضية الفلسطينية إلى المربع الأول”.

وتابع:” لا بد لحماس في حال استثمارها ان تستثمر بأن تكون السلطة الفلسطينية احد مداخل الجبهة الجديدة، وتخلق شروطاً قوية، لكن لا بد للقضية الفلسطينية أن لا تستمر بصفة تنظيمات ومنظمات، إنما ككيان سياسي مركزي يعبر ويمثل الشعب الفلسطيني، وهذه نقطة مهمة، ويمكن لحماس أن توظف كيفية الاستفادة من المكسب، لكن لابد ان يصب في اطار الكيان السياسي الفلسطيني”.

وشدد قانصو على “أن حماس لا تستطيع الخروج من السياق العربي، فالخروج منه هو انتحار، فبالتالي هي وإن كانت الآن في مرحلة رفع السقف خلال النضال العسكري والتعبئة الجماهيرية، لكن في مرحلة التفكير السياسي هناك معطيات موضوعية واقعية تفرض تصرفاً واقعياً” وختم قانصو “هنا العقل السياسي يجب أن ينتصر، وضرورة تعزيز القدرات السياسية للكيان الفلسطيني وأن يكون متناغماً إلى حد ما، ومن الممكن أن يقوم بسياقه الخاص بخصوصيته شرط أن لا يخرج عن السياق والمنظومة والشرعية العربية، هذان ثابتان اساسيان”.

دبسي: إنتاج وحدة وطنية فلسطينية تتطلب وحدة مجتمعية وبدون السعي لذلك ندور في فراغ

وتحدث مدير مركز تطوير الباحث هشام دبسي انطلاقاً من تشابك في 3 مسائل معقدة، وهي المسألة الفلسطينية والمسألة اليهودية وما بينهما مسألة الصراع العربي الإسرائيلي، رأى دبسي أن “أي مقاربات لإنتاج حلول سياسية لا تستند الى معالجة عميقة مرتبطة بهذا السقف، الذي يشكل اشكالية عميقة ليس للفلسطيني لوحده بل لليهودي والعربي، يجعل من الشرق الأوسط مساحة للحروب المستمرة والأزمات المفتوحة”.
ولفت الى “أن المسألة اليهودية تم معالجتها في أوروبا، بين حلين ألماني عبر الابادة وبريطاني عبر التهجير وأنتاج وعد بلفور والعقد وأصبح هذا المثلث أكثر تعقيداً”.

جانب من الحضور في الندوة

وقال دبسي:”العقل الفلسطيني غادر العلاقة مع العرب على قاعدة الدين أو القومية أو التضامن و المشاعر لتصبح العلاقة مع الدول العربية قائمة على تقاطع المصالح وكيف يكمن الاستثمار داخل مفهوم تقاطع المصالح “، لافتاً الى “أن مبادرة السلام الفلسطينية التي قدمها ابو عمار وقدمت حلاً للمسألة اليهودية والقبول بالحق السياسي الشرعي المنصوص عليه في اللأمم المتحدة تلاقت مع مبادرة العرب للسلام لتحتضن هذا الأمر لفك التشابك الذي كان قائماً بين المسألتين الفلسطينية والعربية”.
أضاف:”عندما قدمت أوروبا رؤيتها لحل المسألة اليهودية قدمت رؤيتين واضحتين، اما سحق اليهود او طردهم من أوروبا، بينما الفلسطينيين والعرب قدموا حلاً انسانياً باحتوائهم والتعايش والسلام معهم”.

هشام دبسي

وتابع:” السؤال هنا من قدم حلاً سياسياً حقيقياً للمسألة العربية واليهودية والفلسطينية ومن هو ما زال مستمراً في حله الإلغائي وتهجير الفلسطينيين من أن يكون لهم دولتهم، ومن الذي تفوق بانتاج حل للمسألة اليهودية تحديداً، الغرب أم الفلسطينيين والعرب؟”.

واعتبر دبسي أن “التفوق السياسي والأخلاقي بذلك هو للفلسطينيين والعرب، بغض النظر حول من هو مؤيد لهذا الحل أم يعارضه”، لافتاً “أن الكلام عن حماية دولة اسرائيل وحقها بالوجود والدفاع عن نفسها باتت أشبه بمقدسات أكبر من المقدسات الإنجيلية والتوراتية”.

دبسي: غزة تتعرض لمحرقة بأدوات حديثة والشرعية الفلسطينية أكبر من فتح وحماس

وقال:” قوانين معاداة السامية نشأت عقب مجازر ارتكبت بحق اليهود في أوروبا لضبط شعوبهم وليس لضبط الشعوب العربية والإسلامية، وبالتالي يدفعوها بمواجهتنا اليوم على اعتبار أننا معادين للسامية، وهذه أكبر جريمة انسانية وأخلاقية ترتكبها أوروبا وأميركا بحقنا ولا نعرف كيف نرد عليها”.

أضاف:” نحن ضحايا هذا القانون الذي هو بالأساس منصوص لردعهم ونفتقر لامكانية الرد على اتهاماتهم”.
ولفت دبسي الى “أننا في عقلنا الفلسطيني والعربي ليس لدينا مفهوم أن الدولة فوق السلطات، وبأنها حاملة شرعية كيانه وحمايته”، وقال:” الشرعية الفلسطينية ليست السلطة الفلسطينية أو الكيانات المؤسساتية، بل هي المخزون المتراكم منذ بدء الصراع ضد الانتدابين البريطاني والصهيوني وانطلاق المقاومة منذ ذلك الحين والنضال التاريخي”.

أضاف:”مع اعادة بناء الشرعية مع منظمة التحرير بدأنا اعادة الوصل بمراكمة الشرعية الفلسطينية”.

وتطرق دبسي الى “فترة الكفاح المسلح وانتفاضة الحجارة وصولاً لانتاج دولة فلسطينية”، وقال:”الدفاع عن الشرعية الفلسطينية يعني الدفاع عن كل المخزون الفلسطيني من لحظة البدء بالتعبير الذاتي وما وصلنا اليه من بناء مؤسساتي وحضور رسمي قانوني في المجتمع الدولي”.

أضاف: “عندما انتصرت حماس في الانتخابات، قلت أنه كان عليها أن تقوّم اعوجاج فتح لتطوير النظام السياسي الفلسطيني، وهي عليها أن تواجه 3 شرعيات، الشرعية الفلسطينية والشرعية العربية والشرعية الدولية، واذ لم تندمج بالشرعية الفلسطينية التي ستحملها الى الشرعية العربية التي بدوها ستنقلها مع الأولى الى الدولية، فيعني أن ذلك سيؤدي الى الكارثة”.

وتابع:” للأسف الكارثة حصلت والإنقلاب الحمساوي الذي حصل بعد سنة من انتصارهم بالإنتخابات أدى الى ما يحصل، وهم انقلبوا على أنفسهم قبل فتح والشرعية”، مشيراً الى “أن ذلك أراح اسرائيل وبات هناك سلطة فلسطينية ضعيفة لا تشكل شريكاً للسلام وأخرى واقعية متهمة بالإرهاب ويدفع الفلسطينيون ثمن ذلك”.

واعتبر أن “كل ذلك يفسر وجود سلطة عاجزة بفعل مسار اشترك به الطرفان، ففتح لم تعرف كيف تجمع شمل القوى الفلسطينية، وحماس لم تدرك اهمية وجودها داخل الشرعية الفلسطينية “.

وقال دبسي:” حماس فشلت في تكوين منظمة تحرير بديلة وتريد الدخول من باب اليد الطولى واعادة خلق توازنات جديدة، وما عملية طوفان الأقصى إلا دليلاً على ذلك”، لافتاً الى “أن الوصول الى موقف فلسطيني مشترك وسلطة مشتركة يتطلب من الطرفين في لحظة سياسية كالتي نحن فيها الإجابة على سؤال كيف يمكن ادارة المعركة وشلال الدم لا يتوقف”.

وشدد على “أنه في هذه المعركة المفتوحة التي لا جدول زمني لها لتدمير قدرات حماس، يتعرض قطاع غزة لمحرقة بأدوات حديثة”، لافتاً الى “أن الشرعية الفلسطينية أكبر من فتح وأكبر من حماس لأنها تدافع عن المشروع الوطني الفلسطيني بكل إنجازاته، وإنتاج وحدة وطنية فلسطينية تتطلب وحدة مجتمعية وبدون السعي في هذا الاتجاه نكون ندور في فراغ”.

نقاش ومداخلات


بعد اسهاب المتحدثين في تحليل الواقع الفلسطيني ونزيفه وصولاً الى الحرب القائمة، كان نقاش مع الحضور تخلّله مداخلات وتساؤلات حول ما يجري على أرض غزة وانعكاساته على لبنان، فسأل الدكتور علي خليفة “عن تأثير ايران على حماس في الإقدام على خوض الحرب وامكانية السير نجو دولة فلسطينية ات سيادة”.
ورأى العقيد حمزة خلف “أن اسرائيل تملك عدة مشاكل أهمها الجغرافيا والديمغرافيا، معتبراً أن جر لبنان الى مرحلة التهلكة”.
وأوضح عامر خليل “أن ما يجري في فلسطين ولبنان يستوجب مراجعة نقدية”، مشيراً الى أن “حماس تلتقي مع دول وتختلف مع أخرى ولا يمكن الحسم أنها محسوبة على ايران”.
من جهته، أكد كفاح فرحات على “أن وقوف ايران ضد شيعة ناغورني كاراباخ في المعركة بين أذربيجان وأرمينيا يوضح حقيقة الفكر الإيراني”.
وفي تعقيب على المداخلات، شدد قانصو على أنه “نتعامل مع حماس مكون فلسطيني ولكن التنبيه يكمن من خياراته، وبالتحديد الخيار الإيراني وتداعياته على القضية الفلسطينية خطيرة جداً”، مشيراً الى “حزب الله يتصرف بغياب الدولة وهو من يقرر الولوج الى الحرب أو عدمه”.
من جهته، اعتبر دبسي “أن المرحلة معقدة ومفتوحة على كل الإحتمالات في ظل حمام الدم”، لافتاً الى “أن المطلوب من فتح وحماس تشكيل حكومة وطنية وانهاء الخلافات”.
بدوره، شدد الأمين على “أن الحالة الفلسطينية تتشابه مع الحالة اللبنانية”، مشيراً الى “أن حزب الله لم يبادر الى تشكيل حاضنة وطنية على مستوى التداعيات وسياسته في هذه المرحلة التي تكشف كيفية ادارته الشأن السياسي واستئثاره بقرار السلم والحرب “.

السابق
نصرالله يجمع «أركان الحرب» الإيرانية في غزة..وتحذيرات دولية جديدة من «المغامرة الجنوبية»!
التالي
هل «ينتصر» محور «الممانعة» لدماء «حماس»؟!