لا صوت يَعلو فوق صوت..«عبد اللهيان»!

علي الامين
في موازاة تراجع قرع طبول "الحرب الشاملة"، يتحول وزير الخارجية الإيراني "الشمولي" أمير عبد اللهيان الى "مايسترو" محور الممانعة، و"مدبرها الإلهي"، على حساب الأمين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي ينفذ أمر العمليات الإيراني بحدوده الموضوعة "المتواضعة" على جبهة الجنوب، وسط تحولات وضوابط إقليمية ودولية، تحاول إبعاد كأس الحرب عنها.

ليس الجنرال قاسم سليماني ولا السيد حسن نصرالله، من يتصدر محور “الممانعة” في الميدان، ولا حتى وريث سليماني في “فيلق القدس”، الذي لا يكاد الكثيرون يتذكرون اسمه، بخلاف ما كانت عليه شهرة سلفه.

من الواضح جلياً انه ليس كل هؤلاء، بل هو وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان، الذي من يتولى اليوم قيادة الدفة، وهو من يُنصت اليه دولياً واقليمياً واسرائيلياً لفهم موقف هذا المحور، في سياق المواجهة التي تجري على ارض غزة واحتمالاتها، لا سيما في مسار ومصير الجبهة الجنوبية في لبنان، فضلا عن بقية ساحات المحور.

تقدم عبد اللهيان المشهد، بعدما اكدت ايران من خلال موقف المرشد السيد علي خامنئي، رفض الحرب الاقليمية، من خلال رفضه زج اسم ايران ب”طوفان الاقصى”، وما تلاه من مواقف لعبد اللهيان ولمندوب ايران في الامم المتحدة، والتي تصب في مجملها في عدم توسعة الحرب وحصرها في غزة.

وهذا كله بالتأكيد، يأتي متناغماً ومنسجماً مع موقف الادارة الاميركية، التي ترفض توسعة دائرة الحرب، وتؤكد على ان لا دلائل على تورط ايران في هذا “الطوفان”، كما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن.

وما يرسخ هذه الوجهة، اي عدم توسع المواجهة خارج غزة، ما قاله أيضاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته الصين، “ان القوى الاقليمية متفقة على حصر الصراع في غزة”، وهو موقف ينطوي على استياء من ايران، التي كان يراهن علي ان تخفف الحرب الاقليمية، ضغوط الحرب التي يخوضها في اوكرانيا، بحسب بعض المؤيدين لروسيا.

لا اهتزاز عميق في المعادلة الاميركية-الايرانية ولا زالت المواجهة في جنوب لبنان في اطار التوتير والتصعيد “التكتيكي” تحت سقف عدم توسعة الحرب

الرسائل الساخنة هو ما يمكن ان يوصف عليه الحال على الحدود بين “حزب الله” واسرائيل، وهي قد تحتمل ان تقوم اسرائيل بتوجيه ضربة على مطار بيروت بذريعة ما، ويمكن ان يرد الحزب بما هو أشد مما يقوم به عسكريا اليوم، ولكن ذلك لن يخل بالتفاهم القائم بين ايران واميركا، اي عدم الذهاب الى حرب اقليمية، و التي لا يريدها بايدن كذلك، بسبب المرونة في علاقته مع ايران.

لا اهتزاز عميق في المعادلة الاميركية-الايرانية، ولا زالت المواجهة في جنوب لبنان، في اطار التوتير والتصعيد “التكتيكي” تحت سقف عدم توسعة الحرب.

إقرأ أيضاً: بعد اميركا وكندا واستراليا والسعودية..المانيا تطلب من رعاياها مغادرة لبنان!

وما يعزز من هذا الواقع، هو ما يطرحه مراقبون عسكريون، بالقول ما مفاده، ان قوة “حزب الله” الرئيسية هي في سوريا وليس لبنان، وان اي تغيير في سحب القوات او تعديل انتشارها، لم يظهر خلال الحرب الجارية، فلا “حزب الله” اتى بقوات من سوريا الى لبنان، ولا دفع بجزء منها، نحو الجنوب السوري على مقربة من الجولان، فيما القيادة السورية ليست في وارد الانخراط في حرب لاسباب شتى، من دون ان تغييب الموقف الروسي، الضامن لقواعد الاشتباك مع اسرائيل في سوريا.

عدم حماسة ايران للحرب مع اسرائيل يفسر غياب نصرالله وتقدم عبد اللهيان المشهد، الأمر الذي جعل من نصرالله مشاركاُ في إدارته ورسمه.. لا “صنعه”!

في المقابل، على رغم المعلومات الدبلوماسية الغربية، التي تشير الى محاولات رئيس حكومة الحرب في اسرائيل بنيامين نتنياهو، إستثمار الالتفاف الغربي حول اسرائيل، لدفع المواجهة نحو حرب اقليمية، من خلال حديثه المتكرر عن حرب طويلة، فان ذلك يأتي في سياق محاولات يائسة، لاستنقاذ نفسه من الموت السياسي، الذي ينتظره بعد الحرب، عبر ابتزاز الادارة الاميركية باطالة حرب غزة، وربط نجاحها بحرب تشارك فيها واشنطن على الجبهة الشمالية.

على ان ذلك ورغم براعة نتنياهو السياسية، فان المشهد في غزة لم يعد اسرائيلياً فحسب، بل بات مشهداً دولياً لا تتحكم به اسرائيل وحدها، علما ان قبضة نتنياهو على الجيش تراجعت، والقرار العسكري والامني لم يعد في يده وحده، بل تجاوزته الاحداث في الداخل، فضلا عن غرفة العمليات الاميركية، التي تثمر اسرائيل في مشروع واشنطن وليس العكس. فنتنياهو لم يعد الآمر الناهي، بل واحد في تركيبة متعددة سواء في الداخل او غربياً.

رغم براعة نتنياهو السياسية فان المشهد في غزة لم يعد اسرائيلياً فحسب بل بات مشهداً دولياً لا تتحكم به اسرائيل وحدها

خلاصة المشهد المتحرك، انه تحت سقف عدم الانجرار الى حرب اقليمية، ولا شك ان العديد من الكوادر العسكرية في “حزب الله”، التي كانت متحمسة لخوض الحرب التي تتحضر لها مع اسرائيل، تشعر باحباط اليوم، بسبب الموقف الايراني، الذي لا يرى مصلحة فيها اليوم، وهذا ما يفسر غياب نصرالله عن الصورة، وتقدم عبد اللهيان المشهد، الأمر الذي حوّل نصرالله الى مشارك في إدارته ورسمه.. لا “صنعه”!

السابق
بعد اميركا وكندا واستراليا والسعودية..المانيا تطلب من رعاياها مغادرة لبنان!
التالي
إخلاء المحاصرين الـ9 برصاص الجيش الاسرائيلي قرب موقع العبّاد الى حولا!