بالصور: بحر صور يغادره رواده.. و«يحتله» عشاق الصباحات الدافئة!

يجمع مستثمرو الخيم البحرية، عند شاطىء صور الجنوبي، المواد المستخدمة في تجهيز الخيم، ومنها الأخشاب وحصر القش والكراسي والطاولات وغيرها، لتوضيبها في بيوتهم ومحالهم ، لتعود مرة ثانية إلى الشاطىء للخدمة ، مع مطلع ايار المقبل، وذلك بعدما ودع هذا البحر عشرات الألوف الذين إجتاحوا الشاطيء الجنوبي على مدى أربعة شهور ماضية متتالية.

ومع هذا الرحيل القسري، المرتبط بقدوم فصل الشتاء وعودة التاس إلى اعمالهم ومدارسهم ومغترباتهم ، في جهات العالم الأربعة ، يملأ بضعة عشرات، من هواة وعشاق البحر ، بقعة صغيرة دافئة، يحرسها سنسول صخري من الغرب ومدى آخر جنوبي يتجه صوب فلسطين .

في تلك الرقعة، تحول السابحون والسابحات ، القادمين مع بزوغ الفجر ، حتى في أيام المطر والبرد الخفيفين ، من صور المدينة والقرى المزروعة على أطرافها ومنها، قانا، حناويه، العباسية، طيردبا، طورا، الرمادية، ومعركة، وعيتيت ، إلى عائلة واحدة ، يتفقدون بعضهم البعض ، كما يتفقد المعلمون تلامذتهم في صفوفهم ، في حالتي الحضور والغياب ، يتسامرون وينشدون العتابا ، على انغام صوت الموج الهاديء .

فالبحر بالنسبة لهؤلاء ، وغالبيتهم من المتقاعدين والمتقدمين في السن، وقاصدين صور ومنطقتها من مغتربات أفريقيا، قد صار مساحة يومية ، يفتحون بها نهاراتهم ، المكدسة بهموم الحياة وتعب السنين .

ينزل ابو صبحي ٨٥ عاما يوميا ، من قريته الشهابية ، التي تبعد اكثر من عشرين كيلو متر عن بحر صور، حيث داب على هذا المنوال منذ اكثر من ٢٣ عاما دون إنقطاع، يرى في البحر ملاذا آمنا وحنانا ، يطلق صدى صوته في فضاء البحر ، الذي يتلقفه زملاؤه ، فيتماهون
معه غناء وادعية .

ينسجم ابو علي ٧٥ عاما القادم من العباسية ، مع ابو صبحي وأبو احمد وأبو نبيل وإبراهيم وبديع وعلي وأبو عباس وخليل ومحمد وجمال وآخرين صاروا جميعا من عشاق البحر ومبتغاه ، فيرمون به اوجاعهم وافراحهم ، فيبقى امينا حافظا لاسرارهم .

بينما تجد زينب ومهى ومريم اللواتي تغزين البحر في اواخر الصيف مرورا بالخريف ، منذ عقد متواصل، راحة كاملة ، في المجيء إلى بحر صور ، حيث يغيب الصخب والضجيج ، ويحل مكانهما همس المياه المترقرقة.

وقد أصبح لرواد البحر الصباحي، الذين يجتمعون على فطور ويحتسون الشاي والقهوة، فيما يحضر بعضهم ما توفر من “حواكيرهم” المغروسة بالتين والعنب والصبار، اصبح لهم غروب على الواتس اب يطلقون عليه ( عشاق البحر ) ينشرون صورا يومية توثق حياتهم مع البحر . فيما تتنقل طيور الغراب والحمام، على ما تبقى من اوتاد خشبية ونبش بقايا الاطعمة بين حبات الرمل الذهبية، الذي يذيع صيتها في أرجاء العالم.

السابق
«لا عمولات على الودائع».. تعميم هام لـ«المركزي»!
التالي
بعدسة «جنوبية»: لتفادي الدخول في أيّ صراعات.. ⁧‫جنبلاط‬⁩: نؤيد الحراك السلمي